الأمم المتحدة “تغطّي” على القمع السعودي: تواطؤ مفضوح خلال مؤتمر حوكمة الأنترنت

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 94
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

في كانون الأول الماضي 2024، نظمت الأمم المتحدة مؤتمر حوكمة الأنترنت في “السعودية”، التنظيم أثار حينها رفضا من جهات حقوقية نظرا لتناقض “رسالة” المؤتمر المزعومة وملف حقوق الإنسان في البلد المضيف، أي “السعودية”. وكشفت منظمة هيوومن رايتس ووتش حديثا عن التغطية التي أمّنها مسؤولو الأمم المتحدة لجرائم وتعديات “السعودية” في مجال الانتهاكات الإلكترونية وفي مجال وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك خلال عقد المؤتمر. كشفت هيومن رايتس ووتش إن الأحداث التي شهدها منتدى الأمم المتحدة السنوي التاسع عشر لحوكمة الإنترنت كانت أحدث مثال على قيام حكومة قمعية باستضافة مؤتمر كبير للأمم المتحدة وفرض الرقابة على ممثلي المجتمع المدني وترهيبهم. وفي التفاصيل قامت أمانة منتدى حوكمة الإنترنت بمراقبة الانتقادات الموجهة إلى “السعودية” من قِبل أحد المدافعين السعوديين المعروفين عن حقوق الإنسان في ورشة عمل نظمتها هيومن رايتس ووتش، كما هددت بطرد باحث هيومن رايتس ووتش في شؤون السعودية من المؤتمر، وصادرت المواد التي تسلط الضوء على قضايا المدافعين عن حقوق الإنسان. وقال مسؤولون في الأمم المتحدة لباحثة هيومن رايتس ووتش –جوي شيا- التي كانت حاضرة خلال المؤتمر ونظمت جلسة على هامشه، إن الحكومة السعودية تقدمت بشكوى وضغطت على الأمم المتحدة لإلغاء الشارة التي تسمح لشيا بحضور المؤتمر. وأشار المسؤولون إلى مقطع فيديو نشرته هيومن رايتس ووتش على وسائل التواصل الاجتماعي تستشهد فيه بقضية محمد الغامدي، كأساس لشكوى الحكومة السعودية. وذكر المسؤولون أيضًا أن تسمية شيا لمدافعين محددين عن حقوق الإنسان أثناء ورشة العمل قد يشكل انتهاكًا لقواعد السلوك. وقالوا إنهم سيضطرون إلى مناقشة ما إذا كان سيتم إلغاء شارتها مع مقر الأمم المتحدة في نيويورك. وكانت هيومن رايتس ووتش نظمت جلسة على هامش مؤتمر الحوكمة، سلطت فيها الضوء على “السعودية” كنموذج للحكومات القمعية وكيفية اسخدامها للأنترنت كأداة لفرض سيطرتها على الشعب. وخلال الجلسة تم تسجيل مداخلة عبر الفيديو لناشطة حقوقية في الخارج أعربت فيها عن رفضها لسياسة قمع المعارضة في شبه الجزيرة العربية. المداخلة سجلتها المعارِضة لينا الهذلول من خلال مشاركتها على هامش مؤتمر الحوكمة المنعقد في الرياض، في حالة نادرة من انتقاد سياسات محمد بن سلمان في قمع المعارضة، وفي “لحظة تاريخية” لصوت يصدح من داخل الجزيرة العربية. قالت ديبورا براون، نائبة مدير التكنولوجيا والحقوق والتحقيقات في هيومن رايتس ووتش: “يتعين على الأمم المتحدة والدول الأعضاء فيها وضع حد لمناخ الترهيب والرقابة ضد الدبلوماسيين والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان وممثلي المجتمع المدني الآخرين في مؤتمرات الأمم المتحدة. إن تقييد قدرة المشاركين على التحدث بحرية حول قضايا سياسة الإنترنت، بما في ذلك القضايا ذات الصلة في البلد المضيف، يقوض غرض المنتدى”. المنظمة أشارت إلى أن “أمانة منتدى حوكمة الإنترنت قامت بإزالة الانتقادات للحكومة السعودية من السجل الرسمي للفيديو ونسخة منقحة من ورشة العمل التي استضافتها هيومن رايتس ووتش بالاشتراك مع منظمة القسط، وهي منظمة حقوقية سعودية مقرها لندن. كان من المشاركين في ورشة العمل: “معاهدة الأمم المتحدة للجرائم الإلكترونية والقمع عبر الوطني”، ولينا الهذلول، رئيسة المناصرة في منظمة القسط لحقوق الإنسان، التي لم تشارك إلى جانب ممثلون آخرون لمنظمات الحقوق الرقمية بشكل شخصي بسبب مخاوف جدية على سلامتهم”. يُعدّ منتدى حوكمة الإنترنت المنتدى الرئيسي للأمم المتحدة للحوار حول قضايا السياسة العامة المتعلقة بالإنترنت. وقد عقد مؤتمره السنوي مرارًا في بلدان حيث تكون حرية التعبير والمعارضة مقيدة للغاية. حيث سبق أن واجه الصحفيون وممثلو المجتمع المدني رقابة مماثلة في المؤتمرات السابقة وفي مؤتمر تغير المناخ الذي نظمته الأمم المتحدة (COP28) في الإمارات العربية المتحدة في ديسمبر 2023. الورشة التي نظمتها هيومن رايتس ووتش على هامش مؤتمر الحوكمة، ركزت على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجرائم الإلكترونية وتأثيرها المحتمل على حقوق الإنسان باستخدام دراسات حالة “السعودية” لتوضيح كيفية استخدام قوانين الجرائم الإلكترونية ومكافحة الإرهاب الحالية لاستهداف النشطاء وكيف يمكن للمعاهدة أن تؤدي إلى تفاقم هذه الانتهاكات. تم نشر مقطع فيديو للجلسة على موقع “منتدى الأمم المتحدة لحوكمة الإنترنت” (IGF)على صفحتهم على يوتيوتب بعد الجلسة. ثم حذفت IGF التسجيل في 19 ديسمبر وأزالت أيضًا نص الجلسة من موقعها على الإنترنت. في 13 يناير 2025، نشرت IGF نسخة معدلة من الفيديو على قناتها على YouTube مع إزالة أجزاء كبيرة من تصريحات الهذول. وشمل ذلك حالات سجن المدافعين السعوديين عن حقوق الإنسان واستخدام قوانين مكافحة الجرائم الإلكترونية ومكافحة الإرهاب في “السعودية” لاستهداف النشاط السلمي والتعبير عبر الإنترنت، فضلاً عن المخاوف من عدم تمكن المجتمع المدني من الحضور في IGF في الرياض بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة. كما قامت IGF بتحرير أسماء وتفاصيل حالات المدافعين عن حقوق الإنسان الذين تم الوقوف دقيقة صمت من أجلهم. كما قامت الأمانة بحذف هذا المحتوى من النسخة الإلكترونية للجلسة. وقالت الهذلول خلال الورشة: “في المملكة العربية السعودية، تحدد القوانين مثل قانون مكافحة الإرهاب وقانون مكافحة الجرائم الإلكترونية الجرائم الجنائية بمصطلحات غامضة وخطيرة. تُستخدم هذه القوانين بشكل روتيني لاستهداف النشاط السلمي وحرية التعبير”. وفي حين تضمنت الجلسة دراسة حالة كلّاً من “السعودية” ودول من أميركا الجنوبية، إلا أن منتدى حوكمة الإنترنت لم يقم بمراقبة وحذف سوى الكلام الموجّه إلى “السعودية”. في استدلال على تواطؤ منظمة الأمم المتحدة مع الحكومة السعودية، صادر موظفو الأمانة العامة منشورات من جناح منظمة العفو الدولية في مؤتمر حوكمة الأنترنت والتي سلطت الضوء على قضية الناشطة السعودية في مجال حقوق المرأة المعتقلة مناهل العتيبي تضمن الفيديو المحرر ملاحظة على الشاشة تفيد بأن المحتوى قد تم حذفه من السجل لانتهاك مدونة قواعد السلوك الخاصة بمنتدى حوكمة الإنترنت، واقتبس الشرط الذي ينص على أن المشاركين في منتدى حوكمة الإنترنت يجب أن “يركزوا المناقشة أو الملاحظات على القضايا بدلاً من الجهات الفاعلة المحددة، سواء كانوا أفرادًا أو مجموعات أو منظمات أو حكومات، والامتناع عن الهجمات الشخصية أو الشخصية”. وكتبت هيومن رايتس ووتش إلى الأمانة العامة في 19 ديسمبر 2024، تطلب معلومات حول عمليات الإزالة. ورد مسؤولو الأمم المتحدة في 22 ديسمبر مستشهدين بنفس القسم من مدونة قواعد السلوك. وقالت الأمانة العامة إن القرار “غير قابل للاستئناف”، ولم ترد على أسئلة محددة تتعلق بكيفية وسبب تفسير هذه السياسة. لينا الهذلول كانت قد انتقدت أشارت، في كلمتها، إجراءات حظر السفر، مفسِّرة لماذا تتحدث عبر الفيديو عوضا عن القدوم شخصيا لبلادها. وقالت “كنت أتمنى أن انضم لكم بشخصي لكنّ بسبب المخاوف الأمنية وحظر السفر غير القانوني المفروض على عائلتي منذ 2018، يظل ذلك مستحيلا راهنا”. وتعقيبا على المنتدى، قالت جوي شيا ، الباحثة في شؤون “السعودية” في هيومن رايتس ووتش: “لقد انخرطت السلطات السعودية في هجوم مستمر على حرية التعبير عبر الإنترنت، ومع ذلك فهي تستضيف مؤتمراً عالمياً للإنترنت. وإذا كانت الحكومة السعودية جادة حقاً بشأن الحقوق الرقمية، فيتعين على السلطات الإفراج فوراً عن عشرات النشطاء المسجونين بسبب حرية التعبير على الإنترنت”. جلسة النقاش التي عُقدت خلال المؤتمر تناولت معاهدة الأمم المتحدة لمكافحة الجرائم السيبرانية، وهي أول نص من نوعه للهيئة الأممية، والتي وافقت عليها الدول الأعضاء في آب/أغسطس رغم المعارضة الشديدة من نشطاء حقوق الإنسان الذين حذروا من مخاطر المراقبة المحتملة. وفي حديثها عن هذه النقطة، قالت لينا الهذلول إن “السعودية”  تمثل “قصة تحذيرية” حول كيف يمكن للمعاهدة أن تغذي قمع المعارضة. وقالت “على مدى السنوات القليلة الماضية، كشفت مراقبتنا وأبحاثنا عن المدى المزعج لجهاز المراقبة في المملكة العربية السعودية، سواء عبر الإنترنت أو خارجه”. وأضافت أنّ “المجتمع المدني (في السعودية) لم يعد بوسعه الحديث بشكل مستقل وأولئك الذين يجرؤون على التعبير عما تعتبره الحكومة معارضة يتم إسكاتهم عبر السجن أو ما هو أسوأ”.