السعودية لا تفهم الدرس: مخاطرة بعودة الحرب

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 263
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

من المتوقع أن تشهد الأيام المقبلة تصعيداً خطيراً في المواقف، بعد التهديدات اليمنية للسعودية، والتي جاءت على خلفية قرار حكومة عدن نقل مقرات البنوك من صنعاء إلى المحافظات الجنوبية. وإذ أبدت السعودية بعض المرونة في الاتصالات مع أكثر من جهة دولية معنية بالمفاوضات حيال فتح مطار صنعاء، إلا أنها تواصل في المقابل الإصرار على إلغاء بعض القرارات الصادرة عن حكومة الإنقاذ، من مثل منع المعاملات الربوية وسحب فئة المئة ريال المعدنية. وفي المقابل، تصرّ الأخيرة على تنفيذ «خريطة الطريق» المتفق عليها بين الجانبين، والتي كان من المفترض توقيعها لولا الفيتو الأميركي، واشتراط واشنطن وقف هجمات حركة «أنصار الله» في البحرين الأحمر والعربي للسماح بالتوقيع. وفي حال مضت الرياض في الامتثال للفيتو الأميركي، فإن المهل الممنوحة لها من قبل صنعاء لتسوية القضية، توشك على النفاد، ليصبح القرار بيد القوات اليمنية التي وضعت خططاً طويلة الأمد لفرض توازن ردع مع المملكة، قائم على التماثل في الإجراءات الاقتصادية؛ إذ لم يعد مقبولاً بالنسبة إلى «أنصار الله» استمرار الحصار على اليمن، والدفع بالقوى اليمنية إلى حروب داخلية.وإضافة إلى منعها السعودية من التوقيع على «خريطة الطريق»، عمدت الولايات المتحدة، عبر سفارتها في اليمن أو المبعوثين الأميركيين، إلى تكثيف التواصل مع «المجلس الانتقالي الجنوبي» وباقي الفصائل المحسوبة على الإمارات في المحافظات الجنوبية، وميليشيا «حراس الجمهورية» برئاسة طارق صالح في المخا، لتحريضها على الاستمرار في مواجهة «أنصار الله» وعدم الالتفات إلى التوجيهات السعودية. ويكاد لا يخلو أسبوع من لقاء بين فرق السفارة الأميركية في اليمن والفصائل المذكورة، بالتزامن مع توجيه واشنطن، أبو ظبي، بزيادة برامج التدريب لتلك الجماعات، وتزويدها بالأسلحة والمعدات العسكرية بما فيها الطائرات المسيّرة، فيما يشرف ضباط ومستشارون أميركيون بأنفسهم على التدريب ونشر الأسلحة على جبهات القتال.
ومنذ اليوم الأول لتشكيل تحالف «حارس الازدهار» برئاسة واشنطن، تكثّفت الاتصالات بين الأخيرة والفصائل المموّلة من دولة الإمارات، ولا سيما «الانتقالي»، وكان آخرها اللقاء الذي جمع السفير الأميركي في اليمن، ستيفن فاجن، الأربعاء الماضي، برئيس «الانتقالي»، عيدروس الزبيدي. والذي جاء إثر سريان معلومات عن أن كل أعضاء «المجلس الرئاسي» وقّعوا وثيقة سعودية تدعو إلى وقف قرارات البنك المركزي في عدن. وكان أعضاء «المجلس الرئاسي» الثمانية، المختلفون على كل شيء تقريباً، قد توحّدوا دعماً لقرارات بنك عدن، وأصرّوا على تنفيذها، قبل أن يتّصل السفير السعودي، محمد آل جابر، برئيس المجلس، رشاد العليمي، ليبلغه بوجوب إلغاء تلك القرارات فوراً، وذلك بعد ساعات من التهديد الأول لقائد حركة «أنصار الله»، عبد الملك الحوثي، للسعودية، وتحميله إياها مسؤولية الإجراءات الأخيرة، وهو ما أشّر إلى الخوف من تنفيذ التهديدات اليمنية بالهجوم على منشآت حيوية في المملكة.
إلا أنه بعد لقائه بالسفير فاجن، قال الزبيدي إن «المجلس الرئاسي جاهز للانخراط في أي جهود إقليمية ودولية تهدف إلى وضع حد للإرهاب الذي تمارسه ميليشيات الحوثي في اليمن والمنطقة سلماً أو حرباً»، مضيفاً، في بيان، أن «القضاء على تهديد الحوثي يتطلّب استراتيجية ردع شاملة محلية وإقليمية ودولية». ويمثل ذلك تساوقاً مع تحركات السفير الأميركي، والتي تركّز على تحريض القوى المحلية التابعة لـ«التحالف العربي» على التصعيد، بدعوى الحرص على «الإصلاحات الاقتصادية والإدارية» التي يعمل عليها «المجلس الرئاسي» وحكومة عدن لتفعيل مؤسسات الدولة والارتقاء بعملها، بما في ذلك سلسلة الإجراءات المتخذة من قبل البنك المركزي في عدن، والهادفة إلى إيقاف ما يسميه «العبث الحوثي بالقطاع المصرفي»، فيما جوهر التحركات الأميركية قائم على مواجهة التحدي الذي تمثله «أنصار الله» للملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن.
على أن تطرّف الزبيدي في مواقفه يستفزّ الجنوبيين أنفسهم؛ إذ في كل معركة في اليمن ومحيطه، تعلو الأصوات في المحافظات الجنوبية بأن هذه الأخيرة «ليست بندقية للإيجار» أو «وقوداً لحروب الآخرين». ورغم ذلك، لا يفتأ الزبيدي يقدّم عروضاً إلى الجانب الأميركي بلعب دور محوري في حماية السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، واضعاً ميليشياته تحت تصرف الولايات المتحدة. وفي حين يلوم «الانتقالي» دول الإقليم لرفضها المشاركة في تحالف «حارس الازدهار»، ويعترف بأن التحالف المذكور فاشل ولن يحقق أهدافه من دون دول «التحالف العربي» (السعودية والإمارات) إضافة إلى مصر، فإنه عادة ما يقدّم نفسه على أنه بديل من الغياب الإقليمي والعربي.