طي خليجي بريطاني امريكي لصفحة هادي رسمياً..
عبدالعزيز ظافر معياد
طي صفحة هادي رسميا ،كانت النتيجة الأبرز للقمة التي جمعت رئيسة وزراء بريطانيا بالقادة الخليجيين، على هامش اعمال القمة الخليجية الــ 37 ،التي عقدت في العاصمة البحرينية المنامة ،الأربعاء 7/12،اعقبه موقف امريكي يصب في ذات الاتجاه ،كما ان هناك عدد من النقاط التي تضمنها البيانين الصادرين عن القمتين الخليجية والخليجية البريطانية المشتركة ، تحتاج التوقف عندها، لما تحمله من دلالات ومؤشرات هامة فيما يتعلق بالأزمة اليمنية، وكما يلي:
-كان لافتا تجنب بيان القمة الخليجية أي إشارة لخارطة ولد الشيخ للتسوية السياسية في اليمن ،والاكتفاء بتأكيد مواصلة دول الخليج دعم جهوده ،في حين اختلف الامر في البيان المشترك الصادر مع المملكة المتحدة ،حيث تعهد الجانبان بالدعم المستمر للمبعوث الاممي، ولخريطة الطريق، مع الحرص على الإشارة بالنص الى ما تتضمنه من تراتبية الخطوات الأمنية والسياسية اللازم اتخاذها.
-يكشف ذلك عن موافقة دول الخليج وفي مقدمتها السعودية على خارطة ولد الشيخ بصورة مغايرة لموقف هادي وحكومته، وان كان ذلك تحت الضغط الدولي كما يفهم مما جاء في البيانيين حول هذه النقطة، لكن ما جاء في البيان المشترك يعتبر اول موقف خليجي معلن بدعم الخارطة رسميا، وما يعنيه من ان السعودية وحلفائها لم تعد متمسكة بهادي ونائبه علي محسن ،وتؤيد مقترح النائب التوافقي ،لكنها في الوقت ذاته ما تزال تؤكد على التنفيذ التراتبي لبنود الخارطة وليس الترتيب التزامني ،ويبدو ان ذلك راجع الى عدم رغبتها في تقديم تنازل مجاني للطرف الاخر وترك التفاهم بشأنه حتى العودة الى طاولة المفاوضات وتعديلات اللحظات الاخيرة.
-تخلي السعودية ودول الخليج عن هادي يؤكده مضمون الرسالة التي بعثت بها حكومته الى مجلس الامن الدولي عبر بعثتها في نيويورك، الاربعاء، والرسالة تكشف بدورها فشل هادي في اقناع ولد الشيخ احمد وسفراء الدول ال18 بوجهة نظره، خاصة ان ولد الشيخ احمد تجاهل الرد الى حد الان على التحفظات المكتوبة التي سلمها هادي له خلال لقاءه به في عدن الأسبوع الماضي ،ومن ثم فأن مخاطبة مجلس الامن هي خطوة تعبر عن حالة من اليأس ومحاولة التشبث بأي امل ينقذ هادي من تخلي الحلفاء عنه، ويشير الى صحة ذلك تصريح المتحدث باسم الخارجية الأمريكية مارك تونر خلال مؤتمر صحفي في ساعة متأخرة من مساء الأربعاء 7/12 ،حيث قال إن الولايات المتحدة تشعر بخيبة أمل من رد فعل حكومة هادي من خارطة الطريق، ودعاها للقبول بها.
-لم يتطرق البيان المشترك الى الموقف من تشكيل قوى صنعاء لحكومة بن حبتور بعكس بيان قمة المنامة الخليجي،الذي اعتبرته خروجا عن الشرعية الدستورية المعترف بها دولياً، ويضع العراقيل أمام التوصل إلى اتفاق سياسي ،وهو ما يظهر عدم التطابق التام في الموقفين الخليجي والبريطاني من حكومة بن حبتور ،ويبدو ان لندن ترغب في إبقاء الباب مواربا لإمكانية التعامل مع الحكومة مستقبلا في حال ظلت الازمة تراوح مكانها ،وتكرس وجود حكومتين يمنيتين مستقبلا.
– اعراب الجانبان عن تطلعهما للعمل معاً في إعادة إعمار اليمن بما في ذلك إعادة تأهيل الاقتصاد والموانئ البحرية والخدمات العامة بعد التوصل إلى الحل السياسي المنشود، انما يكشف عن هدف رئيسي من التحرك البريطاني الحالي باتجاه دول الخليج ،والمتمثل في الجانب الاقتصادي، وسعي بريطانيا للاستحواذ على الجزء الأكبر من المشاريع التي ستخصصها دول الخليج ضمن عملية إعادة الاعمار في اليمن بعد توقف الحرب.
-يقابل ذلك التفاهم على مشاركة بريطانيا بدور رئيسي في عملية فرض حصار بحري على اليمن لسنوات طوال تعتزم السعودية فرضه تحت ذريعة منع وصول السلاح للحوثيين والقوات الموالية لصالح ، ونلمس ذلك في فقرة في البيان المشترك تحدثت عن تأكيد الطرفان التزامهما، بالشراكة مع المجتمع الدولي، بالسعي لمنع إمداد “الميليشيات الحوثية” وحلفائها بالأسلحة في خرق للقرار 2216 بما في ذلك الصواريخ المضادة للسفن، والصواريخ الباليستية.
-من الواضح ان ذلك له علاقة بتوجه الرياض لإقامة قاعدة عسكرية في جيبوتي ،كما ان تكرار الإعلان عن احباط عمليات تهريب أسلحة الى اليمن ،والتي كان اخرها قبل نحو أسبوعين عبر تقرير أصدرته شركة دولية مقرها لندن، علاوة على تهويل متعمد لخطر الصواريخ الحوثية على سلامة الملاحة في باب المندب وخليج عدن ،واستمرار الرياض في اثارة قضية استهدافها بصواريخ باليستية والزج بالمقدسات الإسلامية في الموضوع ،كلها مبررات يتم اعدادها لإقناع مجلس الامن بها من اجل شرعنة الحصار البحري عبر تضمين القرار الدولي المقبل بشأن التسوية السياسية في اليمن به فقرة بذلك ،وفي حال لم تتمكن السعودية من ذلك لانعكاساته المدمرة على الوضع الاقتصادي والإنساني على اليمنيين، فستكتفي بما هو وارد في القرار 2216 بشأن منع وصول السلاح الى الحوثيين وحلفائهم لإضفاء شرعية على مواصلة قيام سفنها وبوارج حلفائها بعملية تفتيش السفن والتواجد قبالة السواحل اليمنية.
-كان الامر المثير للسخرية في بيان قمة البحرين الخليجية وما تلاها من تصريحات لكل من وزير الخارجية البحريني وعبداللطيف الزياني، التركيز على رفض دول المجلس لمسألة التدخل في شئون اليمن الداخلية ،وكذا الحرص على منع وقوع حرب أهلية في اليمن ،وكلا الامرين يتناقضان بشكل صارخ مع تدخل تلك الدول في شئون اليمن ،ودعمها المكثف لتفجير حرب أهلية بين اليمنيين.
-كما بدا جليا طغيان الطابع الانشائي والعبارات المتكررة على بيان قمة البحرين فيما يخص الموقف الخليجي من الملف اليمني، وبصورة تعبر من ناحية عن تململ خليجي واضح فيما يتعلق بطول أمد الأزمة اليمنية ،كما تعبر من ناحية أخرى عن برود كبير في رؤية الدول الخليجية وعدم اكتراثها لمستقبل العلاقة مع اليمن.
– لا ينسجم ذلك مع ما كان يؤمله البعض من أن القمة ستشهد نقلة نوعيه في الموقف الخليجي من اليمن وبالذات فيما يتعلق بمسألة اتخاذ خطوات عملية في طريق ضمها الى عضوية المجلس خاصة ان ذلك من شأنه تفعيل عملية ابعاد اليمن عن التأثير الإيراني سيما مع الاخبار التي كانت تتحدث عن مضي دول المجلس نحو انشاء اتحاد فيما بينها بعيدا عن سلطنة عمان والتكهن بإحلال اليمن محلها ،لكن أيا من ذلك لم يحدث مع بقاء الخلافات كما هي وترحيل مسألة الاتحاد الى قمة الكويت العام المقبل، وهذا الامر له علاقة بالعوائق التي عجزت دول الخليج نفسها عن تجاوزها لتعزيز اتحادها بصورة تتناسب مع تعاظم الاخطار والتحديات الكبرى المتوقع مواجهتها في السنوات المقبلة.