“السعودية” تستكمل حرب “إسرائيل” على لبنان: المطلوب استئصال المقاومة من المشهد السياسي

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 85
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

بدا واضحا منذ شروع مشهدية انتخاب رئيس لجمهورية لبنان، بعد أكثر من عامين على الشغور الرئاسي، وجود دور سعودي فاقع يسيّر الأمور إلى جانب الأميركي، يعمل الطرفان فيه على استكمال الحرب العسكرية الإسرائيلية على وجود المقاومة عسكريا، فكان للسعودي أن يعود إلى الساحة اللبنانية “كُرمى عين” الرؤية الأميركية لـ “لبنان دون مقاومة”، من بوابة السياسة. ليس جديدا على السعودي أن يكون طرفا في مشاريع استئصال أوجه المقاومة من المنطقة، فهو تعّهد بأن يكون حامي وجود كيان الاحتلال الإسرائيلي، وهذا منذ وجوده هو ككيان سعودي على أرض شبه الجزيرة العربية. العودة السعودية إلى لبنان أتت لجبي أثمان الحرب العسكرية الإسرائيلية التي فشلت في محو قدرة المقاومة على الأرض، لتجبيها في السياسة اللبنانية. وبعد سنوات طوال من فشل السعودي في مهمة إضعاف الحزب وشعبيته، من خلال سعيه لتمكين أذرعه الداخلية من الفصائل السياسية المعروفة الموقف من “إسرائيل”، عاد السعودي إلى المشهد اللبناني من خلال الإمساك برئيسي الجمهورية والحكومة اللبنانيَّين ليفرض أمر واقع جديد على شكل الحكومة اللبنانية بعيدا عن نتائج الانتخابات النيابية. ومع تأخر الإعلان عن تشكيل حكومة الرئيس المكلف نواف سلام، ثبُت أن الدور السعودي- الأميركي في المرحلة اللبنانية المقبلة لا يقف عند حدّ فرض إسم رئيس جمهورية، بل تعدّاه إلى فرض إسم رئيس حكومة، لتكون خيوط اللعبة الأساسية في أيدي الولايات الأميركية المتحدة بالدرجة الأولى و”السعودية” بالدرجة الثانية، كمنسّق للتعليمات الأميركية المطروحة انطلاقا من المصالح الإسرائيلية. الرواية الأكيدة تفيد بأن انقلاباً أميركياً- سعوديّاً جرى على “التسوية” التي كان من المقرر السير بها والقائلة بأن تنصيب جوزيف عون رئيسا للجمهورية يقابله الإبقاء على نجيب ميقاتي رئيسا للحكومة إلى حين الانتخابات النيابية المقبلة، بعد 15 شهراً، لكن المكر السعودي المدعوم أميركيا عمل في ساعات الظلام على الانقلاب على التسوية المزعومة وفرض إسم رجل القانون سلام المرضيّ عنه أميركيا. يُعمل اليوم على الإيحاء -سيّما في الإعلام السعودي- بأن العقدة التي تقف أمام تشكيل الحكومة هي “عقدة الوزير الخامس”، القائلة بأن سلام “يفاوض” على اسم الوزير الشيعي الخامس مع الثنائي أمل وحزب الله، ولكن حقيقة الأمر هو أن سلام يعمل بوصاية أميركية على استئصال أي وجود لشخصيات تنتمي عقائيديا إلى فكر المقاومة، من خلال تعمّده الإصرار على رفض الأسماء التي تطرحها القوى الشيعية مرارا وتكرارا. إلى ذلك، فإن وقاحة مندوبة ترامب في حديثها من على منبر بعبدا –مقر رئاسة الجمهورية- بالشكر والثناء على كيان العدو لهزيمته حزب الله ينبئ بواقع جديد تنوي أميركا فرضه على المشهد السياسي اللبناني، وتنبئ باطمئنانها للموقف الرئاسي (للجمهورية والحكومة) تجاه هكذا تصريحات. فكان لنائبة المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس، أن قالت خلال تواجدها في قصر بعبدا، وبالحرف “إسرائيل تمكّنت من هزيمة حزب الله، ونحن ممتنّون لها”ّ! وقاحة مفوضة ترامب الصهيونية بأن تطالب بعزل مكوّن سياسي وشعبي قوي من الحكومة، لا يدلّ إلا على احتضان هذا الخطاب من قِبل من فوّضتهم لتولّي المناصب العليا في البلد، فقد قالت أورتاغوس بعد لقائها رئيس الجمهورية جوزيف عون في قصر بعبدا: “حزب الله لن يكون طرفاً في الحكومة اللبنانية وتمّت هزيمته عسكريًّا وانتهى عهد ترهيبه في لبنان والعالم”. هذا الكلام المسيء للسيادة اللبنانية والذي ينبئ باستحقار أميركي لشخص رئيس الجمهورية الذي من المفترض أن يكون وجه سيادة البلد، قوبل برفض وإدانة مختلف الفصائل اللبنانية على رأسها حزب الله، حيث قال عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب علي فياض إن “الأميركيين يخونون دورهم الإشرافي ‏المفترض على ورقة الإجراءات التنفيذية للقرار ١٧٠١ويمارسون ضغوطات على الساحة الداخلية ‏اللبنانية بما لا تحتمله التوازنات السياسية والاجتماعية والحقائق التمثيلية التي تعكسها الخريطة النيابية”، وتابع “المواقف الأميركية هي مجرد فقاعة إعلامية فارغة وهذا لا يلغي بصورة عامة كون ‏الأميركيين بمواقفهم التصعيدية يتصرّفون كوكلاء عن الإسرائيليين”، ولفت الى ان “المواقف الأميركية التي ترفض مشاركة حزب الله بالحكومة بأي شكل من الأشكال هي محاولة استثمار ‏إعلامي وسياسي على غير ذي موضوع”. لكن كل ما قوبلت به مورغان من قِبل الرئاسة اللبنانية، كان مجرّد بيان صدر بُعيد مغادرة أورتاغوس قصر بعبدا، قالت فيه “إنها غير معنية ببعض تصريحات مورغان أورتاغوس نائبة المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط، إثر لقائها الرئيس جوزيف عون”! المؤكّد اليوم أنّ الأميركي أعاد تنصيب السعودي لمواجهة الوجود المقاوم بمكوناته وفصائله وشعبيته في لبنان، ولعلّ “السعودية” كانت من أوائل المتضررين من عملية طوفان الأقصى، أرادت أن تنتقم من انعدام فرص التطبيع مع الاحتلال، بأن يكون انتقامها من بوابة لبنان. ولكن للانتخابات النيابية المقبلة كلمتها الفصل، فكيف ستجبر قوى الاستكبار على التصويت لغير من ضحّى بأغلى وأثمن ما يملك لأجل صون كرامته؟