السعودية تدعو لتأمين إمدادات النفط وبن سلمان يلمح لمسؤولية إيران عن هجمات خليج عمان
دبي: أنحى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان باللوم على إيران في هجمات تعرضت لها ناقلتا نفط في خليج عُمان، ودعا المجتمع الدولي إلى اتخاذ “موقف حاسم” تجاه طهران، فيما دعت السعودية لاتخاذ إجراءات سريعة لتأمين إمدادات النفط في منطقة الخليج.
وقال بن سلمان إن “المملكة لا تريد حرباً في المنطقة… لكننا لن نتردد في التعامل مع أي تهديد لشعبنا وسيادتنا ووحدة أراضينا ومصالحنا الحيوية”.
وأضاف أن “النظام الإيراني ووكلاءه قاموا بأعمال تخريبية لأربع ناقلات بالقرب من ميناء الفجيرة (الإمارات)، منها ناقلتان سعوديتان”.
وذكر ولي العهد السعودي أن جماعة الحوثي المدعومة من إيران كانت وراء “ما شهدناه من أحداث أخيرة في المنطقة، بما فيها استهداف المضخات التابعة لشركة «أرامكو»”.
وأشار إلى هذا الأمر “يؤكد أهمية مطالبنا للمجتمع الدولي باتخاذ موقف حازم أمام نظام توسعي”، في إشارة منه لإيران.
وتابع متسائلا: “الخيار واضح أمام إيران. هل تريد أن تكون دولة طبيعية لها دور بنّاء في المجتمع الدولي، أم تريد أن تبقى دولة مارقة؟”.
وأجاب قائلا: “نحن نأمل في أن يختار النظام الإيراني أن يكون دولة طبيعية وأن يتوقف عن نهجه العدائي”.
في الوقت ذاته، دعت السعودية لاتخاذ إجراءات سريعة لتأمين إمدادات الطاقة من منطقة الخليج، بعد أن ألقت الولايات المتحدة بمسؤولية هجمات على ناقلتي نفط في خليج عمان قرب مضيق هرمز على إيران بما يزيد من مخاوف نشوب مواجهة أوسع نطاقا في المنطقة.
وأدت الهجمات على ناقلتين يوم الخميس إلى تفاقم الأزمة الناجمة عن هجمات مماثلة على أربع سفن في مايو/ أيار، إذ ألقت واشنطن بمسؤوليتها على طهران أيضا. والتوتر محتدم من الأصل بين الولايات المتحدة وإيران بسبب برنامجها النووي.
ونفت إيران أي دور لها في الهجمات على الناقلتين جنوبي مضيق هرمز الذي يمر منه أغلب نفط السعودية، أكبر مصدر للخام في العالم، وباقي الدول المنتجة للخام في المنطقة للأسواق العالمية.
ونقلت وزارة الطاقة السعودية عن الوزير خالد الفالح قوله على تويتر: “لا بد من الاستجابة السريعة والحاسمة لتهديد إمدادات الطاقة واستقرار الأسواق وثقة المستهلكين، الذي تشكله الأعمال الإرهابية الأخيرة في كل من بحر العرب والخليج العربي، ضد حلقات سلسلة إمداد الطاقة العالمية الرئيسية”.
ونشر الجيش الأمريكي مقطع فيديو يوم الخميس قال إنه يظهر ضلوع الحرس الثوري الإيراني في الهجمات التي استهدفت الناقلة النرويجية فرنت ألتير والناقلة اليابانية كوكوكا كاريدجس في خليج عمان عند مدخل الخليج.
بن سلمان: قتل خاشقجي “يُستغل سياسياً”
كما اعتبر بن سلمان، أنّ جريمة قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي يجري استغلالها سياسياً من قبل أطراف لم يحدّدها، داعياً هذه الأطراف إلى “التوقّف عن ذلك”.
وأضاف: “بكلّ أسف المتّهمون بارتكاب الجريمة هم موظفون حكوميون، ونسعى لتحقيق العدالة والمحاسبة بشكل كامل. وعلى أي طرف يسعى لاستغلال القضية سياسياً، أن يتوقف عن ذلك ويقدّم ما لديه من أدلة للمحكمة في المملكة”.
وخاشقجي الذي كان ينشر في صحيفة “واشنطن بوست” مقالات معارضة لسياسات ولي العهد قتل في 2 تشرين الأول/اكتوبر 2018 في قنصلية بلاده في تركيا في عملية نفّذها “عناصر خارج إطار صلاحياتهم”، بحسب السعودية. ولم يعثر بعد على جثته.
وتحاكم السعودية مسؤولين رفيعي المستوى على خلفية هذه القضية، بينهم نائب رئيس الاستخبارات السابق أحمد العسيري.
وأثارت القضية ردود فعل دولية مندّدة أضرّت بصورة المملكة وبصورة ولي العهد بشكل كبير، على الرّغم من أنّ الرياض نفت أي دور للأمير محمد بالجريمة بعدما قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن الجريمة نفذّت بأوامر صدرت من قبل “أعلى المستويات” في الحكومة السعودية.
أمن الطاقة
ارتفعت أسعار النفط بنسبة 3.4 في المئة منذ هجمات الخميس وقالت شركات للتأمين على الملاحة إن تكلفة التأمين على السفن التي تمر في الشرق الأوسط قفزت بنسبة 10 في المئة على الأقل بعد الهجمات.
وقال وزير الطاقة السعودي خلال اجتماع في اليابان لوزراء الطاقة لمجموعة العشرين إن المملكة ملتزمة بضمان استقرار أسواق النفط العالمية.
وقال وزير الصناعة الياباني هيروشيجي سيكو خلال الاجتماع “الأمر المهم أننا توصلنا لتفاهم بين وزراء الطاقة بشأن الحاجة للعمل معا للتعامل مع الحوادث الأخيرة من منظور أمن الطاقة”.
وقال ترامب إن أي تحرك لإغلاق مضيق هرمز لن يستمر طويلا.
لكن ترامب أبدى استعداده للتفاوض مع إيران.
وقال ترامب: “نريد أن نعيدهم لطاولة التفاوض… أنا مستعد عندما يكونون مستعدين… لست في عجلة”.
كانت إيران قالت مرارا إنها لن تدخل في محادثات مع الولايات المتحدة من جديد إلا في حالة تراجع ترامب عن قرار الانسحاب من الاتفاق النووي.
وعبرت طهران وواشنطن أكثر من مرة عن عدم رغبتهما في خوض حرب. لكن هذا لم يسهم بشيء يذكر في تهدئة المخاوف من انزلاق البلدين إلى أتون صراع مسلح.
وقال مسؤول أمريكي إن صاروخ سطح-جو انطلق من إيران صباح يوم الخميس مستهدفا طائرة مسيرة أمريكية كانت بالقرب من الناقلة فرنت ألتير بعد الهجوم عليها مشيرا إلى أن الصاروخ لم يصب الطائرة المسيرة.
دعوات لضبط النفس
إضافة إلى تحميل إيران مسؤولية الهجمات على الناقلات ألقت واشنطن أيضا عليها بمسؤولية ضربات بطائرات مسيرة على محطتين لضخ النفط في السعودية في 14 مايو/ أيار. ونفت إيران كل تلك الاتهامات.
ودعمت بريطانيا موقف الولايات المتحدة بإلقاء المسؤولية على إيران في الهجمات على الناقلتين وقالت إنه ليس هناك دولة أخرى ولا طرف آخر بمقدوره تنفيذها.
وردا على ذلك استدعت الحكومة الإيرانية السفير البريطاني في طهران في وقت لاحق من السبت للاحتجاج على ما وصفته “بالموقف غير المقبول”.
وقالت وكالة الطلبة للأنباء في إيران: “خلال الاجتماع مع مسؤول وزارة الخارجية الإيرانية، انتقدت إيران بشدة موقف بريطانيا غير المقبول بشأن الهجوم في خليج عمان…بريطانيا هي البلد الوحيد الذي أيد الاتهامات الأمريكية بشأن الهجوم”.
في الوقت نفسه دعت دول ومنظمات أخرى لتوخي الحذر. وقالت ألمانيا إن الفيديو ليس إثباتا كافيا على تورط إيران بينما دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى إجراء تحقيق مستقل لتحديد المسؤولية عن تلك الهجمات.
ودعت الصين والاتحاد الأوروبي أطراف الأزمة إلى التحلي بضبط النفس.
وجدد الرئيس الإيراني حسن روحاني تهديدا بمواصلة التراجع عن التزام بلاده بالاتفاق النووي ما لم تظهر الدول الأخرى الموقعة عليه “مؤشرات إيجابية”.
ولم يحدد روحاني في التصريحات التي أدلى بها خلال اجتماع قمة إقليمية في طاجيكستان ما تريده بلاده من الدول الموقعة على الاتفاق.
وحاولت فرنسا والدول الأوروبية الأخرى الموقعة على الاتفاق إنقاذه وقالت إنها تريد الإبقاء عليه قيد التنفيذ لكن الكثير من الشركات في تلك الدول ألغت صفقاتها مع طهران بعد ضغوط من الولايات المتحدة. (وكالات)
القدس العربي