السعودية والكيان الصهيوني.. تطبيع على جميع المستويات

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 3898
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

تأخذ عمليات تطبيع السعودية مع الكيان الصهيوني كل يوم، تطورات متسارعة، حيث افتتحت صحيفة إيلاف السعودية يوم الأربعاء الماضي، بوابة التطبيع مع العدو الإسرائيلي بشكل رسمي وعلني، عندما أجرت مقابلة مع رئيس أركان جيش العدو الإسرائيلي، غادي آيزنكوت.

ولم تمض أيام وتحديدًا بالأمس، حتى وجدنا وفي لعبة تبادل الأدوار بين تل أبيب والرياض، وزير العدل السابق، محمد بن عبد الكريم العيسى، يطل بمقابلة مع صحيفة معاريف العبرية، ما يعاظم من فداحة المشهد، لاسيما أنه ضمن المقربين من ولي العهد، محمد بن سلمان، ويتمتع بصفة دينية كبيرة في الوقت الحالي.

ومن الواضح أن النظام السعودي الجديد يريد تخطي كل الخطوط الحمراء في عملية التعاطي مع العدو الإسرائيلي، فالمقابلة الإعلامية بين الرياض وتل أبيب على أشدها، ابتداءً من أعلى المستويات العسكرية وليس انتهاءً بالمواطن السعودي العادي، ففي شهر يوليو الماضي ظهر مدير مركز أبحاث من جدة، عبد الحميد حكيم، على القناة الإسرائيليّة الثانية، في حديث تطبيعي يحدث للمرة الأولى مباشرةً من السعوديّة، للحديث عن قطع العلاقات مع دولة قطر.

وظهور حكيم على القناة الإسرائيلية كان مدروسًا بعناية، فبصرف النظر عن أن إطلالته كانت بالزي السعودي التقليدي، إلا أن حديثه حمل في طياته العديد من الرسائل التي صبت في صالح الأهداف الإسرائيلية، حيث قال “لن يكون هناك أي مكان في سياسات السعودية والإمارات وغيرها للإرهاب أو للجماعات التي تستخدم الدين لمصالح سياسية مثل الجهاد وحركة المقاومة الإسلامية حماس”.

 

وفي 31 أكتوبر الماضي، دعا الإعلامي السعودي، أحمد العرفج، على قناة «روتانا خليجية»، إلى التطبيع مع إسرائيل، والتعايش مع وجودها في المنطقة، قائلا إن قطع العلاقات لم يعد مجديًا، وإن إسرائيل لم تعد في الواجهة، «المشكلة الحقيقية هي مع العدو في اليمن والمشاكل مع قطر، وإيران الصفوية»، وأكد أن إسرائيل لم تعد كما السابق، ولا بد من الاعتراف بوجودها.

 

التطبيع السياسي

وقال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في خطابٍ له أمام الكنيست أمس، إن العائق الرئيسي أمام إبرام سلام بين الدول العربية وإسرائيل ليس في قادة الدول، إنما الشعوب العربية، كما تحدث قبل يومين، وزير الطاقة الصهيوني، يوفال شطاينتس، عن علاقات سرية مع السعودية، قائلا “لإسرائيل بالفعل علاقات سرية مع دول إسلامية وعربية كثيرة، المعني بإخفائها هو الطرف الثاني، من ناحيتنا، لا مشكلة لدينا، لكننا نحترم رغبة الطرف الثاني، سواء مقابل السعودية أو مقابل دول أخرى”، مؤكدا وجود علاقات “أكبر بكثير، لكننا نبقيها سراً”.

التصريحات الإسرائيلية الأخيرة تكشف عن سرعة في تطوير العلاقة بين الرياض وتل أبيب، ففي الماضي، دائمًا ما كان يمهد لخطوة التطبيع على المستوى السياسي والدبلوماسي للعلاقات بين السعودية والعدو الإسرائيلي، بزيارة لمسؤولين سعوديين “سابقين” إلى تل أبيب، كمدير الاستخبارات السعودي السابق، تركي الفيصل، والجنرال المتقاعد أنور عشقي، لكن اليوم بات الحديث يدور حول مسؤولين سعوديين حاليين على رأس الهرم السياسي للمملكة، فعلى المستوى السعودي الرسمي، قال مسؤول إسرائيلي، رفض الكشف عن اسمه، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن المسؤول السعودي الذي زار إسرائيل سرًا في شهر سبتمبر الماضي هو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

وفي سياق التطبيع السياسي، كشفت وثيقة سرية مسربة لوزارة الخارجية الإسرائيلية، التي يترأسها بنيامين نتنياهو، نشرتها القناة التليفزيونية العاشرة العبرية يوم 7 نوفمبر الحالي، عن مطالبة سفراء تل أبيب حول العالم بدعم موقف السعودية في حربها في اليمن، وتتحدث الوثيقة التي وُصفت بـ«غير المسبوقة»، عن شن حملة دبلوماسية على ما سمته بـ«التمدد الشيعي» في المنطقة، وإقناع قادة العالم بمنع دمج حزب الله اللبناني في أي حكومة لبنانية مستقبلية.

في مقابل الوثيقة الإسرائيلية، تم الكشف عن وثيقة سعودية سربت مؤخرَا؛ عبارة عن رسالة موجهة من وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، إلى ولي العهد، محمد بن سلمان، وجاء فيها خلاصة مباحثات وتوصيات حول مشروع إقامة علاقات بين السعودية وإسرائيل، وكشفت الوثيقة إجمالًا حجم التنازلات التي تنوي الرياض تقديمها في سياق تصفية القضية الفلسطينية.

 

التطبيع العسكري

قبل أشهر، تناقلت صحف أمريكية أنباء عن تشكيل ناتو إسلامي، بقيادة أمريكا وإسرائيل يضم دولا عربية من بينها السعودية، ويهدف لضرب إيران، وبالتالي تكميم حركات المقاومة ضد إسرائيل سواء كانت لبنانية أو فلسطينية، واليوم التحالف العسكري بين السعودية وإسرائيل أخذ يتبلور شيئًا فشئيًا، فمن اجتماع بين رئيس أركان الجيش السعودي، الفريق عبد الرحمن بن صالح البنيان، مع رئيس أركان جيش الاحتلال، في واشنطن 20 أكتوبر الماضي، إلى لقاء مع آيزنكوت مع صحيفة إيلاف السعودية.

ومؤخرًا، تصريحات على لسان وزير الحرب الإسرائيلي السابق، موشيه يعلون، فضحت علاقة الرياض بتل أبيب، خلال مقابلة مع قناة «كان» في التليفزيون العبري، الأحد الماضي، حيث قال “ليس مصادفة أن نسمع وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، يقول باللغة العربية ما نحن نقوله بالعبرية”، في إشارة إلى رؤيتهما إيران عدوا مشتركا.

التصريحات الإسرائيلية تؤكد الأخبار التي كانت تشير إلى دعم الطائرات الإسرائيلية للسعودية في عدوانها على اليمن، كما أن تل أبيب والرياض دعمتا سويًا الجماعات الإرهابية المتواجدة في سوريا، ومؤخرًا قال الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، أن السعودية دعمت العدو الإسرائيلي في عدوانه على لبنان 2006، وقال إن الكلام ليس اتهامًا، إنما مبني على معلومات.

 

التطبيع الاقتصادي

ولم تتأخر الشركات العبرية في إظهار رغبتها التواجد ضمن مشروع “نيوم” السعودي، الذي أعلن عنه مطلع الشهر الحالي، حيث قالت صحيفة “جيروسالم بوست” العبرية، إنها علمت من شركات عاملة في السوق المحلي (الإسرائيلي) بمحادثات بينها وبين صندوق الاستثمارات العامة السعودية للدخول في المشروع.

اللافت، أن الحضور الإسرائيلي في المشروع السعودي العملاق لم يتم نفيه، فوكالة الأناضول، نقلت عن مسؤول في القطاع الخاص السعودي، رفض الكشف عن اسمه، استحالة الإعلان عن حضور إسرائيلي في المشروع السعودي «طالما تبقى العلاقات الدبلوماسية العلنية معدومة بين البلدين»، وأضاف أن أي حضور إسرائيلي مستقبلي في «نيوم» قد يكون سرياً، ومقتصراً على القطاع الخاص في كلا البلدين.

 

ويمتد التعاون بين الجانبين إلى مجالات الاقتصادية أخرى، فقد أشار المحلل السياسي الإسرائيلي، إيلي نيسان، إلى احتمالية فتح السعودية مجالها الجوي قريبا أمام الطيران المدني الإسرائيلي.

 

التطبيع الديني

أثارت صور لمواطن صهيوني، يُدعى بن تسيون تشدنوفسكي، داخل المسجد النبوي في المدينة المنورة، يوم الاثنين الماضي، حالة من الغضب بين المستخدمين العرب لوسائل التواصل الاجتماعي، وقابل الوجود الإسرائيلي في أماكن العبادة السعودية وأطهرها على الإطلاق، وجود سعودي في أماكن العبادة الإسرائيلية؛ بحضور تركي الفيصل في معبد يهودي، حيث استضاف المعبد منتدى السياسة الإسرائيلية، بمشاركة مدير جهاز الموساد الإسرائيلي السابق، أفراييم حليفي، وأعرب الأمير السعودي عن امتنانه لوجوده لأول مرة في معبد يهودي.

وبالعودة إلى مقابلة وزير العدل السعودي السابق مع صحيفة معاريف، نجد أن محمد بن عبد الكريم العيسى، له صفه دينية لأنه رئيس رابطة العالم الإسلامي، والخطورة تكمن في التصريحات التي أدلى بها أمس، خاصة في ظل توصيفات النظام السياسي في السعودية لحركات المقاومة بالإرهابية، حيث قال العيسى إنّ “أي عمل عنف أو إرهاب يحاول التستر وراء دين الإسلام لا مبرّر له على الإطلاق، ولا حتى داخل إسرائيل”.

التقارب الديني بين المملكة والكيان الصهيوني، ظهر أيضا في دعوة وزير الاتصالات الصهيوني، أيوب قرا، منتصف الشهر الجاري، لمفتي السعودية، عبد العزيز آل الشيخ، على خلفية فتوى وقف فيها الشيخ ضد الحرب وضد قتل اليهود، قائلا إن حماس منظمة إرهابية تضر الفلسطينيين، وإن كلَّ مظاهرات الأقصى، دعاية رخيصة.