«فاينانشيال تايمز»: آل «ترامب» وآل «سعود».. علاقة تقوض النظام العالمي

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 3437
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

منذ جاء «ترامب» إلى البيت الأبيض، ظهر ذلك التقارب بين «ترامب» وآل «سعود»، لكن التقارب بين «دونالد ترامب» الرئيس الأمريكي، و«محمد بن سلمان»، ملك المملكة العربية السعودية بحكم الأمر الواقع، يتجاوز الصورة المشتركة لـ«الديكتاتور الأنيق».

وتعد العلاقة السعودية - الأمريكية جوهر الدبلوماسية «الترامبية»، ويرمز ازدهارها إلى اضمحلال النظام العالمي بقيادة الولايات المتحدة.

ويعتبر نهج «ترامب» في العلاقات الخارجية مزيجا من علاقات الأسرة والمال والضعف أمام الإطراء، وقد تعهد رئيس الوزراء الياباني، «شينزو آبي»، بمبلغ 50 مليون دولار لمبادرة «إيفانكا ترامب»، المبادرة المالية لرائدات الأعمال، وهي من ضمن جهود البنك الدولي لإغراء العائلة الأولى في أمريكا.

واستضاف «آبي»، الذي كانت أول هدية منه للسيد «ترامب» عصا للجولف مطلية بالذهب، استضاف «إيفانكا» في طوكيو قبل وقت قصير من فوز والدها بالانتخابات.

وقبل 6 أشهر، أصبحت السعودية والإمارات العربية المتحدة أول المانحين لخطة «إيفانكا»، بمنحة تبلغ 100 مليون دولار، والآن جاء دور الصين لاستضافة «ترامب»، وقد وافق رئيسها، «شي جين بينغ»، على موجة من العلامات التجارية لـ«إيفانكا» قبل وقت قصير من لقاء والدها لأول مرة في «مار إيه لاغو»، في وقت سابق من هذا العام.

وتتنافس الحكومات في جميع أنحاء العالم لشراء ولاء العائلة الأولى بالولايات المتحدة، لكن السعوديين هم من أتقنوا هذا الفن، وليس من قبيل المصادفة أن الرياض كانت الوجهة الخارجية الأولى لــ«ترامب» بعد أن أصبح رئيسا، وكان دافعه واضحا.

وكان السعوديون قد وافقوا على عقد أسلحة بقيمة 110 مليارات دولار مع الولايات المتحدة، وهو بالضبط ما كان يسعى إليه «ترامب»، لكن العقد يتألف في معظمه من خطابات النوايا الحسنة، ومن غير المرجح أن تتم المملكة أيا من البنود الكبيرة، وتشمل هذه البنود سفنا بحرية أمريكية لم يتم بناؤها بعد، ونظام الدفاع المضاد للصواريخ، الذي لم يعد السعوديون قادرين على تحمله.

وقال «بروس ريدل»، وهو مسؤول سابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في الشرق الأوسط، إن الانتصار الذي أعلنه «ترامب» بفوزه بالعقد بقيمة 110 مليارات دولار، كان أقرب إلى كونه «صفقة وهمية»، لكن السعوديين أعطوا «ترامب» ما أراده، قائمة تسوق قابلة للتداول، أموالا مباشرة لمبادرة ابنته، وترحيبا كبيرا على السجاد المذهب، والهدف المتبادل المتمثل في محو إرث «باراك أوباما»، ويسدد «ترامب» الآن المقابل للسعوديين.

ويوم السبت من الأسبوع الماضي، بدأ ولي العهد «محمد بن سلمان» عملية انتزاع للسلطة، شملت اعتقالات لرجال آخرين من الأسرة المالكة، ولقي واحد منهم على الأقل مصرعه في حادث مشكوك فيه، وكتب «ترامب» على «تويتر» أن ولي العهد ووالده «يعرفان ما يفعلان».

وجاءت عملية التطهير بعد زيارة قام بها إلى المملكة الشهر الماضي «جاريد كوشنر»، صهر «ترامب»، الذي قضى نصف ليلة لمناقشة الاستراتيجية مع ولي العهد، كما يعمل «ترامب» بدوره على إضعاف اتفاق «أوباما» النووي مع إيران، الذي يكرهه السعوديون، كما دعم أيضا مقاطعة قطر، التي يقودها الأمير السعودي الشاب، ويرجع ذلك جزئيا إلى العلاقات الوثيقة بين الدوحة وطهران.

 

مخالفة للسياسة الأمريكية

ومن غير الواضح ما إذا كان «ترامب» على علم بما أطلق له العنان، أو ما إذا كان يهتم بالعواقب، ولكن دعمه لـ«بن سلمان» يخون مبدأين للسياسة الخارجية الأمريكية؛ الأول، هو إشعال حرب دينية، وقد أصبحت أمريكا «ترامب» الآن على الجانب السني من الصراع السني الشيعي الإقليمي، وقد تكون المأساة التي خلفتها السعودية في اليمن، والتي أودت بحياة الآلاف من المدنيين، نموذجا لما هو آت، ولا يظهر «ترامب» أو الولايات المتحدة في عهده أي اهتمام بالاستقرار في الشرق الأوسط.

والثاني هو منح الضوء الأخضر للاستبداديين الشعبويين، وليس هناك أغنياء يستحقون التحقيق في فسادهم أكثر من أعضاء الأسرة المالكة السعودية، لكن ذريعة ولي العهد ليست أكثر مصداقية من حملة السيد «شي» في الصين، أو تعهد «ترامب» بتطهير المستنقع في واشنطن.

وهذه هي الأوساط التي يصبح الفوز فيها بالتصفيق الشعبي بتشويه المنافسين، ولا توفر تسميات النظام مثل الاستبداد والديمقراطية سوى القليل في توجيه سياساتها الخارجية، وتعاني السعودية والصين وروسيا وتركيا وغيرها من تمجيد القيادة، لكن الصدمة العالمية هي أن يصبح زعيم أمريكا من بين هؤلاء.

فهل يمكن إعادة رقعة الشطرنج إلى وضعها الأولي؟ هذا أمر مشكوك فيه، ومن الجدير بالذكر ما فعله «ترامب» في طريقه إلى آسيا، أهم رحلة له كرئيس، وكان من المفترض أن يدلي ببيان واضح حول قيم أمريكا وتحالفاتها، لكن المتحدث باسم البيت الأبيض قال إنه بدلا من ذلك توقف في فندق «ترامب» في هاواي، الذي يحقق «نجاحا كبيرا».

وأظهر الرئيس أنه لا يستطيع التفرقة بين المصلحة الوطنية ومصالح أسرته التجارية، وكان هذا النوع من السلوك يمكن توقعه من ملك سعودي، وليس من رئيس الولايات المتحدة.

 

المصدر | إدوارد لوس - فينانشيال تايمز