أرامكو (للبيع) البقرة المقدّسة.. ليست مقدّسة كما ينبغي!
قانون جاستا سيف مصلت على الإستثمار في ارامكو وقد يبتلع ثمن أرامكو بسهولة!
محمد الأنصاري
التجاذب حول بيع حصة من الشركة الأكثر إنتاجاً للنفط في العالم (أرامكو) فتح الأبواب على نقاشات غير مسبوقة.
كانت الشركة بمثابة صندوق أسرار مغلق لا يعلم به سوى الراسخين في الفساد.
أما وقد طرحت فكرة بيع 5% من أصول الشركة في الأسواق العالمية، على أمل بيع نحو 49% خلال السنوات العشر القادمة.. فإن ثمة معطيات باتت مطلوبة للمستثمر وللمواطن الذي يشعر بأن واحدة من أهم مصادر ثروته السيادية سوف تتعرض للإختراق من قبل مستثمرين أجانب، والى النهب من الأمراء المحليين.
بلومبيرغ وتقديراتها المنخفضة لقيمة أصول أرامكو
البعض يصدر عن شعور وطني في موقفه من أصل فكرة البيع، ويطالب حد المناشدة بإلغاء الفكرة، والبعض الآخر يرى بأن كلفتها السياسية والسيادية أعلى من القيمة السوقية، وآخرون يرون بأن أرامكو تحوّلت الى ما يشبه البقرة المقدّسة التي لا يجوز المساس بها، وإبقاءها هكذا كما هي مصانة من التجاذبات الداخلية والخارجية أمرٌ ضروري، كونها تمثّل رمزاً وطنياً ومن أبرز تظهيرات السيادة.
وكان الناشط ورجل الأعمال الحجازي جميل فارسي، قد خاطب وزير التجارة ماجد القصبي إبان اجتماع الغرفة التجارية والصناعية بجدة في 10 فبراير الماضي، وقال له ما نصّه: (أتوسل إليك وإلى المسؤولين في البلد: لا تبيعوا أرامكو..لا 5% ولا 1%. ما نبيعه اليوم لا نستطيع استرجاعه غداً. لا تضعوا رقابنا تحت رحمة مستثمر أجنبي. إذا بعناها اليوم لن نقدر على استردادها غداً. أرجوكم تريثوا في اتخاذ مثل هذا القرار لأن هذا القرار مصيري. أقرب مثال لبيع أرامكو مثل دكتور لديه عيادة ناجحة، وجد الأسهم تأتي له بفلوس أفضل، فقرر بيع شهادة الطب والعيادة ويضع فلوسه في الأسهم).
الناشط الفيسكوبي ابراهيم الحضيره كتب خاطرة وجدانية في 21 فبراير الماضي، وصف فيها أرامكو بالأم تارة، وتارة أخرى بنهر الخير، والمورد الثابت الذي يبقي جسد الأمة سليماً ومتعافى.. واستعرض بشكل مقتضب سيرة ارامكو وتحوّلها من الأمركة الى السعودة، إذ بقيت أرامكو «الأم» بيد الشركات الأمريكية منذ عام 1938 مع انتاج بئر (الدمام 7)، وحتى عام 1980 حيث تمت عملية سعودة الشركة بصورة كاملة، وأصبحت شركة وطنية خالصة، من الناحية النظرية على الأقل.
كانت عملية تأميم دون ضجيج، بحسب تعبير الحضيره، وليس كما هو حال الدول التي ناضلت من أجل تأميم شركاتها النفطية عبر انتفاضات وعصيان جماعي.
السؤال كما يطرحه الحضيره هو: كيف وقد تحقّق استرجاع السيادة على ارامكو، العودة الى المربع الأول وهدم ما بني، وبالتالي فإن السماح للمستثمرين الأجانب، يعني تدريجاً مطالبتهم بالعضوية في مجلس الإدارة، وفي حال النزاع يصبح الطريق سهلاً الى المحاكم الدولية، كما في مثال نزاع الكويت مع شركة داو كميكال الأميركية والذي أدى في مارس 2013 الى أن تدفع الكويت 2.2 مليار دولار، والإطاحة برئيس شركة البترول الكويتي نتيجة انسحاب الكويت من مشروع مشترك.
وكحل، يقترح الحضيره بيع الحصة المقترحة للتداول العام في السوق المحلية وللمواطنين في الداخل، وليس في الأسواق العالمية.
مهما تكن التصوّرات، فإن ثمة معطيات جديدة تفيد بالمبالغة في النظر الى شركة (أرامكو)، وأن ما يقال عن قيمتها الإجمالية ليست سوى تقديرات غير واقعية، وأن ثمنها الحقيقي أقل بكثير مما هو في إطار المزاعم المطروحة.
من الضروري إلفات الإنتباه الى أن الكلام اليوم لم يعد عن بيع نسبة 5% من أرامكو، يراد طرحها في الأسواق العالمية. وبحسب الصحف المحلية في 24 ديسمبر 2016، فإن لدى وزراة المالية السعودية خطة لجهة التدرّج في توسيع طرح شركة أرامكو في الأسواق العالمية لتصل الى 49% من أسهم الشركة خلال عشر سنوات، بواقع 5% في كل عام.
وكما يبدو فإن الجدل المثار حول بيع حصة من أرامكو قد ترك تأثيراته المحفوفة بالهواجس والآمال الحذرة، بالنظر أولاً: إلى قابلية الشركة لأن تدخل السوق الاستثمارية بناء على المعطيات المعلنة، وثانياً: الى المخاوف من تداعيات البيع على السياسة الاستثمارية.
الرد الرسمي على رفض قرار البيع كان واضحاً ومعلناً، وهو ما عبّر عنه الوزير ماجد القصبي في رده على جميل فارسي بأن «الاقتصاد الوطني سيستفيد من بيع أسهم أرامكو».
هكذا ببساطة!
إنه قرار البيع إذن دون سواه.
ليست القضية مقتصرة على مجرد بيع أسهم، بل تتجاوزه الى إمكانية انفراط عقد الشركة المقدّسة، التي قد تدخل في إطار التجاذب الاستثماري، في وقت تشهد فيه الأسواق النفطية تقلبات حادة على مستوى الاسعار، وأيضاً على مستوى الأهمية والأولوية، بعد اكتشاف النفط الصخري والوتيرة المتسارعة لبدائل الطاقة، أي الطاقة البديلة وتاجها الوقود الحيوي.
بيع أرامكو لا يضمن استثمار أموالها وغرض البيع استرضاء الغرب
إن ما يشغل بال كثيرين في المملكة أن بيع 5% هو في الاقتصاد كما هو في السياسة، وإن دخول المستثمرين الأجانب على الخط يعني تمكينهم من لعب دور في الاقتصاد المحلي، وأن الحكومة سوف تضطر لتقديم تنازلات من أجل إبقاء عنصر المرابحة قائماً، لإقناع المواطنين بجدوى البيع، برغم من أن النقاش غير العلني أو المحدود في بلد يحرم فيه المواطنين من النقاش المفتوح والعلني للملفات السيادية، يفيد بأن الموقف لا يزال سلبياً.
ما يلفت أن النظام السعودي، كما في موضوعة حماية العرش حيث يستعين بتحالفات خارجية أميركية وأوروبية، يطبق ذات المبدأ في الاستثمار أيضاً. وبدلاً من طرح الـ 5% أمام المستثمرين المحليين، فإنه يقوم بعرض أمام أطراف أجنبية، وهذه الأطراف ليست بعيدة عن دوائر القرار، سواء في الولايات المتحدة أو أي من الدول الأوروبية..
يلوذ أنصار الانفتاح على المستثمرين الأجانب بدعوى أن الداخل غير قادر على توفير تريليوني دولار لشراء 5% من أرامكو، وهذا الكلام غير صحيح، بالنظر اولاً ان قيمة الخمسة بالمائة، لا تزيد عن 25 مليار دولار (تقدير سعر ارامكو هو 450-500 مليار)، وقد أثبتت السوق المحلية قدرتها الاستيعابية في فترات سابقة، على استيعاب هذا المبلغ.
ولكن الكلام ليس هنا، هل فعلاً أن 5% تعادل تريليوني دولار، كما زعم محمد بن سلمان، صاحب رؤية السعودية 2030، فيما يعارض كثيرون مثل هذا التقييم ويرونه مبالغاً جداً.
وفي التقدير للقيمة الاجمالية لشركة أرامكو، وأي شركة نفطية مماثلة، ينظر عادة الى:
ـ سعر البرميل الحالي والتوقع المستقبلي للسعرـ ارتفاعاً وانخفاضاً.
ـ كمية المخزون النفطي لدى الشركة.
ـ التغيرات المناخية التي تجعل من السلعة وسعرها عرضة للتغيّر.
وكانت مجلة المال والنفط الصادرة عن مؤسسة نيويورك تايمز الصحافية قد نشرت في 5 أكتوبر 2016 أن الاحتياطي النفطي الثابت في السعودية هو 261 مليار برميل، وهو مستوى حافظت أرامكو عليه لسنوات ـ وسوف يخضع لمدققين مستقلين للتحقّق من صحة هذا المعدل، ومتطلبات الإفصاح الصارم المطلوبة من قبل أسواق أجنبية رئيسية مثل نيويورك، ولندن، وهونج كونج، أو طوكيو، في حال قرر السعوديون تطبيق قوائم متعددة.
فورين ريبورت الأميركية، وهي شركة متخصصة في تقديم تحليل للتطورات السياسية في الشرق الأوسط وتأثيرها على أسواق النفط العالمية منذ العام 1956، قدّرت القيمة السوقية لأرامكو بين 250 ـ 460 مليار دولار، مطروحاً منها قيمة أصول التكرير والمخزون الثابت من النفط والغاز.
نشير الى أن القيمة السوقية الحالية لأكبر خمس شركات نفطية ـ إكسون، وشل الهولندية، وشيفرون، وتوتال، وبي بي هو نحو تريليون دولار. ويصل انتاجها مجتمعة 15.5 مليون برميل يومياً، فيما تقدّر احتياطيها الاجمالية 82 بليون برميل، ولكن نصفها من الغاز، وهو أقل ربحاً من النفط، لاسيما النفط ذي الكلفة المنخفضة الذي تنتجه أرامكو.
حتى الآن، ليس هناك من مؤشرات مشجّعة على طرح أرامكو في السوق، للاعتبارات السالفة.
سلسلة هاشتاقات نشطت على موقع تويتر تعبّر عن معارضة بيع أرامكو، من أبرزها:
#الشعب_يعارض_بيع_ارامكو
#نطالب_بايقاف_بيع_ارامكو
#اخرجوا_لوقف_بيع_ارامكو
#الشعب_لن_يتنازل_عن_النفط
وهناك من بدأ يطرح مطلب فك الريال عن الدولار كجزء من حملة الاستقلال الاقتصادي التام عن الغرب.
إن القرارات الاقتصادية التي تتخذها الحكومة ولاسيما المتعلقة بالتحول الوطني وتطبيق رؤية السعودية 2030 ارتبطت بسياسة إقتصادية صارمة تقوم على زيادة في الضرائب، وإلغاء البدلات، واستخدام مداخيل المواطنين كمصدر رئيس لتعويض خسائر الدولة، الأمر الذي يجعل الكثير من المواطنين ينظرون الى أي قرار تقدم عليه الحكومة لا سيما في مجال الاقتصاد والتجارة على أنه منذر بخسائر لهم على المستوى الفردي.
إن جمع المال وتوظيفه في المشاريع الاستثمارية ليس هدفاً مضموناً، ببساطة لأن الخلاف يتصاعد حول القيمة الاجمالية لشركة أرامكو، وكما أسلفنا فإن التقديرات لا تتطابق ولا حتى تقترب من الرقم المعلن، أي ترليوني دولار. وبحسب تقرير وكالة (بلومبرغ) في 24 فبراير الماضي فإن محللين ومستثمرين ومديرين تنفيذيين في المجال النفطي، أكدوا أن قيمة أرامكو لا تساوي أكثر من 50% من المبلغ الذي سبق وأن قدرته السعودية (تريليوني دولار)، وقد يُحوّل هذا التقرير الكثير من مُؤيدي الطرح إلى معارضين، لهبوط سقف التوقعات كثيراً، والتي وصلت إلى 400 مليار دولار وفقًا لتقدير شركة (وود ماكينزي ليميتد) المتخصصة في استشارات النفط بالعاصمة البريطانية لندن.
رؤية عمياء لشاب جاهل نزق بيده مقدرات الدولة الإقتصادية والعسكرية،
يقرر بيع البطة التي تبيض ذهباً (ارامكو)!
لم يبتعد الرقم سالف الذكر عن التقدير الذي وضعه عمر المنيع، المحاضر في قسم التمويل والإستثمار في جامعة محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، والذي قدّره بأقل من ذلك، أي 384 مليار دولار، وذلك بسبب استقطاع الحكومة السعودية 20% من إيراداتها على شكل عقد امتياز، فضلًا عن ضريبة من صافي الدخل تقدر بـ85%، ولكن إذا وصل معدل الضريبة إلى صفر، فإنّ قيمة الشركة سترتفع إلى ما يزيد عن 2.5 تريليون دولار، وفقًا للمنيع.
من جانبها، سعت شركة أرامكو الى تبديد الانتقادات، ووصفت المعطيات السابقة على أنها مجرد «شائعات» و»تكهنات»، برغم من أن الكثير من التخمينات تتضمن هي الأخرى تضخيماً لحجم الشركة «التي لم تفصح أبداً عن وضعها المالي الذي يحتمل أن يكون قد اقتطع منه معدل الضريبة قبل العرض المبدئي للاكتتاب العام، فإن هذه الفجوة في تقييم ثمنها يكشف المصاعب التي قد تواجهها السعودية في التحضير لحقبة ما بعد النفط»، على حد بلومبرغ.
وقد بدأت الشكوك حول حجم «أرامكو» تظهر من داخل الحكومة السعودية نفسها، إذ نقل مصدر مقرب من الشركة، لوكالة بلومبرغ، رفض ذكر اسمه، أن «أرامكو» في وضعها الحالي من المحتمل ألا تصل قيمتها إلى حوالي 500 مليار دولار، لأن الكثير من سيولتها النقدية يذهب للضرائب، وليس للمستثمرين المستقبليين أي أن المشاركة في القطاعات الاستثمارية غير محورية. وقال آخر على صلة بأحاديث الاكتتاب العام بأن قيمة الشركة ستكون أقل من تريليون دولار في حالة قيّم المستثمرون الشركة على أساس قدرتها على جني المال.
وفي النتائج، فإن بيع 5% من أسهم الشركة سوف يجمع على الأقل 25 مليار دولار، وهو مبلغ ما يزال كافياً للمقارنة مع طرح مجموعة علي بابا القابضة للاكتتاب العام الذي ليس له مثيل عام 2014، والذي أدر على المستشارين المأجورين ملايين الدولارات ومنهم شركة جي بي مورغان تشيس الاستشارية، وشركة موليس وشركاه، والمستشار المستقل مايكل كلاين.
إلى ذلك وضع التقييم الذي بلغ 2 تريليون دولار أولاً من قبل ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في مارس الماضي. لكن كانت هناك مشكلتان وفقاً لمقابلات مع عشرات محللي الأعمال، المستثمرين والتنفيذيين الذين طلبوا عدم ذكر أسمائهم بسبب حساسية الموضوع. وبذلك فإن الحجم السوقي لشركة «أرامكو» قد يعاني ليصل لحجم شركتي أبل وشركة غوغل المصنفتان كأكبر شركات العالم.
المشكلة الأولى هي أن الأمر يرتكز على حسابات بسيطة، فخذ بالحسبان الـ261 مليار برميل التي تقول السعودية إنها تشكل إحتياطي حقول النفط لديها في البحر مثل حقل «السفانية»، وفي البر مثل حقل «الغوار». واضرب هذا الرقم بـ8 دولارات، وهو مؤشر يستخدم لتقييم ثمن المخزونات، بهذا يمكن لمحاسب مستقل أن يقيّم احتياطي السعودية من النفط، ثاني أكبر احتياطي في العالم، قبل الاكتتاب العام.
المشكلة الثانية التي تثير الشكوك في تقييم السعودية لقيمة الشركة هي مركزية الضرائب وسياسة توزيع الأرباح. حيث أن (أرامكو)، التي تعرف رسمياً بإسم شركة النفط العربية السعودية، تدفع 20% كرسوم امتياز على الأرباح، و85% كضريبة دخل. اقتطاعات بهذه الضخامة تقلل حصة المساهمين من الأرباح، ما يجعل الشركة غير جذابة للمستثمرين الأجانب.
في ضوء هذه الشكوك المشروعة والنتائج المخيّبة، يأتي السؤال حول مستقبل النفط، ووفق آلية التقييم هذه، ستكون قيمة منتج النفط الروسي روزنيفت السوقية 272 مليار دولار بدلًا من 64 مليار، وسيكون تقييم شركة أكسون موبيل، أكبر منتج للطاقة التجارية شهرةً، أقل بـ53% من قيمتها الحقيقية.
يقول المدير التنفيذي لشركة توتال في السعودية باتريك بويان للمستثمرين في مؤتمر 9 فبراير الماضي: «لم أكن أعلم أن قيمة شركة نفط هي عدة أضعاف لاحتياطيات هذه الشركة». وأضاف بأن هناك عدة عوامل يجب «استثناؤها» قبل «أن نعرف ما هي القيمة الحقيقية» لـ «آرامكو».
ويفترض المنطق أيضاً أن النفط السعودي سينضب بعد 73 سنة إن استمر معدل الضخ على ما هو عليه الآن، وسيكون متوفراً لعدة عقود أخرى إن انخفضت شهية العالم لزيادة الاحتباس الحراري العالمي وتقليل استهلاك الوقود الكربوني.
وبالنظر الى تقييم وود ماكينزي المحدودة فإنه لم يأخذ في الحسبان إنخفاض الإنتاج، أو تكاليف عمليات تكرير النفط. وتوصّل إلى أن حجم أعمال الشركة يقارب قيمة شركة فاليرو للطاقة في تكساس، والتي لها قيمة سوقية تبلغ 30 مليار دولار.
لذا، إن قام المدير التنفيذي لشركة «آرامكو» أمين ناصر بتنفيذ خططه التي كشف عنها في مؤتمر دافوس في يناير الماضي بتخفيض معدل الضرائب «بحيث تصبح مشابهة للشركات المسجلة»، فإن تقييم وود ماكنزي قد يصبح أكثر.
إلا أن النظر إلى تخفيف الضرائب محدود لأن النفط هو المنبع الأساسي لميزانية الحكومة التي تبذل كل ما بوسعها لاستقرار الموازنة بسبب انخفاض أسعار النفط عالمياً.
ولا يمكن إغفال العامل السياسي في هذا الشأن، إذ يميل التجّار لطلب خصومات من الشركات التي تقع في دول تحيط بها مخاطر سياسية. فمثلًا تسببت فضيحة فساد في البرازيل بهبوط أسهم شركة بتروليو برازيليرو إلى أدنى مستوى وصلته منذ 16 عام خلال العام المنصرم.
وفي الوقت ذاته كان على المستثمرين في شركة روزنفت الروسية التعامل مع العقوبات المفروضة على روسيا والتي تضع حدّاً لكمية الإنتاج مقابل المنافسين الآخرين في الأسواق.
وليس من المحتمل أن يقوم مستثمرو آليانز غلوبال، والذين يملكون أسهماً في شركات الطاقة ومن ضمنها أكسون، وشل وبي بي، بشراء أسهم أرامكو في الاكتتاب العام وفقاً لمحلل الطاقة روهان مورفي. حيث قال: «لقد توصلنا بشكل عام إلى أن الاستثمار في شركات مرتبطة بشكل وثيق مع الدولة غير جذاب».
وبينما تعتبر السعودية مستقرة نسبياً في الشرق الأوسط الذي تعصف به المشاكل، إلا أنها ليست منيعة أمام المخاوف بأن القرارات المبنية على النفط ستتأثر أكثر بالظروف الجيوسياسية بدلًا مما هو أفضل للأقلية من المساهمين.
يجب أن لا نغفل هنا قانون جاستا الذي يخوّل عوائل ضحايا 9/11 لمقاضاة الحكومة السعودية في المحاكم الأميركية، والآثار المالية الهائلة المقدّر اقتطاعها من الأموال السعودية المستثمرة في الأسواق الأميركية، وهي، أي العقوبات المالية المتوقعة لصالح الضحايا والشركات وأثمان الحروب ومترتباتها، تتخطى، دون ريب، ترليوني دولار. وسواء تمّ السير في تطبيق هذا القانون أم جرى تجميده فإنه يبقى مصدر قلق لدى المستثمرين الذين سوف ينظرون الى القانون وكأنه مصوّب للأموال التي يضعونها في مشروع استثماري غير مأمون العواقب.