رسالة مفتوحة من لاجئ سوري إلى الملك سلمان

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2014
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

أحمد الحباسى

أنا ذات الطفل الذي رأيته و مثله ملايين أركب مع أهلي تلك الشاحنة القديمة المليئة ببعض الأغراض الرثة الممزقة لأنك أرسلت الإرهابيين التكفيريين الوهابيين الأنجاس يقتلون و يذبحون و يطردوننا من وطننا بلا ذنب لنصبح في لحظة بلا وطن و لا مأوى بل بلا مستقبل . أنا الطفل الخائف المرتعش من البرد و المبلل بعرق الشمس الذي يركب تلك الشاحنة المليئة بالأحزان و اللوعة و الألم ، فأنا فقدت والدي بعد أن ذبحه أبناء الظلام الملتحين الملوثين بالدم و أنا من فقدت والدتي لأنها دافعت عنى فقتلوها مكاني ، أنا من قررت أن احبس دموعي منذ تلك اللحظة و أصبحت عيني جامدة لا تبكى و لا تحس و لا تتألم . أنا الطفل الذي عرف مبكرا معنى الظلم و معنى العروبة الزائفة و معنى الإسلام المزيف و معنى أن تكون خادم الحرمين و خادم الصهاينة في آن واحد ، معنى أن أتشرد باسم دين تكفيري قذر يؤذى الأطفال و يقتل الكبار و يذبح الفضيلة و يشرع لقانون الغاب، فلا تسألني أيها الملك الخائن ما هذا الحزن و لا تتساءل ما حل بى من فاجعة و مصيبة . أنا أعلم أنك سبب شقائي و تعاستي و فقدان أهلي و ما يصيبني يوميا من خوف بالليل و النهار ، أنا متيقن أن هذا الجوع الذي يعصر أمعائي لا يتساوى مع ما أنت تعيش فيه من تخمة لكنني بشهامة و أنفة السوريين أحاول أن أتجاهل صراخ بطني حتى لا أعطيك فرصة للشماتة أو للاستهزاء من أبناء سوريا ، جاهليتك و كراهيتك لوطني لن تجعلني أنحني و سأقاوم ألم قدماي المتجمدتان و شعوري بالدوار من فرط الجوع و التعب حتى أصل إلى مرحلة من تلك المراحل التي وصلها شعبي من كراهية لنظامك و لبلدك و لإسلامك و لعروبتك . أنا أصبحت لاجئا أعيش تحت خط الفقر و تحت المطر الغزير وحين يتدفق السيل في تلك الخيمة الممزقة الأشلاء و نضطر إلى نيل حمام متواصل من الأمطار أفكر في أمي و في أبى لأستطيع مقاومة الخوف و أبقى واقفا للصباح حتى لا أنام فوق المياه الثلجية الباردة ، لا أدرى يا ملك الخيانة كم كرهتك و كم دعوت عليك و كم طلبت من الله الانتقام منك . في ذلك الظلام و في تلك اللحظات المليئة بملايين المشاعر الغاضبة الخائفة المترددة صدق أنني رأيت وجهك القبيح بوضوح ، رأيت عيون الغدر و اللؤم ، تنبهت في تلك اللحظات المريرة كم أنت شخص بلا أخلاق و بلا ضمير و بلا إنسانية ، تساءلت بعفوية الصغار كيف تنام و كيف تضح خدك على الوسادة و كيف تقابل الناس و كيف تصلى ، تساءلت كيف تفعل الشيء و ضده و كيف تكون لك تلك الصورة اللئيمة و تحاول أن تخفيها ، أنت لا تنتمي للبشرية و لا للحيوان بل أنت من رهط قذر لئيم لا يعرفه الصغار مثلي . أنا أنظر لهؤلاء المهجرين من الوطن يعصرون أمتعتهم المبللة بالمطر كما يعصر كبار القوم في مملكتك الفاشية الغلال، الفرق صارخ بين من يعيش تحت المطر و بين من يعيش في القصور المكيفة ، بين من يشرب الماء الملوث و بين من يشرب عصير الفاكهة على حاشية المسبح ، لو رآني كافر في تلك اللحظة لرق حاله لكن مثلك لا يعرف الرأفة و الإنسانية و رفعة الأخلاق و أتساءل إلى أي دين تنتسب أيها القاتل المحترف الفاقد للدين . أنا يا ملك الخيانة لن أنسى و من يعرفني يعلم أن هذه المحنة قد أكبرتني بعشرات السنوات ، من الآن ، أحذرك بأن أطفال سوريا سينتقمون من عرشك و من بلدك و من جيشك و من مصالحك ، سنحمل نحن أطفال سوريا بذرة الكراهية لعائلة أل سعود إلى الممات و سنورث هذه الكراهية للأجيال التي تلينا، سنحمل في عقولنا بذرة الكراهية كما فعل نظامك لبلدنا، ستدفعون الثمن مثنى و ثلاث و رباع، سنقتص لكل الألم الذي عشناه و سنقتص للشهداء و سنقتص لبيوت الله المدمرة و سنقتص لهذا الوطن الممزق و لكل ما حدث .

بانوراما الشرق الأوسط