وكالة أميركية : “تخوّف” ابن سلمان من ردة فعل الشباب “السعودي” على التطبيع
تختلف وجهات النظر حول العارقيل الحقيقية التي تقف اليوم أمام عقد صفقة التطبيع بين “إسرائيل” و”السعودية”، لكنها كلها تتفق على أنها كانت تسير في مسار تصاعدي وكانت قريبة جدا من أن يُعلن عنها إلى حين “طوفان الأقصى” الذي عطّل مساعي أميركا لإتمام الصفقة. حدّدت وكالة “بلومبيرغ” الأميركية واحدة من الأسباب التي تعيق الإعلان عن الصفقة، معتبرة وفقا لمن تحدّثت إليهم، أن ما أسمته “تخوّف” محمد بن سلمان من ردّة فعل شعبية هو عائق بارز في المرحلة الحالية. مشيرة إلى أن “التأملات المتكررة للرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن نقل مليوني فلسطيني إلى “قطعة أرض جيدة”، هي تصريحات تضع ابن سلمان في موقف صعب. فقد استيقظ الشباب السعوديون على القضية الفلسطينية وسط حرب إسرائيل ضد قطاع غزة، وقد يؤدي رد فعلهم على مثل هذه الخطوة ــ إلى جانب رد فعل الملايين من المسلمين في المنطقة وحول العالم ــ إلى عدم الاستقرار”. وقال بدر السيف، الأستاذ المساعد في جامعة الكويت والزميل المشارك في تشاتام هاوس: “يعتقد ترامب أن تصريحاته التحريضية تساهم في “فن الصفقة” المزعوم، ورفع الرهانات للوصول إلى موقف وسط – وهو ما فعله مرارًا وتكرارًا خلال الأسبوعين الماضيين مع كندا والمكسيك وكولومبيا. لكن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني مختلف”. كما اعتبر أكثر من شخص تحدثت الوكالة إليهم أن محمد بن سلمان يدرك أن أي اتفاق يفتقر إلى خطوات ملموسة في الحصول على حقوق للفلسطينيين من شأنه أن يسبب له مشاكل في الداخل وفي المنطقة. واعتبرت أنه “سيكون من الصعب عليه تقديم تنازلات كبيرة بعد وصفه لأفعال إسرائيل في غزة بأنها “إبادة جماعية” في نوفمبر/تشرين الثاني وتعهده في سبتمبر/أيلول، ومرة أخرى يوم الأربعاء، بأن الاتفاق لابد أن يتضمن حل الدولتين”. بدورها، قالت آنا جاكوبس، المحللة البارزة في شؤون الخليج في مجموعة الأزمات الدولية: “نظراً لأهمية القضية الفلسطينية بالنسبة للشعب السعودي ومدى الموت والدمار الذي أحدثته إسرائيل في غزة والضفة الغربية، أعتقد أن الرياض ستمضي بحذر شديد في هذه المحادثات”. وتكهن بعض المراقبين بأن محمد بن سلمان قد يقبل بنسخة مخفّفة من الطريق إلى إقامة دولة فلسطينية في حال لبّت الولايات المتحدة معظم مطالبه الأساسية في مجالات الدفاع والأمن والاستثمار والتكنولوجيا، نظرا لتركيزه على التنمية الاقتصادية. وأضاف شخص طلب عدم الكشف عن هويته من أجل التحدث بحرية، أن “من بين أكبر مخاوف محمد بن سلمان هم الشباب في السعودية، الذين يشكلون أكثر من 60٪ من السكان، ومثلهم كمثل العديد من الآخرين في جميع أنحاء الشرق الأوسط، شهدوا ارتفاعًا في الدعم للفلسطينيين وسط الحرب”. مستندا في رؤيته إلى ارتكاز ابن سلمان على دعم الشباب لحكمه للمضيّ قدماً “في خطته الطموحة للتحول الاقتصادي والاجتماعي “رؤية 2030″، والتي تنطوي على إنفاق تريليونات الدولارات لتوسيع اقتصاد المملكة العربية السعودية وتقليل اعتمادها على النفط”. رأت الوكالة أنه ورغم أن محمد بن سلمان تحدى الشعب بقرارات غير شعبية مثل فرض ضريبة القيمة المضافة الباهظة ومصادرة الأراضي لمشاريعه الضخمة، فإن القضية الفلسطينية تثير احتمالات حقيقية لعدم الاستقرار، وفقًا لمحللين إقليميين. ففي العام الماضي، ألقت السلطات السعودية القبض على بعض الأشخاص الذين نشروا منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي هاجموا فيها إسرائيل بسبب حربها على غزة وانتقدوا أي تطبيع محتمل، وسط مخاوف إقليمية من أن تستغل إيران والجماعات الإسلامية الصراع للتحريض على موجة من الانتفاضات، وفقًا لدبلوماسيين مقيمين في الرياض. ويقول حسن أبو هنية، الخبير في شؤون الإسلام المتشدد والمقيم في الأردن والمنتمي إلى المركز العربي للأبحاث ودراسات السياسات، إن “الخطر الذي يهدد المملكة العربية السعودية حقيقي، وخاصة بالنسبة لدولة تروج لنفسها باعتبارها زعيمة للعالمين العربي والإسلامي. وهذا ليس قراراً سهلاً ويتطلب معايرة وتنفيذاً دقيقين”. هذا وكان “لقاء” المعارضة في شبه الجزيرة العربية، رأت أن واحدا من العوائق التي تأخر إقدام “السعودية” للتطبيع مع كيان الاحتلال هو اعتبارها بضرورة تغيير القيادة الإسرائيلية (إزاحة نتنياهو) لتخفيف الكلفة السياسية للتطبيع. إلى جانب استمرار وجود حركات المقاومة الفلسطينية، مثل حماس، التي تشكل عائقًا أمام تحقيق تطبيع سريع وشامل.