محللون سعوديون: تيران وصنافير.. التحكيم الدولي هو “الحل”
أحمد المصري- الأناضول: فسر محللون وكتاب سعوديون، الصمت السعودي “الرسمي” على حكم القضاء المصري الصادر، أمس الإثنين، بأحقية القاهرة في جزيرتي “تيران” و”صنافير”، الواقعتين بمدخل خليج العقبة في البحر الأحمر، بالتاكيد على أن حكم القضاء هو “شأن داخلي مصري”.
وبينوا في تصريحات خاصة “للأناضول” أن هناك ترقباً لموقف الحكومة والبرلمان المصريين من تلك القضية بعد الحكم الصادر أمس، معربين عن ثقتهم في “سعودية” الجزيرتين.
كما أكدوا أن هناك “تطابقاً” رسمياً بين الرياض والقاهرة في تبعية الجزيرتين للسعودية، معربين عن ثقتهم في أن “الحق سيعود لأصحابه”، مشيرين إلى أن اللجوء للتحكيم الدولي قد يكون حل إذا سدت الطرق.
وقضت المحكمة الإدارية العليا بمصر (أعلى جهة للطعون الإدارية وأحكامها نهائية)، الإثنين، برفض طعن قدمته هيئة قضايا الدولة (ممثلة الحكومة) على حكم أصدره القضاء الإداري، في يونيو/حزيران الماضي، ببطلان الاتفاقية الموقعة بين القاهرة والرياض، وتؤول بموجبها الجزيرتين للسيادة السعودية.
ولم يصدر أي بيان أو تعليق رسمي سعودي يعلق على الحكم حتى اليوم، كما لم يصدر أي تعليق من السلطات المصرية على الحكم.
وفي تفسيره للصمت الرسمي السعودي على الحكم، قال الكاتب والمحلل السياسي جميل الذيابي رئيس تحرير جريدة “عكاظ” السعودية : ” السعودية دائما ليست دولة متسرعة ولا تقبل عملية المساجلات والجدل البيزنطي مع الآخرين طالما هي واثقة بما لديها وواثقة من أنها على حق، وتعرف ما لديها وموثق تاريخيا بملكيتها للجزيرتينن “.
وتابع في تصريحات لوكالة “الأناضول”: ” المملكة سياسيا ليس متسرعة، تفضل أن تناقش الأمور بعيد عن حالة الغضب ، والقضاء المصري عندما يصدر حكم هذا شأن داخلي مصري، ولكن على صعيد الشأن الدولي المملكة لن تفرط فيما هو لها”.
وبين ان “الحكومة المصرية وعلى رأسها الرئيس عبدالفتاح السيسي قال علانية بسعودية الجزيرتين “.
وتابع: “عندما زار خادم الحرمين الشريفين مصر في إبريل/ نيسان الماضي كان هناك اتفاق رسمي واضح بملكية تيران وصنافير للسعودية، وأخرج الكثير من العسكريين والمثقفين و المؤرخين وثائق تثبت ذلك، كما أكدت الأمر ذاته صحف وفضائيات مصرية”.
وأكد أن “الوثائق كشفت أن تيران وصنافير تعود ملكيتها للسعودية، وأن المملكة جعلت مصر تستفيد منها في الحروب ضد إسرائيل كموقف عروبي من المملكة”.
وعن التأثير المتوقع للحكم، قال الذيابي: ” أعتقد أن هذا الموضوع لن يغير شيئا ، بقدر ما يحاول أن يسئ للعلاقة بين الدولتين”.
واعتبر أن “الحكم القضائي يسهم في توتير العلاقة بين الدولتين، وهذا ليس من مصلحة أحد، فمصر والسعودية بلدان عربيان اشقاء بينهما روابط كبيرة وقواسم مشتركة ولا يمكن الضرب في هذه العلاقة مهما حاول البعض”.
وحول دعوة البعض اللجوء للتحكيم الدولي لحسم الأمر، قال الذيابي : ” إذا وصلت الأمور إلى طريق مسدود لابد من الذهاب لمحكمة العدل الدولية في لاهاي أو اللجوء لوسطاء لحلحلة هذا الأمر والانتهاء من مشكلة حدودية لم تكن مشكلة أصلا، ولا أحد يود إيصالها لطريق لا تتمناه المملكة ولا مصر أيضا ترغب فيه”.
واتفق الكاتب السعودي سعود الريس، رئيس تحرير الطبعة السعودية من صحيفة “الحياة”، مع الذيابي في تفسير الصمت الرسمي حول الحكم في كون أن المملكة تعتبره شأنا مصريا.
وأردف في تصريحات لوكالة “الأناضول”:”أي مواطن له الحق أن يقاضي حكومته، ولكن أن يكون الحكم ملزم او غير ملزم، هذا شأن جهات أخرى تبت فيه، والقضية ما زال يناقشها البرلمان المصري “.
وتابع : “الحكم شأن داخلي ، والسعودية تعمل وفق أطر رسمية وفق معاهدات واتفاقات دولية”. وأردف:”السعودية تراقب و تشاهد ماذا يحدث على اعتبار أن الأمر شبه محسوم على الصعيد الرسمي” .
وتابع: “الموقف الرسمي السعودي والمصري متطابقين على قضية سعودية الجزر، ولكن كل ما سيحدث هو تأجيل البت في مستقبل الجزيرتين، و هناك ثقة بان الحكومة المصرية قادرة على التعامل مع هذا الملف “.
وأكد ان “السعودية قدمت الوثائق ولديها وثائقها التي تؤكد ملكيتها للجزيرتين ولا اعتقد أن الأمر سيصل بين البلدين لمرحلة تازيم الموضوع، وفي النهاية الحق لا بد ان يعود لأصحابه”.
واتهم الريس “مغرضين” بالسعي لتأزيم القضية عبر” الشحن والتجييش الإعلامي”.
وأكد أن “التصعيد ليس من مصلحة السعودية ولا مصر ، نتحدث عن أمة عربية ، ليست بحاجة لمزيد من الفرقة والتشظي، وهذا التصعيد لن يخدم أحد”.
واعتبر أنه ليس هناك حاجة للجوء للتحكيم الدولي طالما “لا يوجد خلاف على الصعيد الرسمي وبالتالي لا يوجد داعي للتقاضي”.
من جهته، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي السعودي الدكتور خالد الدخيل ان “هناك نوع من اللعب بالمفاهيم داخل مصر، يعني القضاء المحلي المصري له الأولوية في القضايا التي تخص مصر، ولكن هذه قضية حدود ، وتخضع للقانون الدولي “.
وتابع في تصريحات للأناضول :” ثانيا هي قضية ليست محل تنازع بين مصر والسعودية لأن الحكومات المصرية منذ عام 1950 وحتى الان لا تتعامل معها انها قضية تنازع حدود، هي قضية محسومة، حتى من قبل الحكومات المصرية”.
وفي تفسيره للحكم، قال الدخيل :”يبدو لي أن المحكمة المصرية انطلقت من مسألة دستورية من أنه لا يجوز التنازل عن سيادة مصرية على أرض مصرية، لكن هذا التعريف، لا ينطبق على تيران وصنافير لأنها سعودية”.
وحول إمكانية اللجوء للتحكيم الدولي لحسم الأمر، قال الدخيل: ” هذا سيعتمد على ماذا سيكون موقف الحكومة المصرية بعد قرار المحكمة، الحكومات المصرية جميعها متفقة على أن هذه الجزر تعود للسعودية، فبالتالي هناك مشكلة داخل مصر نفسها، بين مؤسسات الحكومة المصرية، وبين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية”.
وبين ان “السعودية لا تريد أن تعلق على الحكم لأنها عملية تنازع داخل الحكومة المصرية، وتنتظر ماذا سيكون موقف الحكومة وماذا سيكون موقف البرلمان”.
وتابع: ” صدور الحكم سيضع قيودا على مناقشات البرلمان ، فهل ستستمر الحكومة بطلب تصويت البرلمان، وكيف يتم هذا ، ولكن الأهم ما هو موقف الحكومة من هذا الحكم، ولكن يبدو لي انه قد يكون هنا في النهاية لجوء للمحكمة الدولية ، وهذه ستكون واقعة غريبة ، حيث أن الحكومة السعودية ستأخذ الحكومة المصرية للمحكمة الدولية وليس بينهم خلاف على هذه القضية، بل هم متفقتين على سعودية الجزيرتين”.
ودعت قوى سياسية مصرية، إلى رحيل الحكومة، عقب صدور الحكم، كما تعرضت لهجوم لاذع في حيثيات الحكم.
وأواخر الشهر الماضي، أقرّ مجلس الوزراء المصري اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع المملكة السعودية، وأحالها إلى البرلمان لمناقشتها، لكن الأخير لم يحدد بعد موعداً لمناقشتها.
وتدافع الحكومة المصرية عن الاتفاقية بالقول إن “الجزيرتين تتبعان السعودية وخضعت للإدارة المصرية عام 1950 بعد اتفاق ثنائي” بين القاهرة والرياض، بغرض حمايتها لضعف القوات البحرية السعودية، آنذاك، وكذلك لتستخدمها مصر في حربها ضد إسرائيل آنذاك.