في قرار تاريخي: القضاء الإداري المصري يقضي ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية
ويقر بـ”السيادة المصرية” عليهما وفرح عارم بالقاهرة
القاهرة – “رأي اليوم” – محمود القيعي:
في قرار وُصف بالتاريخي قضت محكمة القضاء الإداري ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية والتي بموجبها تم التنازل عن جزيرتي “تيران” و”صنافير” للمملكة السعودية.
صدر الحكم التاريخي (الذي قطع قول كل خطيب حسب المثل الشعبي الشهير) برئاسة المستشار يحيى دكروري نائب رئيس مجلس الدولة صباح اليوم الثلاثاء والذي أقر بسيادة مصر على الجزيرتين، ورفض دفع هيئة قضايا الدولة بعد الاختصاص.
وقضت المحكمة بعدم أحقية الحكومة المصرية عقد اتفاقيات تقضي بالتنازل عن الجزيرتين لمصلحة السعودية.
بعد الحكم التاريخي سادت حالة من الفرحة العارمة سواء في المحكمة، أو في الشوارع، وتم رفع شعارات “الحمد لله” و”الله أكبر”.
كان المحامي خالد علي قد قدم عدة مرافعات تاريخية استبسل فيها للدفاع عن مصرية الجزيرتين بالحجج القانونية والوثائق التاريخية ، والرسائل الجامعية والخرائط الجغرافية .
وتشكل السعودية احدى اهم الدول الداعمة لنظام السيسي الذي يقمع كل معارضة منذ اطاحته في 2013 نظام سلفه الاسلامي المنتخب محمد مرسي وقدمت السعودية مساعدات واستثمارات بمليارات الدولارات في الاقتصاد المصري المتدهور.
وستستأنف الحكومة المصرية في الاغلب هذا القرار الاداري حول الجزيرتين حسب ما قال مسؤول حكومي. وقد اثار قرار منحهما الى السعودية خلال زيارة العاهل السعودي الملك سلمان الى القاهرة في نيسان/ابريل الماضي، استنكارا وتظاهرات ضد نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وتشكل السعودية احدى اهم الدول الداعمة لنظام السيسي الذي يقمع كل معارضة منذ اطاحته في 2013 نظام سلفه الاسلامي المنتخب محمد مرسي، وقدمت مساعدات واستثمارات بمليارات الدولارات لدعم الاقتصاد المصري المتدهور.
ويتهم معارضو الاتفاق السلطات المصرية بالتخلي عن الجزيرتين مقابل هذا الدعم المالي، مؤكدين ان هذه الاراضي تعود الى مصر تاريخيا ولم يسبق ان مارست السعودية عليها اي من مظاهر السيادة.
وفي مواجهة هذه الاتهامات، اكدت الحكومة المصرية مرات عدة ان هاتين لجزيرتين تعودان الى السعودية لكن الرياض طلبت من القاهرة التكفل بحمايتهما في 1950.
وصرح قاض في المجلس مطلع على تفاصيل القضية لوكالة فرانس برس ان القرار صدر “ببطلان توقيع ممثل الحكومة المصرية” بشأن اتفاق لترسيم الحدود البحرية تم ابرامه في بداية نيسان/ابريل بين البلدين الحليفين خلال زيارة الملك سلمان الى القاهرة.
وينص الاتفاق على منح جزيرتي تيران وصنافير الاستراتيجيتين عند مدخل خليج العقبة الى السعودية. ولم تنشر الحكومة المصرية نصوص الاتفاقية على الملأ حتى الان.
وقال مجدي العجاتي وزير الشؤون القانونية ومجلس النواب لفرانس برس “من الطبيعي ان تطعن الحكومة في الحكم”.
– جزر صغيرة “مصرية” –
واكد القاضي الذي طلب عدم كشف هويته بسبب حساسية القضية ان هذا القرار يعني ان الجزيرتين “مصريتان”.
وصرح المحامي خالد علي الذي تقدم بشكوى امام مجلس الدولة للاحتجاج على التخلي عن الجزيرتين لفرانس برس ان القرار معناه ان “الارض مصرية ولا يجوز التنازل عنها باي شكل من الاشكال والجزر جزء من الحدود المصرية وضمن الاقليم البري المصري”.
ونشر علي احد وجوه المعارضة اليسارية في مصر، على صفحته على موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي نص حكم المحكمة.
ويقضي نص الحكم “ببطلان توقيع ممثل الحكومة المصرية على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية الموقعة فى نيسان/إبريل 2016 المتضمنة التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية”.
ويؤكد “استمرار هاتين الجزيرتين ضمن الإقليم البري المصري وضمن حدود الدولة المصرية، واستمرار السيادة المصرية، عليهما، وحظر تغيير وضعها بأي شكل أو إجراء لصالح أي دولة أخرى”.
ولم تصدر المحكمة حيثيات حكمها بعد.
وكان الاعلان عن التخلي عن الجزيرتين اثار تظاهرات قمعتها السلطات فورا. وقد شكلت هذه التظاهرات اوسع حركة احتجاجية ضد السلطة منذ سنتين.
وفرقت الشرطة المصرية بالغاز المسيل للدموع متظاهرين واعتقلت مئات منهم في نيسان/ابريل بعدما تجمعوا في احد الميادين في القاهرة مطالبين ب “اسقاط” النظام.
ودعت حركة تطلق على نفسها اسم “الحملة الشعبية لحماية الارض، مصر ليست للبيع″ تضم ناشطين يساريين وليبراليين، الى هذه التظاهرة احتجاجا على الاتفاق المصري السعودي.
واراد الناشطون في الواقع الاحتجاج على السياسة الامنية المتشددة التي ينتهجها الرئيس السيسي في بلد يحظر فيه التظاهر الا بموافقة وزارة الداخلية بموجب قانون مثير للجدل صدر في تشرين الثاني/نوفمبر 2013.
واصدر القضاء احكام بالسجن من سنتين لخمس سنوات بحق نحو 150 ناشطا الا ان محاكم الاستئناف قضت لاحقا ببراءتهم جميعا.
ومنذ ان اطاح السيسي عندما كان وزيرا للدفاع، بالرئيس الاسلامي محمد مرسي، بدأ حملة قمع دامية ضد جماعة الاخوان المسلمين امتدت بعد ذلك الى الناشطين الليبراليين واليساريين الذين برزوا خلال الثورة على حسني مبارك عام 2011 والذين يقبع العديد منهم الان في السجون.