واشنطن أم الرياض أم تل أبيب.. أين العقبة الأكبر أمام التطبيع؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 540
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

تخيم الشكوك على مصير صفقة تطبيع العلاقات المحتملة بين السعودية وإسرائيل، بوساطة الولايات المتحدة، إذ توجد عقبات في الدول الثلاث، لكن أخطرها في تل أبيب، وفقا لحسين إيبش، كبير الباحثين بـ"معهد دول الخليج العربية في واشنطن" (AGSIW).

ويتردد إعلاميا أن الرياض عرضت على واشنطن إمكانية التطبيع مع تل أبيب مقابل حصول السعودية على اتفاقية دفاع مع الولايات المتحدة وأسلحة متطورة ودعم لبرنامج نووي مدني، إلى جانب تنازلات إسرائيلية للشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة.

ولا ترتبط السعودية بعلاقات رسمية معلنة مع إسرائيل، وتشترط انسحاب الأخيرة من الأراضي العربية المحتلة منذ حرب 5 يونيو/ حزيران 1967، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين.

وبشدة، ترغب حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في إقامة علاقات مع السعودية؛ نظرا لمكانتها البارزة في العالمين العربي والإسلامي، بما قد يفتح أبواب التطبيع مع دول أخرى، وكذلك القدرات الاقتصادي الضخمة للدولة الخليجية الثرية والغنية بالنفط.

 

الرياض.. إيران

"تواجه السعودية حسابات أكثر تعقيدا وخطورة مقارنة بالإمارات والبحرين، اللتين وقعَّتا مع إسرائيل في 2022 اتفاقيات إبراهيم لتطبيع العلاقات"، بحسب إيبش.

وأوضح أنه "بالإضافة إلى رد الفعل العنيف المحتمل داخل المملكة ضد أي اتفاق تطبيع، يجب على الرياض أيضا أن تزن بعناية الآثار السلبية المحتملة على أدوارها القيادية العربية والإقليمية والعالمية".

وتابع أنه "من المرجح أن يستفيد خصوم المملكة، مثل إيران وشبكة الميليشيات المسلحة في الدول العربية المجاورة بقيادة حزب الله في لبنان أو الجماعات السلفية الجهادية مثل القاعدة والدولة إلى أقصى حد من الفزع الشعبوي المتوقع بين بعض العرب والمسلمين".

وتعتبر كل من إيران وإسرائيل الدولة الأخرى العدو الأول لها، فيما استأنفت إيران والسعودية علاقتهما الدبلوماسية، بموجب اتفاق بوساطة الصين في 10 مارس/ آذار  الماضي، ما أنهى قطيعة استمرت 7 سنوات بين دولتين يقول مراقبون إن تنافسهما على النفوذ أجج العديد من الصراعات في المنطقة.

إيبش استدرك: "لكن هذه العقبة ربما يتغلب عليها الحماس السعودي لعلاقة أمنية رسمية مع الولايات المتحدة، بضمانات من واشنطن قد تكون أقوى من الممنوحة للحلفاء الرئيسيين من خارج (حلف شمال الأطلسي) الناتو، ولكنها لا تتساوى تماما مع الالتزامات التي تقدمها لشركائها في الحلف".

واعتبر أنه "إذا كانت الضمانات قوية ورسمية بدرجة كافية، فمن الممكن أن تتغلب على أي نقص في التقدم في الطلبين السعوديين الكبيرين الآخرين لواشنطن بشأن المساعدة النووية وعملية أكثر انسيابية للحصول على الأسلحة الأمريكية الأكثر تقدما".

و"مع ذلك، أوضحت المملكة في السنوات الأخيرة أنها لن تطبع العلاقات مع إسرائيل في غياب تحركات إسرائيلية مهمة لتعزيز آفاق حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية)، مثل تعزيز السلطة الفلسطينية وتوسيع المناطق الواقعة تحت سيطرتها وتقييد نشاط تل أبيب الاستيطاني وأن تلتزم بعدم ضم أي أراضٍ فلسطينية محتلة إضافية"، كما أضاف إيبش.

واستدرك: "لكن قد يكون من الصعب للغاية على الولايات المتحدة والسعودية تأمين مثل هذه الخطوات من الحكومة الإسرائيلية الحالية". وتتولى هذه الحكومة السلطة منذ 29 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وتوصف بأنها "أكثر حكومة يمينية متطرفة في تاريخ إسرائيل".

 

واشنطن.. الشيوخ 

في واشنطن، بحسب إيبش، "ربما يكمن التحدي الأكبر في مجلس الشيوخ، الذي تحتاج إدارة الرئيس جو بايدن إلى موافقته على الشراكة الأمنية الرسمية التي تسعى إليها السعودية".

وأردف: "يمكن توقع معارضة كبيرة من اليسار التقدمي بين الديمقراطيين والفصيل الجمهوري اليميني المتشدد وكلاهما يحمل دوافع قوية من الانعزالية الجديدة (...) ولا يزال يهيمن على المجلس كل من السياسة الخارجية اليسارية واليمينية والوسطيون".

ورجح أنه "إذا تم تقديم اتفاقية تعزز موقف واشنطن في الشرق الأوسط والعلاقات مع السعودية، إلى جانب تطبيع الرياض للعلاقات مع إسرائيل، فمن المرجح أن يتم تمريرها".

واستدرك: "هذا على افتراض أن إدارة بايدن تبذل جهدا شاملا لحشد الدعم الديمقراطي وتثبت أن الاتفاقية ستعزز الموقف الاستراتيجي للولايات المتحدة وشركائها وتشكل ضربة كبيرة لإيران ولطموحات الصين بعيدة المدى في الشرق الأوسط".

إبيش رأى أن "السؤال الأكبر في مجلس الشيوخ ربما يركز على دعم البرنامج النووي المدني السعودي، إذ اعتادت واشنطن المطالبة بعملية 123، التي تتضمن قيودا أكبر بكثير من قيود معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، لتقديم مثل هذا الدعم للقوى غير النووية، وهو ما وافقت عليه الإمارات في 2019".

وبموجب عملية 123، يتعين على السعودية استخراج اليورانيوم ثم تصديره لمعالجته إلى قضبان قابلة للاستخدام يُعاد استيرادها لاستخدامها في المفاعلات، وبعدها تصدير القضبان المستهلكة للتخلص منها.

ورجح أن "تضطر الرياض إلى تقديم تنازلات كبيرة بشأن الرقابة والقيود الأخرى، ولن تلتزم بتطوير برنامجها للأسلحة النووية طالما ظل الاتفاق الأمني مع واشنطن ساري المفعول، لكن وجهات نظر إسرائيل حول المدى الذي يجب أن تذهب إليه الولايات المتحدة لتلبية مطالب السعودية من المرجح أن تكون محورية". وتمتلك إسرائيل ترسانة نووية لم تعلن عنها رسميا وغير خاضعة للرقابة الدولية.

 

تل أبيب.. الضم 

في ظل علاقات التحالف بين الولايات المتحدة وإسرائيل، فإن العقبة الأكبر تكمن في الجانب الإسرائيلي بشأن تلبية واشنطن لمطالب الرياض، ولاسيما على صعيد اتفاقية دفاع ودعم لبرنامج نووي مدني، كما أردف إيبش.

وزاد بأنه "يمكن القول إن إسرائيل هي الأكثر مكاسبا، فالتطبيع مع السعودية سيكون أكبر اختراق دبلوماسي منذ معاهدة السلام مع مصر في 1979، "لأن تطبيع العلاقات مع السعودية سيضمن فعليا التطبيع الدبلوماسي والتجاري النهائي لعلاقات إسرائيل مع العالمين العربي والإسلامي الأوسع".

واستدرك: "مع ذلك، يبدو من غير المرجح أن تقدم الحكومة الإسرائيلية الحالية، التي تضم أحزابا متطرفة تؤيد ضم الضفة الغربية المحتلة، تنازلات كبيرة بشأن الاحتلال أو تجاه الفلسطينيين".

و"السؤال الأكبر (بشأن مصير صفقة التطبيع المحتملة) ليس في الرياض أو واشنطن، بل في تل أبيب، التي ربما تكون قد وصلت إلى مرحلة طموحات الضم (الأراضي الفلسطينية)، مما يجعلها عاجزة عن قبول الإجابة بنعم (للتطبيع)، حتى من أكثر الدول العربية والإسلامية نفوذا (السعودية)"، كما ختم إيبش.

 

المصدر | حسين إيبش/ معهد دول الخليج العربية في واشنطن- ترجمة وتحرير الخليج الجديد