فرنسا وبريطانيا تتنافسان على النفوذ الدفاعي في الخليج.. من سيربح أكثر؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 401
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

تهدف فرنسا إلى تعزيز وجودها كضامن وشريك رئيسي للأمن في الخليج، باستخدام التعاون العسكري ومبيعات الأسلحة كأدوات دبلوماسية لتعزيز نفوذها الإقليمي.

يتناول تقرير جوناثان هارفي في المونيتوروالذي ترجمه "الخليج الجديد" تنافس فرنسا وبريطانيا على النفوذ الدفاعي في الخليج، ويشير إلى أنه في الآونة الأخيرة، انخرطت فرنسا وقطر في محادثات متقدمة، حيث كانت باريس تأمل في الارتقاء بعلاقاتهما الثنائية إلى شراكة دفاعية، وذلك وفقًا لمصدر بوزارة الدفاع الفرنسية.

وكما أفادت التقارير، استهدفت المحادثات الأخيرة إلى حد كبير "تعزيز الشراكة الاستراتيجية الفرنسية القطرية، القائمة على التعاون الدبلوماسي والتشغيلي والصناعي"، بحسب المصدر الذي تحدث إلى رويترز الأسبوع الماضي.

وبعد بيع فرنسا 36 طائرة مقاتلة متعددة الأغراض من طراز "رافال" إلى قطر بعد الاتفاقات السابقة في 2015 و 2017، تأمل باريس في تزويد الدوحة بمزيد من المعدات الدفاعية.

ويشير التقرير إلى أن ذلك يأتي في أعقاب استضافة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في يونيو/حزيران الماضي، حيث التقيا للمرة الثانية في أقل من عام.

والجدير بالذكر أن باريس أصبحت موردًا مهمًا للأسلحة إلى الرياض، حيث بلغت مبيعاتها نحو 780 مليون يورو (856 مليون دولار) في عام 2021، وفقًا لبيانات وزارة القوات المسلحة الفرنسية.

ويأمل ماكرون في الاستفادة من العلاقات الدفاعية هذه والدبلوماسية الوليدة لحكومته مع الأمير محمد لتعزيز العلاقات الاستثمارية الثنائية مع ترسيخ تطلعات باريس الدفاعية إقليمياً.

المملكة المتحدة

ويشير التقرير إلى أنه وسط المساعي الدبلوماسية لباريس، تعزز بريطانيا أيضًا علاقاتها مع دول مجلس التعاون الخليجي.

ففي الأسبوع الماضي، شرع وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي في جولة استمرت 3 أيام في الشرق الأوسط، وتوقف في قطر والكويت والأردن، بهدف توطيد العلاقات مع هؤلاء الحلفاء الإقليميون.

ويلفت التقرير إلى أنه بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، باتت لندن تحرص على تعزيز العلاقات مع دول مجلس التعاون الخليجي، مع التركيز على التجارة كمحور رئيسي في زيارة كليفرلي.

وقد أشادت وزارة الخارجية بلندن بوصول التجارة الثنائية لها مع قطر والكويت عام 2022 إلى 18.1 مليار جنيه إسترليني (23.2 مليار دولار).

ويأتي هذا الارتفاع في التدخل الفرنسي والبريطاني في الخليج في سياق فك الارتباط المتزايد للولايات المتحدة بالشرق الأوسط، حيث تركز الإدارة الأمريكية بشكل أكبر على منطقة آسيا والمحيط الهادئ وأوكرانيا.

نتيجة لذلك، يسعى شركاؤها الخليجيون التقليديون إلى تنويع شراكاتهم خارج واشنطن، وبالتالي زيادة المنافسة على عقود الأسلحة والعلاقات الاقتصادية.

في هذا السياق، يقول التقرير إن فرنسا سعت بشكل خاص إلى وضع نفسها كبديل للولايات المتحدة، مستخدمة ما يوصف غالبًا بدبلوماسية "الطريق الثالث"، حيث أصبحت مبيعات الأسلحة عنصرًا رئيسيًا بشكل متزايد في سياساتها تجاه الخليج.

 وفي عام 2022، تجاوزت فرنسا روسيا لتصبح ثاني أكبر مصدر للأسلحة في العالم لذلك العام، وفقًا لبيانات من معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، بينما احتلت بريطانيا المرتبة السادسة.

زيادة التركيز على قطر والسعودية

وبالرغم من أن فرنسا رسّخت نفوذها تقليديًا حول الإمارات، حيث تمتلك قاعدة بحرية رئيسية، فإن محاولاتها الأخيرة للبناء على شراكات مع قطر والسعودية تشير إلى نهج استراتيجي أكثر شمولاً في الخليج.

وإلى جانب مبيعات الأسلحة، تهدف فرنسا إلى تعزيز دورها كضامن للأمن في المنطقة، كما يتضح من شراكتها المتعمقة مع الإمارات.

ففي فبراير/شباط 2022، أقامت باريس شراكة أمنية مع أبوظبي ، حيث قدمت المزيد من الدعم العسكري وحماية المجال الجوي بعد هجوم الطائرات بدون طيار على الدولة الخليجية من قبل فصيل مدعوم من إيران في العراق.

وأكدت هذه الخطوة على آمال فرنسا في تخفيف المخاوف الأمنية بين دول الخليج، لا سيما وسط التوترات مع إيران.

وعلى الجانب الآخر، تعتبر لندن نفسها تقليديًا "القوة الخارجية الثانية في الخليج مع وجود عسكري في المنطقة في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة (على الرغم من مسافة كبيرة)".

ومع ذلك، مع امتلاك كل من فرنسا والمملكة المتحدة وزنًا متساويًا نسبيًا على المستوى الإقليمي، تهدف تحركات باريس إلى وضع نفسها كشريك أوروبي رائد على المستوى الإقليمي.

من ناحية أخرى، أشارت المملكة المتحدة أيضًا إلى الأمن كدافع لمشاركتها في الخليج.

في الواقع، يؤكد تحديث عام 2023 للسياسة الخارجية البريطانية على الحاجة إلى دعم النظام الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، ويدعو حلفاء واشنطن إلى "تكثيف المساهمة الجماعية في تقاسم الأعباء في منطقة اليورو. -الأطلنطي وعبر النقاط الجيوسياسية الساخنة بما في ذلك الخليج ".

ويضيف التقرير أن بريطانيا - التي تعد شريكًا مهمًا في مجال الأسلحة للسعودية - بعد أن رخصت مبيعات دفاعية بأكثر من 10 مليارات جنيه إسترليني (12.8 مليار دولار) من 2012 إلى 2022، سعت إلى تعميق علاقاتها الأمنية مع الرياض.

وفي نهاية 2022، عززت لندن علاقاتها مع الرياض من خلال إقامة شراكة دفاعية تهدف إلى تعزيز "الأمن والاستقرار الإقليميين".

بناءً على هذا الإطار، أسفر اجتماع لاحق بين وزيري الدفاع السعودي والبريطاني في مارس/آذار 2023 عن اتفاق لاستكشاف الجهود التعاونية في القدرات الجوية القتالية والمشاريع الصناعية المحتملة.

ولتعزيز وجودها في الشرق الأوسط، أعادت بريطانيا نشر أصولها، بما في ذلك نقل قاعدة عسكرية من كندا إلى عمان، بالإضافة إلى زيادة التدريبات العسكرية المشتركة مع مسقط.

وتدل هذه التحركات على التزام بريطانيا بتعزيز مشاركتها في المنطقة وتعزيز تعاونها الدفاعي مع الحلفاء الرئيسيين، بحسب التقرير.

وفي حين أن هذا يمنح لندن إمكانات أكبر لإظهار القوة في الشرق الأوسط، فإن رغبات بريطانيا في تعزيز علاقاتها التجارية مع المنطقة بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي لا تزال على رأس أولوياتها.

الميزة الدبلوماسية

ضغطت حكومة ماكرون بوضوح من أجل رؤية دبلوماسية أكثر تماسكًا للمنطقة مقارنة ببريطانيا، والتي تهدف إلى حد كبير إلى تعزيز علاقاتها التجارية التقليدية ودعم النظام الإقليمي الذي تقوده الولايات المتحدة.

ويرى التقرير أن مثل هذه الخطوة قد تفيد باريس مقابل لندن في تعزيز العلاقات مع الخليج، وخاصة مع  السعودية والإمارات.

ومع ذلك، لا تزال فرنسا تواجه عقبات أمام دبلوماسيتها في مجال الأسلحة، بسبب المنافسة الشديدة من القوى العالمية والإقليمية مثل الصين. 

ويورد التقرير مثالا على ذلك عندما تراجعت الإمارات عن خطط شراء طائرات هليكوبتر من شركة "إيرباص" في مايو/أيار، كجزء من اتفاق مع باريس في عام 2021، بالرغم من أن أبوظبي لا تزال تخطط للمضي قدمًا في الحصول على طائرات "رافال" المقاتلة.

ووفقا للتقرير، تشير مثل هذه الخطوة إلى أنه في حين أن شراكات باريس الدفاعية تتزايد ومرحب بها، فإن دول الخليج لديها العديد من الخيارات في الشركاء ، وهذا يمكن أن يحد من نفوذها.

وبالرغم من الجهود الدبلوماسية الفردية، تعتمد كل من فرنسا وبريطانيا على الشراكات مع الولايات المتحدة في الدوريات البحرية الإقليمية، كما هو الحال في مضيق هرمز.

ومنذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وغياب سياسة خارجية موحدة للاتحاد الأوروبي في الخليج، سيتعين على باريس ولندن قبول دور أقل في المنطقة بينما تتنافس على الاستثمار الخليجي والعلاقات الاقتصادية ضد لاعبين عالميين وإقليميين آخرين في بيئة تنافسية بشكل متزايد.

 

المصدر | جوناثان هارفي / المونيتور – ترجمة وتحرير الخليج الجديد