الأزمة المالية لشركة سعودي أوجيه وتداعياتها على البنك العربي

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1978
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

د.محمد الحدب
يعاني عملاق المقاولات سعودي أوجيه من أزمة مالية خانقة نتيجة لأنخفاض اسعار النفط العالمية ولسياسة التقشف التي تتبعها المملكة العربية السعودية في الانفاق على المشاريع الرأسمالية. شركة سعودي أوجيه تم تأسيسها عام 1978 من قبل عائلة الحريري ومقرها الرئيسي في المملكة العربية السعودية وتعتبر من اضخم شركات المقاولات، أضافة إلى شركة بن لادن. هذة الأزمة المالية أدت الى تراكم العديد من الاعباء المالية المستحقة على الشركة مثل أقساط الديون المستحقة للبنوك والبالغة تقريباً 4 مليار دولار امريكي، وأيضاً رواتب العمال والموظفين التي لم تدفع لعدة شهور والبالغة تقريباً 666 مليون دولار امريكي، حيث أشارت بعض التقارير الصحفية أن من بين موظفي وعمال الشركة هناك ما يزيد عن 30 الف عامل قد قام بتسجيل شكوى لدى مكتب العمل في المملكة العربية السعودية بسبب التأخر في دفع رواتبهم مستحقاتهم و لعدة شهور.
مؤخراً أشار تقرير لوكالة رويترز أن شركة سعودي أوجيه لها مبالغ مستحقة على الحكومة السعودية لقاء أعمال مقاولات تم تنفيذها تقدر تقريباً 8 مليار دولار أمريكي، حيث أن ثلث هذا المبلغ المستحق تم الموافقة عليه من قبل الحكومة السعودية لكن لم يدفع بعد والباقي لمطالبات تم أرسالها للحكومة السعودية لكن لم يتم الموافقة عليها بعد. هذا وقدا أشارالتقرير أيضاُ بالأستناد إلى أحد مدراء شركة سعودي أوجيه أن وزارة المالية السعودية لم تقم منذ عام تقريباً بتسديد أي دفعة من المبالغ المستحقه عليها للشركة مما أدى الى تفاقم الأزمة المالية.
إذاً الشركة وبلا أدنى شك تعاني من أزمة مالية خانقة قد تؤدي إلى أعلان افلاسها وبالتالي لن تتردد في أتخاذ أي قرار يصب في مصلحتها للخروج من هذة الأزمة. مؤخراً وفي المساعي الرامية لتطويق هذة الأزمة كان هنالك العديد من الحلول المقترحة على طاولة المفاوضات ما بين الحكومة السعودية وشركة سعودي أوجيه، لكن هذة المفاوضات وللأسف التي أستمرت خلال النصف الأول من هذا العام أنتهت تقريباّ منذ شهرين دون التوصل إلى أي اتفاق. وحسبما أشار تقرير وكالة رويترز فأن أخر الحلول التي تم مناقشتها على طالة المفاوضات يتمثل في حلين. الأول هو أن تقوم شركة سعودية أوجيه ببيع حصتها في شركة أوجيه للاتصالات التابعة لها وهي شركة اتصالات سلكية ولاسلكية ومقرها في دبي ولها عمليات تشغيلية في كل من تركيا وجنوب افريقيا حيث تمتلك الشركة 55 في المئة من شركة تورك تيليكوم « Turk Telecom» في تركيا و 75 في المئة من شركة سيل س «Cell C» في جنوب افريقيا، بينما تتمثل عملياتها التشغيلية في كل من الأردن والسعودية ولبنان من خلال شركة «سيبيريا» لخدمات الإنترنت.
الحل الثاني يتمثل في أن تقوم شركة سعودي أوجيه ببيع حصتها البالغة 20 في المئة من البنك العربي حيث تقدر هذة الحصة بما يعادل 1.7 مليار دولار امريكي من أجمالي القيمة السوقية للبنك حسب أخر سعر أغلاق لسهم العربي. والبنك العربي هو شركة أردنية مساهمة عامة مركزها الرئيسي يقع في عمّان و يبلغ عدد موظفيها الاجمالي حول العالم 6,575 منهم تحديداً 2,934 موظف داخل الأردن. وايضاً يمتلك البنك العربي بنسبة تملك 100 في المئة ثلاث شركات تعمل داخل الأردن هي البنك العربي الاسلامي الدولي ويعمل لديه 852 موظف أردني، الشركة العربية الوطنية للتأجير، وشركة مجموعة العربي للأستثمار. بينما هنالك شركة واحدة تابعة للبنك داخل الأردن (يمتلك فيها البنك ما يزيد عن عن 51 في المئة) هي شركة النسر العربي للتأمين. إذاً مجموعة البنك العربي تشغل بشكل مباشر داخل الأردن ما لا يقل عن 4000 موظف أردني ومن كلا الجنسين، وأيضاً البنك العربي رفد خزينة الحكومة الأردنية خلال الفترة من 2013 إلى 2015 بما لا يقل عن نصف مليار دولار امريكي كضرائب. وبالتالي فمصير البنك العربي يرتبط بمصير ألاف الأردنيين وكذلك عائلاتهم وللبنك أثر كبير على الاقتصاد الأردني سواء كان بشكل مباشر أو غير مباشر.
يا ترى إذا ما قامت شركة سعودي أوجيه ببيع حصتها البالغة 20 في المئة من البنك العربي (حسبما أشار تقرير رويترز) فماذا سيكون تداعيات مثل هذا القرار على مجموعة البنك العربي وعلى الاقتصاد الأردني ؟ ً أيضاً ما هي تداعيات عملية البيع على حصة صندوق استثمار اموال الضمان الاجتماعي في البنك العربي؟ صندوق استثمار اموال الضمان الاجتماعي والتابع لمؤسسة الضمان الاجتماعي في الأردن يعد ثاني اكبر مستثمر في البنك العربي وبنسبة تملك تبلغ 16 في المئة. أيضاً ماذا عن البعد السياسي أذا ما تم بيع حصة سعودي أوجيه في البنك العربي لمشتري غير مرغوب به من قبل الحكومة الأردنية ولا سيما في ظل وجود العديد من الصراعات والنزاعات في المنطقة؟
خلاصة ما سبق أن الأزمة المالية لشركة سعودي أوجيه ستمتد تداعياتها عاجلا أم آجلاً إلى الاقتصاد الأردني، وعليه يجب على الحكومة الأردنية وأيضا ًعلى صندوق استثمار اموال الضمان الاجتماعي دراسة كل البدائل المتاحة وأثارها المتوقعة لمحاولة الخروج من هذة الازمة بأقل الخسائر.
من وجهة نظري ستقوم شركة سعودية أوجيه وقبل نهاية هذا العام بأتخاذ بعض القرارت المصيرية المتعلقة ببيع جزء من استثماراتها مثل حصتها في البنك العربي ولا سيما أن الشركة يستحق عليها للبنوك بنهاية شهر 2 لعام 2017 دفعات تقدر تقريباً 1 مليار دولار امريكي. وأيضاً لا أنصح بأن يقوم صندوق استثمار اموال الضمان الاجتماعي بشراء حصة سعودي أوجيه في البنك العربي والبالغة تقريباً 1.7 مليار دولار امريكي لأنها لا تتفق مع سياسة الصندوق الاستثمارية والمتمثلة بتوزيع المخاطر، ولا سيما أن 31% من اجمالي موجودات الصندوق الحالية والبالغة تقريباً 11 مليار دولار امريكي هي في محفظة الاستثمار بالاسهم.
كاتب ومحلل اقتصادي مقيم في عمّان
أستاذ المحاسبة المالية في جامعة آل البيت
زميل باحث زائر مع معهد الاستثمار والتمويل في جامعة ليدز- بريطانيا