لا شيكات على بياض.. لماذا أقرت السعودية سياسة جديدة للمساعدات؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1010
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

سلّطت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، الضوء على تغيير سياسية السعودية فيما يتعلق بمنح المساعدات لحلفائها الأفقر في الشرق الأوسط، مستشهدة بمصر وباكستان ولبنان.

وقالت الصحيفة إن السعودية أرسلت خلال العقد الماضي مساعدات بمليارات الدولارات إلى مصر التي تنظر إليها المملكة كحليف مهم لا يمكن من الناحية الاستراتيجية تركه لينهار.

ولكن الفترة الأخيرة شهدت تحولا ملموسا في سياسة السعودية تجاه مصر التي انزلقت داخل أزمة اقتصادية عميقة، إذ أرسلت الرياض رسالة صارمة: "لا شيكات على بياض بعد اليوم".

وأوضحت الصحيفة أن الرياض أصبحت تربط تقديم مساعدات بشروط مثل إجراء إصلاحات اقتصادية وتخفيض الدعم على المواد الأساسية.

وأضافت كارين يانج، الباحثة البارزة في مركز سياسة الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا: "في السابق كان يقال دائما أن مصر أكبر من أن تفشل.. ولكن الموقف الحالي هو: أن مصر مسؤولة عن أخطائها".

تأثير أوسع

ورأت الصحيفة أن إصرار السعودية على تقديم مساعدات مشروطة يأتي بالرغم من تحقيقها فائضا بميزانية عام 2022 بمقدار 28 مليار دولار، بعد أن أنعشت عوائد النفط المرتفعة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية خزائن المملكة.

وذكرت أن المسؤولين السعوديين يقولون إنهم سئموا إرسال المساعدات إلى مصر وباكستان ولبنان لكي يراقبوها تتبخر في نهاية المطاف.

وأضافت أن السعودية لا تزال ترسل الأموال إلى الخارج ولكن من أجل التأثير والاستثمار والمساعدة في دعم الصناعات الجديدة في البلد، مثل السيارات الكهربائية.

وتتبنى السعودية نهجا مماثلا لصندوق النقد الدولي؛ مما يعطيها تأثيرا أوسع وأكثر من الماضي في السياسات الإقليمية والدول الكبرى مثل باكستان التي أصبحت مدينة لها بالفضل.

واستشهدت الصحيفة بتصريحات وزير المالية السعودي محمد الجدعان خلال مشاركته بمؤتمر دافوس بسويسرا في يناير/كانون الثاني.

وقال الجدعان: "كنا نعطي قروضا مباشرة وودائع بدون شروط معها.. لكننا نغير هذا ونعمل مع عدد من المؤسسات لكي نقول في الحقيقة: نريد رؤية إصلاحات".

وذكر الخبير تيموتي كالداس، من معهد التحرير في واشنطن: "ما تملكه دول الخليج وليس متوفرا لأحد في العالم هو الكثير من فائض رأس المال".

تغير أولويات

وفي مارس/آذار، وافقت السعودية على إيداع 5 مليارات دولار في المصرف المركزي التركي بشكل دعم اقتصاد البلد قبل شهرين من الانتخابات.

وقد جلب هذا تركيا مؤخرا إلى مجال التأثير السعودي بعد سنوات من التوتر، والذي نجم عن مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في إسطنبول عام 2018.

ولكن بالنسبة لدول أخرى في الشرق الأوسط، فقد تقلصت المساعدات السعودية إليها مع تغير أولوياتها.

ففي عام 2016 علّقت السعودية مساعدات للجيش اللبناني بعد شعورها بالإحباط من زيادة تأثير حزب الله اللبناني في سياسة البلاد وتوسع تأثير إيران المنافسة لها هناك.

ولم تسارع السعودية لدعم لبنان بعد الأزمة المالية التي خرجت عن السيطرة ودفعت الكثيرين للسطو على البنوك للحصول على ودائعهم المالية. وكان رفض التدخل إشارة للتحول في أولويات المملكة.

وتبنت السعودية سياسة "السعودية أولا" لتعزيز المشاعر الوطنية.

وفي العام الماضي أعلنت عن استثمار 24 مليار دولار في العراق والبحرين ومصر وعمان والسودان ولكن من خلال هيئة الاستثمارات العامة، وهو ما يسمح للمسؤولين السعوديين منح الأولوية لأرباحهم.

ومع تخفيض العملة المصرية ثلاث مرات خلال العام الماضي، قامت الكيانات السعودية بشراء أصول مصرية وبأسعار مخفضة.

وعلّق كالداس قائلا: "الدولة تبيع أصولها مكرهة.. ربما قالوا إنهم ينقذون مصر، ولكن من منظور المصريين، يرى بعضهم أنها استفادة من وضع سيء".

الاستقلال الجيوسياسي

وترى الصحيفة أن التحول يعكس تغيرات طويلة في العلاقات بين الدول العربية، حيث انحرف مركز الجذب من مصر التي كانت مركز القوة السياسية والثقافية نحو دول الخليج الغنية بالنفط.

وذكرت أن هذا الأمر لم يقبله الكثير من المصريين.

وكان دعم دول الخليج للسيسي في انقلابه ضد الرئيس المنتخب محمد مرسي عام 2013 ضروريا ومهما. فقد اعتبرت السعودية والإمارات جماعات الإسلام السياسي تهديدا على أمنها.

وأرسلت السعودية في الفترة ما بين 2013- 2020 ما حجمه 46 مليار دولار إلى مصر، على شكل ودائع مصرفية واستثمارات وغاز ونفط، حسب أرقام جمعتها يانغ من جامعة كولومبيا.

وهي وإن انخفضت إلا أنها لم تتبخر، فعندما زادت الأزمة الاقتصادية دخلت دول مجلس التعاون الخليجي وأودعت المليارات لدعم الاحتياطي المصري الناضب ومساعدة مصر لدفع فواتير الاستيراد.

ولعبت السعودية دورا في حزمة الإنقاذ الأخيرة من صندوق النقد الدولي، والتي اشترطت عليها جمع ملياري دولار من خلال بيع أصول حكومية لدول الخليج. وستضم هذه الأصول مصرفا وشركات مملوكة من الحكومة، مما سيزيد من القلق حول السيادة المصرية.

وقال كالداس عن وضع الحكومة المصرية: "الدولة في هذا الوضع الهش أمر مقلق بشأن استقلالها الجيوسياسي وعلى المدى البعيد".

ولا يزال الطرفان يتفاوضان حول استثمارات محتملة، والتغيرات في السياسة التي يطلبها السعوديون وصندوق النقد الدولي تضم قطع الدعم وتخفيف دور الجيش في الاقتصاد المصري.

وبعد أشهر من المفاوضات حول الاستثمارات بدون نتيجة، بدأ السعوديون بالشك حول قدرة مصر على التعامل مع وضعها الاقتصادي.

 

المصدر | نيويورك تايمز - ترجمة وتحرير الخليج الجديد