«بروكنغز»: كيف تسبب الاتفاق النووي في تصعيد الصراع السعودي الإيراني؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1300
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

ترجمة وتحرير فتحي التريكي - الخليج الجديد
أحد النتائج شديدة الأهمية، وإن كانت غير المقصودة، للاتفاق النووي هو أنه أدى إلى تفاقم وتكثيف المخاوف السعودية حول أهداف ونوايا إيران الإقليمية. أدى تأجيج هذه المخاوف لدى السعودية بدوره إلى تأجيج التوترات الطائفية في المنطقة إلى مستويات غير مسبوقة.
لم يكن تأكيد القلق أو جنون العظمة السعوديين بالطبع من مقاصد الذين تفاوضوا على الصفقة. فقد كانوا يسعون بالأساس إلى الحد من التوترات ومنع حدوث سباق تسلح نووي. ولكن مزيجا من الظروف الخارجة عن سيطرتهم قد أدت إلى تفاقم مشكلة التنافس السعودي الإيراني الذي يعود تاريخه إلى ما قبل الثورة الإيرانية، ولكن نتائجه من المرجح أن تظلل المنطقة لسنوات قادمة.
لم تكن مخاوف الرياض تجاه إيران تتركز بشكل كبير حول الخطر النووي. وغالبا ما كانت حسابات السعوديين تقول إن خطر استخدام إيران للأسلحة النووية يظل خطرا منخفضا. يعتقد السعوديون أيضا أنهم محميون بالمظلة النووية الأمريكية. القلق السعودي الرئيسي ينبع من اعتقاد السعوديين بأن إيران تسعى إلى الهيمنة الإقليمية وتستخدم الإرهاب والتخريب لتحقيق ذلك.
تجاوزت الصفقة التعامل مع هذه المسألة بشكل عمدي. ونتيجة لذلك فإن الصفقة من وجهة نظر السعودية قد جعلت الأمور أكثر سوءا لأن رفع العقوبات قد أزال عزلة إيران كدولة مارقة ومنحها المزيد من العائدات. وقد غذى الاتفاق النووي طموح إيران في أن تصير قوة مهيمنة بدلا من أن يحجمه.
وقد تزامن الجدل حول الاتفاق الذي تم توقيعه منذ عام مع تطورين رئيسيين في المملكة في أوائل عام 2015. أولا صعود الملك «سلمان بن عبد العزيز» إلى السلطة في مطلع العام. وقد كان سلفه الملك «عبد الله» متشددا ضد إيران أيضا ولكنه كان حذرا بطبيعته ويميل للابتعاد عن المخاطرة. وقد سبق الله أن خاض انفتاحا مع إيران خلال حقبة الثمانينيات وقام بتعيين سعودي شيعي كسفير لبلاده في طهران. وقد سبق أن قال إنه يريد أن يتعامل الجنود الأمريكيون وليس السعوديون مع إيران، وهو الموقف الذي تسبب في إزعاج وزير الدفاع السابق «روبرت غيتس» الذي رآه أنه دعوة لاستخدام جنوده كمرتزقة. كان الملك «عبد الله» يسعى إلى تجنب المواجهة بدلا من الخوض فيها.
تمثل التطور الثاني في الاستيلاء على العاصمة اليمنية صنعاء من قبل تحالف المتمردين الحوثيين الزيديين والرئيس السابق «علي عبد الله صالح» في أوائل العام الماضي. فتح المتمردون خطوطا جوية مباشرة مع طهران وقدموا تنازلات أخرى لصالح إيران. وقد بدؤوا في التقدم إلى ميناء عدن صوب المناطق السنية وأشادت إيران بانتصاراتهم. وقد نظرت السعودية ودول الخليج الأخرى إلى موطئ القدم الإيراني الناشئ بوصفه كعب أخيل في شبه الجزيرة العربية.
تصرف الملك الجديد ونجله وزير الدفاع وولي ولي العهد الأمير « محمد بن سلمان» بغضب وحزم. تم إنشاء التحالف العربي بسرعة لأجل التدخل لمحاربة المتمردين. ونتيجة لذلك، فقد تم شن عملية عاصفة الحزم التي كانت غير مسبوقة في التاريخ السعودي الحديث. وقد نجحت العملية في وقف تقدم المتمردين وتحجيم التدخل الإيراني في اليمن، ولكنها قد تسببت أيضا في خلق كارثة إنسانية. وقد اضطرت كل من الولايات المتحدة وبريطانيا دعم الحرب السعودية حرصا منهما على تهدئة الاعتراضات السعودية على الاتفاق النووي. باكستان، الحليف طويل الأمد للسعودية والتي تملك أقلية شيعية كبيرة، صوتت بالإجماع في البرلمان على البقاء بعيدا نظرا لشعورها بالقلق من التورط في صراعات طائفية.
وقبل عام، نجحت الاستخبارات السعودية في القبض على «أحمد المغسل» أثناء رحلة من طهران إلى بيروت. وكان «المغسل» هو العقل المدبر لهجوم الخبر قبل عشرين عاما في المملكة العربية السعودية والذي أسفر عن مقتل أكثر من 19 طيارا أمريكيا. كما شارك في اغتيال عدد من الدبلوماسيين السعوديين في الثمانينيات. ويعد «المغسل» مثالا واضحا للدعم الإيراني للإرهاب. ولا شك أن نتائج استجوابه قد أكدت مخاوف السعودية حول تصرفات إيران السرية في الخليج.
في يناير/كانون الثاني من هذا العام، أعدم السعوديون منشقا شيعيا بارزا بتهمة دعم الإرهاب. رد الغوغاء السعوديون بمهاجمة السفارة السعودية في طهران ربما بتحريض من قبل المتشددين ضمن صفوف النظام الإيراني. قامت السعودية بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران وطلبت من حلفائها أن يحذو حذوها. وقد تسببت تصاعد وتيرة الخلاف في غياب الحجاج الإيرانيين عن موسم الحج هذا العام.
القلق السعودي حول المؤامرات الإيرانية يبلغ اليوم آفاقا جديدة. وقد جادل واحد على الأقل من المعلقين السعوديين البارزين بأن الهجوم الإرهابي على المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة يوم 4 يوليو/ تموز تم بتدبير من المخابرات الإيرانية لتشويه سمعة المملكة كخادم للحرمين الشريفين. وقد نالت هذه الرواية اهتماما واسعا.
وقد حضر رئيس المخابرات والسفير السعودي الأسبق لدى الولايات المتحدة الأمير «تركي الفيصل» في نهاية الأسبوع الماضي مؤتمر حاشدا في فرنسا برعاية مجموعة مجاهدي خلق التي تدعو إلى الإطاحة بالنظام الإيراني. دعم «الفيصل» لمجاهدي خلق ودعوته المفتوحة إلى تغيير النظام الإيراني يمكن أن تصعد التنافس إلى أبعد من ذلك.
المزيج الجديد بين صعود القيادة الجديدة في السعودية والتي بدت أكثر استعدادا لاتخاذ مواقف أكثر حزما وبين والأزمة في اليمن قد أضافا إلى زخم الرفض السعودي التقليدي للاتفاق النووي. وكما كان يخشى الباكستانيون، فإن الاستقطاب في العالم الإسلامي قد تحول بالفعل إلى انقسام عميق. وقد استفادت الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة من تلك الحرب الباردة الدائرة داخل العالم الإسلامي والعنف الطائفي المتصاعد.
وقد حاولت واشنطن طمأنة السعوديين أنهم ليسوا وحدهم في مخاوفهم المروعة بشأن الأنشطة التخريبية والمزعزعة للاستقرار التي تقوم بها إيران. وقد سعى الرئيس «أوباما» بحكمة لبناء الثقة مع الملك وابنه الصغير.
صفقة إيران كانت فكرة جيدة في حد ذاتها. وقد أعلنت دعمي لها منذ البداية. ولكنها رغم ذلك قد تسببت في عواقب مثيرة للقلق. وفي النهاية فإن الرياض وطهران وحدهما بإمكانهما نزع فتيل هذا التوتر. ولكن السعوديين لا يطهرون أي إشارة على السير في هذا الطريق.
المصدر | بروس ريدل/ بروكنغز