صفقة خداع.. تطبيع السعودية وإسرائيل لا يضمن قيام دولة فلسطين

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 576
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

حذر ماركو كارنيلوس، وهو دبلوماسي إيطالي سابق، من أن صفقة تطبيع العلاقات المحتملة بين السعودية وإسرائيل التي تعمل عليها الولايات المتحدة لن تتضمن قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، بل مجرد تعهد إسرائيلي بعدم ضم الضفة الغربية المحتلة، في عملية خداع جديدة للشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي.

كارنيلوس تابع، في تحليل بموقع "ميدل إيست آي" البريطاني (MEE) ترجمه "الخليج الجديد"، أن الصفقة، وفقا لما يتردد، ستتضمن أن "تقدم إسرائيل تنازلات للفلسطينيين تحافظ على إمكانية حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية)".

ومنذ أبريل/ نيسان 2014، توقفت المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لأسباب بينها تمسك تل أبيب باستمرار الاستيطاني في الأراضي المحتلة وتنصلها من معالجة الصراع وفقا لمبدأ حل الدولتين.

وأردف كارنيلوس أنه إذا قامت السعودية بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، فقد تحصل على اتفاقية دفاعية مع الولايات المتحدة ودعم أمريكي لبرنامج نووي مدني في المملكة وصفقات أسلحة متطورة، بالإضافة إلى "تنازلات إسرائيلية غير محددة، ليس لإنجاز حل الدولتين أخيرا، ولكن ببساطة للحفاظ على مثل هذا الاحتمال الافتراضي. بعبارة أخرى: لا شيء، صفر".

ولا ترتبط السعودية بعلاقات دبلوماسية معلنة مع إسرائيل، وتشترط علنا انسحاب الأخيرة من الأراضي العربية المحتلة منذ حرب 5 يونيو/ حزيران 1967، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين.

وترغب الحكومة الإسرائيلية، برئاسة بنيامين نتنياهو، بشدة في تطبيع العلاقات مع السعودية لمكانتها البازرة في العالم الإسلامي وقدراتها الاقتصادية الضخمة، وعلى أمل أن تفتح أمام تل أبيب أبواب العالم الإسلامي.

 

بايدن ليس أقل غدرا

و"قد ألقت إدارة (الرئيس الأمريكي السابق دونالد) ترامب (2017-2021) بالفلسطينيين تحت الحافلة من خلال اتفاقيات إبراهيم (لتطبيع العلاقات بين إسرائيل ودول عربية). وإدارة (الرئيس الحالي جو) بايدن، التي هي أكثر اعتدالا وتعاطا ولكنها ليست أقل غدرا، تخدعهم ببساطة مرة أخرى"، بحسب كارنيلوس.

وفي 2020 وقَّعت الإمارات والبحرين والمغرب والسودان اتفاقيات لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، ما زاد عدد الدول العربية المرتبطة بعلاقات رسمية معلنة مع تل أبيب إلى 6 مع مصر والأردن من أصل 22 دولة عربية، بينما تواصل إسرائيل احتلال أراضٍ في فلسطين وسوريا ولبنان.

وأضاف أن "هذا النهج هو الخطأ المعتاد الذي تتبعه الإدارات الأمريكية منذ عقود: تصاعدية مقلقة تخدم إسرائيل في المقام الأول ولا تؤدي أبدا إلى نتائج، ولكن فقط أوهام قصيرة.. قصيرة جدا".

وتابع: "لطالما تحطمت مثل هذه الأوهام من قِبل السياسيين الإسرائيليين الأذكياء، الذين عملوا بشكل منهجي على تحريك أهداف المفاوضات، وقد برع نتنياهو في ذلك على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية".

كارنيلوس اعتبر أنه "إذا لعب الفلسطينيون هذه اللعبة الأمريكية مرة أخرى، فستظهر أن يأسهم الآن يتجاوز نقطة اللاعودة".

ويتردد أن الولايات المتحدة ستطلب من السلطة الفلسطينية القبول بتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل مقابل الحصول على تنازلات إسرائيلية، بينها تعهد بعدم ضم الضفة الغربية المحتلة، ومساعدات مالية سعودية.

وحذر من أنه "إذا سارت الأمور وفقا لخطة واشنطن، فستكون إسرائيل في وضعها المعتاد المربح للجانبين، إذ ستحصل على دفعة من خلال تطبيع علاقاتها مع السعودية وستواصل الضم الزاحف للضفة الغربية".

 

وعد من نتنياهو!

كارنيلوس قال إن "اللوبي المؤيد لإسرائيل في واشنطن لا يزال مؤثرا بشكل كبير، ومن الواضح أنه أعمته المعايير المزدوجة، ولذلك ستكون إسرائيل قادرة بسهولة على خداع كل من واشنطن والرياض".

وأردف: "سيكون مثل هذا الخداع أسهل بكثير مما كان متوقعا إذا كنت تعتقد أنه لحث السعوديين على توقيع صفقة التطبيع، يدعي (الكاتب الأمريكي توماس) فريدمان (في مقال بصحيفة نيويورك تايمز) أن نتنياهو يجب أن يكون مستعدا لتقديم ما يلي (ليس من الواضح ما إذا كان هذا هو الاقتراح الذي تدرسه إدارة بايدن): "تعهد رسمي بعدم ضم الضفة الغربية أبدا.. لا مستوطنات جديدة في الضفة الغربية أو توسع خارج المستوطنات القائمة".. وعد؟ من نتنياهو؟ حقا!".

ولفت إلى أن "فريدمان لم يتطرق إلى وضع القدس. وستقوم إسرائيل بعد ذلك بتوسيع حدودها البلدية والاستمرار في البناء بشكل غير قانوني"، معتبرا أن عدم تقنين البؤر الاستيطانية (غبر القانونية) الجامحة هو مجرد صفعة صغيرة على معصم إسرائيل".

ويقول الفلسطينيون إن إسرائيل تعمل على تهويد القدس الشرقية وطمس هويتها العربية والإسلامية، ويتمسكون بها عاصمةً لدولتهم المأمولة، استنادا إلى قرارات الشرعية الدولية التي لا تعترف باحتلال إسرائيل للمدينة عام 1967 ولا بضمها إليها في 1981.

وأشار كارنيلوس إلى مقترح بـ"نقل بعض الأراضي المأهولة بالفلسطينيين من المنطقة ج في الضفة الغربية (خاضعة الآن للسيطرة الإسرائيلية الكاملة) إلى المنطقتين أ و ب (تحت سيطرة السلطة الفلسطينية) على النحو المنصوص عليه في اتفاقيات أوسلو".

ومنتقدا هذا الطرح، قال إنه "بعد المحنة التي عاشها الفلسطينيون على مدى عقود، سيكون مثل هذا الاقتراح استفزازيا تماما، إذ يعرف الفلسطينيون جيدا أن أمنهم وحقوقهم لا تساوي شيئا سواء كانوا يعيشون في المناطق أ أو ب أو ج".

ورأى أن "فريدمان يخدع نفسه إذا كان يعتقد أن التوصل إلى صفقة مع السعودية قد يدفع اليمين المتطرف في إسرائيل إلى التخلي عن خطته لضم الضفة الغربية وسكانها الفلسطينيين البالغ عددهم 2.9 مليون نسمة".

و"يعلم وزير المالية (الإسرائيلي المتطرف) بتسلئيل سموتريتش ومعاونيه جيدا أن الولايات المتحدة لن تمارس أبدا أي ضغط حقيقي على إسرائيل لوقف الضم، وسيقومون بالتطبيع مع السعودية، وسيمضون قدما في الضم الفعلي المستمر للضفة الغربية"، وفقا كارنيلوس.

 

المصدر | ماركو كارنيلوس/ ميدل إيست آي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد