فرص مربحة وتحديات متنوعة أمام دور تركيا الأمني في الخليج

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 711
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

أمام تركيا فرصا مربحة من خلال تعزيز دورها الأمني في منطقة الخليج العربي، لكنها في الوقت نفسه تواجه تحديدات متنوعة بينها روسيا والصين وحتى الهند، بحسب علي باكير الباحث في مركز ابن خلدون للعلوم الإنسانية والاجتماعية بقطر.

وأضاف باكير، في  تحليل نشره موقع "ميدل إيست آي" البريطاني وترجمه "الخليج الجديد"، أنه "خلال العقد الماضي، تم تشكيل دور تركيا الموجه نحو الأمن في الخليج عبر الديناميكيات الداخلية والإقليمية والدولية الهامة".

وأوضح أن "انعدام الأمن الإقليمي، ونقاط الضعف الهيكلية لدول مجلس التعاون الخليجي (السعودية وقطر والإمارات والكويت وسلطنة عمان والبحرين)، والاعتماد على الحماية الخارجية، وتقليص التزامات الولايات المتحدة الأمريكية تجاه الخليج، كلها عوامل ساهمت في زيادة دور أنقرة الأمني في المنطقة".

وتابع: "كما تأثرت رغبة المؤسسة التركية في الحصول على دور أمني رفيع لأنقرة في الخليج بديناميات داخلية، بينها صعود صناعة الدفاع المحلية ودفعها نحو سياسة خارجية مستقلة".

ورأى أن "تطلع تركيا إلى لعب دور أمني أكبر في الخليج تجلى في إنشاء أول قاعدة عسكرية لها بالشرق الأوسط في قطر (...) وبين عامي 2011 و 2016، أصبحت دول مجلس التعاون أكثر اهتماما بتطوير العلاقات الدفاعية والعسكرية مع أنقرة، في ظل تزايد قدرات صناعة الدفاع التركية وميزانيات الدفاع الكبيرة لدول الخليج".

واستطرد: "خلال هذه الفترة، وقَّعت تركيا ودول الخليج اتفاقيات دفاعية رئيسية، وزادت أنقرة بشكل كبير من صادراتها من الأسلحة، وبين 2012 و2016، احتلت الإمارات والسعودية المرتبة الثانية والثالثة في قائمة العملاء لصادرات تركيا الدفاعية، ممثلين حوالي 20% لكل منهما".

 

الأزمة الخليجية

باكير اعتبر أن "أزمة الخليج لعام 2017 تمثل مؤشرا ثابتا لطموحات تركيا للعب دور أمني معزز في الخليج، حيث دافعت أنقرة عن الدوحة عندما ترددت وانقسمت الإدارة الأمريكية، وجرى نشر قوات تركية في الدوحة لإحباط أي خطط غزو محتملة".

وبين يونيو/ حزيران 2017 ويناير/ كانون الثاني 2021، قطعت كل من السعودية والإمارات ومصر والبحرين علاقاتها مع قطر وفرضت عليها حصارا بزعم دعمها للإرهاب، وهو ما نفته الدوحة واتهمت الدول الأربع بمحاولة مصادرة قرارها السيادي.

وتابع باكير أن "أزمة الخليج سرّعت المكون الجغرافي الاستراتيجي لسياسة أنقرة الخليجية، حيث أصبحت تركيا لاعبا رئيسا في أمن منطقة الخليج للمرة الأولى منذ انهيار الإمبراطورية العثمانية قبل قرن من الزمان".

وأفاد بأنه "على الرغم من أن علاقات تركيا مع بعض دول الخليج واجهت صعوبات وانتكاسات وحتى أزمات بين 2017 و 2020، إلا أن اتفاقية العلا 2021، التي أنهت الأزمة الخليجية، مهدت الطريق لتطبيع العلاقات بين تركيا ولإمارات والسعودية".

 

الصين وروسيا والهند

لكن ثمة تحديات أمام طموح تركيا في لعب دور أمني أكبر في الخليج، بينها بإيران، فلم يكن الإيرانيون سعداء بالوجود العسكري التركي المباشر في الخليج عبر قطر، معربين عن مخاوفهم من الانتشار الدائم المحتمل للطائرات التركية في الدوحة، كما أشار باكير.

وتابع: "يمكن أن تشكل الجهات الفاعلة خارج المنطقة، مثل الصين وروسيا وحتى الهند، تحديا لدور تركيا الأمني في الخليج مستقبلا، فهذه الدول لديها علاقات سياسية واقتصادية وأمنية أعمق مع دول الخليج".

وأردف: "كما أن لديها اقتصادات وصناعات دفاعية أكبر من تركيا، وبالتالي لديها قدرة أكبر على تحمل التكاليف المرتبطة بتأمين منطقة الخليج".

وزاد بأن "دول الخليج ترى هذه الجهات الفاعلة من خارج المنطقة، لاسيما الصين، على أنها شركاء تحوط فعّالون في مواجهة الولايات المتحدة المتراجعة (لصالح أهداف أخرى بينها مواجهة الصين في آسيا)".

وفي مفاجأة صينية اعتبرها مراقبون انتقاصا من النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط، وقَّعت السعودية وإيرن ببكين في 10 مارس/ آذار الجاري اتفاقا لاستئناف علاقتهما الدبلوماسية خلال شهرين، ما ينهي قطيعة استمرت 7 سنوات بين بلدين يتصارعان على النفوذ في المنطقة.

وأضاف باكير: "على عكس تركيا، فإن هذه الدول خارج المنطقة هي قوى نووية، واثنتان منها هما الصين وروسيا عضوان في مجلس الأمن الدولي ويمتلكان حق النقض (الفيتو)، وبهذا المعنى يُنظر إلى تركيا على أنها لاعب أقل قوة".

 

القرب والسمعة الجيدة

و"في منطقة شديدة التقلب وعدم الاستقرار، من الصعب معالجة مسألة المستقبل، خاصة مع وجود متغيرات لا حصر لها. وتوجد حاليا فجوة كبيرة بين قدرات تركيا ومنافسيها خارج المنطقة اقتصاديا وعسكريا"، بحسب باكير.

واستدرك: "ومع ذلك، فإن القرب الجغرافي لتركيا واستعدادها لمشاركة التكنولوجيا الدفاعية وسمعتها، على مدى العقد الماضي، كشريك قادر وموثوق به وملتزم، يمكن أن يوفر لها نفوذا على منافسيها، مما يمكّنها من لعب دور أمني مطور في الخليج".

ورأى أنه "إذا استمر الاتجاه الحالي للانفصال الأمريكي عن المنطقة، واستمر الموقف الإقليمي الصاعد لتركيا، فقد يكون لدى أنقرة فرصة لتعزيز موقعها في الخليج".

وشدد على أنه "يجب أخذ الديناميكيات الداخلية والإقليمية والدولية في الاعتبار، فلديها القدرة على إعاقة طموحات أنقرة، لذا يجب على تركيا تحقيق الاستقرار في سياساتها الداخلية وتعزيز قوتها الاقتصادية وزيادة تفاعلاتها التجارية مع دول الخليج للتنافس مع الجهات الفاعلة خارج المنطقة وتسهيل دور أمني محتمل مستقبلا".

 

المصدر | علي باكير/ ميدل إيست آي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد