موقف عدائي يجمع السعودية والإمارات مع إسرائيل ضد لبنان
إبراهيم السراجي
يمارس التحالف، الذي أعلن عنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في فبراير الماضي، ويضم السعودية والإمارات مع إسرائيل ودول أخرى، مهامه على الواقع حتى ولو لم يتم الإعلان عنه رسميا، وهو التحالف الذي لم تنف أي من الدول المدرجة فيه علاقتها به.
وبالرغم من الدور الذي تلعبه جامعة الدول العربية لصالح المشروع الأمريكي في المنطقة، إلا أنه لم يعد مقبولا أن تتضمن بياناتها دعم دولة عربية في صراعها مع إسرائيل، وهذا ما حدث مؤخرا عندما تحفظت السعودية والإمارات على جملة التضامن مع لبنان في صراعه الكيان الصهيوني.
وكانت البيانات الصادرة من مجلس جامعة الدول العربية تتضمن عبارات ثابتة منها أن دول الجامعة “تدعم لبنان في صراعه مع إسرائيل” حتى لو لم يكن موضوع الاجتماع متعلقا بذلك الصراع، لكن السعودية والإمارات ومعهما البحرين أبدين تحفظهن على تلك العبارة.
الحجة التي تذرعت بها الدول الثلاث لتبرير التحفظ على دعم لبنان في مواجهة إسرائيل، هي ما كشف عنها مندوب الكويت بالجامعة العربية الذي قال: إن التحفظ بسبب الدعم الرسمي اللبناني لحزب الله، في إشارة واضحة لتصريحات الرئيس اللبناني ميشيل عون الذي قال الذي أشاد بالمقاومة الإسلامية في لبنان مع الجيش ودفاعه عن لبنان في مواجهة اعتداءات إسرائيل.
وفي حقيقة الأمر فإن مجلس جامعة الدول العربية بما فيها الدول المتحفظة على دعم لبنان في مواجهة إسرائيل، لم يصدر عنها أي بيان يدين أو يرفض الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على سيادة لبنان عبر الطيران الصهيوني الذي يخترق أجواء لبنان بشكل متكرر.
في تقريرها حول التحفظ السعودي الاماراتي بالجامعة العربية، رأت جريدة “الأخبار” اللبنانية أن موقف الدولتين ومعهما البحرين “لا يعدو كونه محاولة للضغط على رئيس الجمهورية، بهدف ثنيه عن مواقفه التي يرى فيها مصلحة لبنانية عليا، تتصل بصدّ الأطماع الإسرائيلية”. وأشارت إلى أن السعودية والإمارات تحفظتا قبل عام على ذات الجملة في بيان الجامعة العربية، وفي ذلك الوقت لم يكن ميشيل عون قد أصبح رئيساً للبنان أصلا، وهو ما يؤكد أنه موقف متناغم مع إسرائيل ولم يعد مجرد “تقاطع مصالح”.
إن تفسير الجرأة السعودية الإماراتية على رفض جملة تقليدية تدعم لبنان في صراعه مع إسرائيل يعود إلى ما يجري الإعداد له في واشنطن، والذي كشفت عنه صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية في منتصف الشهر الماضية، أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تشرف على محادثات من وراء الكواليس بين مسؤولين من دول عربية مسؤولين إسرائيليين لإنشاء تحالف عسكري ويضم إلى جانب الكيان الصهيوني كلا من السعودية والإمارات ومصر والأردن.
عقب ذلك نقلت وكالة “فرانس برس” عن ترامب قوله: إنه يؤيد دعوة رئيس وزراء الكيان الصهيوني لإنشاء تحالف من الدول العربية وإسرائيل لما وصف أنه لمواجهة إيران. وسجل “مؤتمر ميونخ للأمن” في 18 فبراير الماضي مرحلة جديدة للتوافق السعودي الإسرائيلي عندما ضمت قاعة المؤتمر وزير الدفاع الإسرائيلي ووزير الخارجية السعودي.
وهناك طالب الوزير الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان من الجبير التعليق على كلامه الذي يقول: إن أهم حدث في الشرق الأوسط منذ عام 1948 هو أن بعض الدول العربية أدركت أن العدو الحقيقي ليس إسرائيل وإنما إيران، قبل أن يصعد الوزير السعودي عادل الجبير ليؤكد ذلك بقوله: “إن طهران هي الراعي الرئيسي للإرهاب في العالم وقوة مزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط وتريد تدميرنا”! ونقلت رويترز كلام ليبرمان والجبير كما ورد.
وفي ظل هذه الأجواء والهرولة المتسارعة للرياض وأبو ظبي باتجاه إسرائيل، فإن ذلك جعلهما لا يتسامحان مع تصريح أطلقه الرئيس اللبناني “ميشيل عون” في 13 فبراير عندما قال: “إن وجود حزب الله إلى جانب الجيش اللبناني ضروري للدفاع عن لبنان في وجه العدو الإسرائيلي”.
تصريح الرئيس اللبناني اعتبره النظام الإماراتي دعماً للإرهاب وبالتالي، وبحسب جريدة الأخبار، أوقفت الإمارات المباحثات مع اللبنانيين لترتيب زيارة كانت مقررة للرئيس اللبناني إلى أبوظبي، في وقت قالت جريدة “النهار” اللبنانية: إن ملك السعودية فعل الأمر ذاته وأوقف ترتيبات لزيارة كان مقرر أن يقوم بها إلى بيروت.
في محاولتها لتأكيد أن تحفظ السعودية والإمارات على بيان الجامعة العربية الداعم للبنان في مواجهة إسرائيل كان “تناغما” مع الموقف الإسرائيلي، تشير جريدة “الأخبار” إلى ما قاله وزير الدفاع الإسرائيلي في أما “الكنيست” والذي عبر عن رفضه لتصريحات الرئيس اللبناني بخصوص الجيش وحزب الله ودورهما في مواجهة إسرائيل عندما قال: “رأينا وسمعنا في الايام الاخيرة سلسلة من التصريحات العدائية لكبار المسؤولين اللبنانيين” مضيفا أنه “قبل أسبوعين سمعنا الرئيس اللبناني ميشال عون يعلن أن دولة لبنان والجيش اللبناني وحزب الله، جميعهم منظومة واحدة موجهة ضد إسرائيل”.
كذلك اعتبر الوزير الإسرائيلي أن تصريح الرئيس اللبناني يجعل الكيان الصهيوني يعتبر أن لبنان كدولة والجيش اللبناني وحزب الله كلهم “أمر واحد” بالنسبة لإسرائيل، وهو كلام يتطابق مع موقف الإمارات والسعودية المتحفظ من بيان الجامعة العربية بسبب التصريح ذاته لرئيس لبنان.