وكالة فيتش: توقعات بتجاوز سوق الدين السعودي 500 مليار دولار بنهاية العام
استهلَّت “السعودية” عام 2025 بنشاطٍ قوي في سُوق الديون، حيث توقّعَت وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني أن يتجاوزَ حجم السُوق 500 مليار دولار بنهاية العام. خلال الشهر الماضي، جمع النظام السعودي 12 مليار دولار من أول طرح سندات دولية لها هذا العام، وبلغ حجم الطلب على سنداته المصنفة ضمن الدرجة الاستثمارية 30.5 مليار دولار، بحسب “بلومبرغ”. كما باع صندوق الثروة السيادي السعودي سندات دولية بقيمة 4 مليارات دولار في أول طرح له هذا العام، عقب أن حصل على أول تمويل بنظام المرابحة بقيمة 7 مليارات دولار، كجزء من استراتيجيته التمويلية متوسطة المدى، وذلك بمشاركة 20 مؤسسة مالية دولية وإقليمية. وبحسب تقديرات “فيتش”، سيرتفع الدين الحكومي إلى الناتج المحلي الإجمالي ليبلغ 35.3% بحلول نهاية 2026، من 29.8% بنهاية العام الماضي. تتماشى تقديرات “فيتش” مع تلك الصادرة في وقت سابق عن “إس آند بي غلوبال” والتي توقعت استمرار زخم إصدارات الديون السعودية في الأسواق العالمية والمحلية بقيادة البنوك في العام الجاري، مدفوعة بالسعي لتمويل مشروعات محمد بن سلمان ضمن “رؤية 2030″، وذلك بعد بداية نشطة للإصدارات الدولارية من “السعودية” منذ بداية العام. فضلا عن المحركات السابق ذكرها لسوق الدين، سيقود الانخفاض المحتمل لأسعار النفط بحسب تقديرات “فيتش”، والتي تشير إلى متوسط عند 70 دولاراً للبرميل في العام الجاري و65 دولاراً في 2026، من مستوى قرب 75 دولاراً حالياً، إلى زيادة متطلبات التمويل. وفي سياق متصل، يعكس حجم الضغوط المالية التي يصرّ النظام السعودي على تجاهلها، يُجري صندوق الاستثمارات العامّة السعودي محادثاتٍ مع شركة التأمين الإيطالية ووكالة ائتمان الصادرات Sace، للحصول على ضمانات قروض بقيمة 3.1 مليار دولار أميركي، حسبما أفادَت وكالة “بلومبرغ” في السادس مِن فبراير الجاري، مُشيرةً إلى أنّ الشركة ستقدّم معاهداتٍ لعددٍ منَ البنوك الدولية التي تُقرض الأموال للسيادي السعودي، على أن يشمل ذلك قرضًا بقيمة 3 مليارات دولار لمشروع “نيوم” المُتعثِر بمنطقة تبوك. وتأتي المُناقشات في أعقاب زيارة رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني إلى الرياض، حيث تمّ توقيع صفقات بقيمة 10 مليارات دولار. إلى جانب خُطط اقتراض أُخرى، بلغَت 2.5 مليار دولار مِن ثلاثة بنوك، وسبعة مليارات دولار مِن عشرين مؤسسة مالية، مِن بينها “سيتي” و”غولدمان ساكس” و”جيه بي مورغان”، كما تمّ جمْع 4 مليارات دولار عبر إصدار سندات، إضافةً إلى 7 مليارات دولار مِن إصدار صكوك. يُذكر أنّ السعودية قد اقترضَت، منذ بداية العام الجاري، ما يصل مجموعه إلى 23 مليار دولار، وفقَ تقارير اقتصادية. هذا وكانت وزارة المالية السعودية قد أصدرت بيانا قالت فيه أنها اعتمدت الخطة التمويلية للعام الجاري 2025، متوقعة اقتراض ما يصل إلى 37 مليار دولار، لتغطية العجز في موازنة العام الجاري. ما يعكسُ اعتمادَ السُلطات على خُطَط الاستدانة، مِن أجل تغطية العجز الكبير في الميزانية. ويقول خبراء إن الإطار الزمني الممتد لعشر سنوات يضيف عاملا لعدم القدرة على التنبؤ المالي بسبب الأهمية الدائمة لأسعار النفط الخام بالنسبة لمالية البلاد. وقال ستيفن هيرتوج، الأستاذ المشارك في كلية لندن للاقتصاد: “إن السيناريو الذي يشهد انخفاضا مستمرا في عائدات النفط، والذي يجعل تمويل البنية التحتية الرئيسية صعبا، هو أمر يمكن تصوره، لكنه ليس النتيجة الأكثر ترجيحا”، مضيفا أن “الإنفاق المرتبط بكأس العالم سيكون له الأولوية” على المشاريع الأخرى نظرا للمخاطر التي تهدد السمعة نتيجة عدم تسليم العمل للبطولة في الوقت المحدد. وفي السياق تُثار الشكوك حول قدرة ابن سلمان على استكمال كل هذه المشاريع، وحتى مع التصريحات والاعترافات التي خرجت من شخصيات رسمية التي تقرّ بتمديد مهل الانتهاء من المشاريع وتقليص حجمها، إلا أن الأمور تبدو أكثر تعقيدا من مجرد الاعتراف بخطئ التقدير. ووفقاً لإد جيمس من شركة ميد لاستشارات ذكاء الأعمال، فإن القدرة على تسليم كل هذه المشاريع، دفعة واحدة، هو واحدا من المواضيع المثيرة للقلق داخل البلاد. ويقول: “أعتقد أن هناك اعترافاً في المملكة العربية السعودية بعدم وجود موارد كافية”. ويستطرد متوسّعا ” لن يكون هناك ما يكفي من المواد والمعدات لتنفيذ كل هذه المشاريع بالتوازي. ومن الواضح أن ذلك يخلق ضغوطًا على التكلفة”، ويتطرّق إلى ما يتعلق بالمواد الكثيرة المطلوبة، سواء كانت خرسانة أو زجاج أو فولاذ أو معدات، وأشياء مثل الحفارات والرافعات المتحركة وما إلى ذلك. ويقول جيمس إن الحكومة السعودية تحاول التغلب على تحدي توفير الموارد من خلال تشجيع الشركات من عدد من الصناعات على إقامة عمليات في البلاد. ويقول: “سواء كان ذلك زجاجاً أو فولاذاً أو سيارات كهربائية أو كابلات، فإنهم يقولون: “سوف نساعدكم على الدخول، وإنشاء منشآتكم في المملكة، ويمكننا أن نضمن قدراً معيناً من إنتاجكم”. كما يتم توجيه دعوات مماثلة للمهندسين وشركات البناء والاستشاريين المطلوبين لتسليم المشاريع، لكنهم ليسوا وحدهم في صنعها. يعلق جيمس على هذه المسألة: “أنت ترى تلك الهجرة، لكن الكثير من هؤلاء المهندسين عادوا إلى دبي لأنها تشهد ازدهارًا الآن أيضًا.. من المهم أن نعرف أن دولة الإمارات العربية المتحدة تشهد أيضًا ازدهارًا وأن هناك سوقين متنافسين للبناء يحاول كل منهما جذب نفس المواهب.” كما أشارت تقديرات، مؤخرا، إلى أن مشاريع 2030 تستنزف خزينة الدولة، وأنها تهدد بإفلاس الدولة بشكل جدي، ولكن يتم غض الطرف عن طرق إبداعية لجمع الديون دون ظهورها في الميزانية العمومية للبلاد.