كارنيجي يحذر من تبعات سياسة السعودية النفطية: تنطوي على تهديدا لمكانة وأمن المملكة

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 500
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

"عندما تتّجه الحكومة السعودية إلى إعادة النظر في السياسات وعملية صنع القرار في قطاع الطاقة، يجب عليها أن تدرك أن السياسات المتّبعة تنطوي على تبعات سياسية".

هكذا خلص تقرير لمركز "كارنيجي" للسلام، الذي حذر من أنه "في إطار إعادة الترتيب الجارية للنفوذ الدولي، قد تشكّل هذه التداعيات السياسية تهديدًا لمكانة السعودية السياسية العالمية وأمنها".

ولفت التقرير إلى أن السعودية، ومنذ عام 2015 وعملًا بالسياسة الجديدة (السعودية أولًا)، ابتعد صنّاع السياسات السعوديون، عن السياسة التي اتُّبِعت طوال عقود وقامت على أداء دور الجهة التي تُرسي توازنًا في الأسواق وتَقبل بالأسعار التي يفرضها السوق.

وأشار إلى أن السعوديين تحوّلوا نحو أداء دور أكثر فاعلية في تحديد أسعار الطاقة، والتدخّل في أسواق الطاقة العالمية والتأثير فيها.

وأدّي ذلك، وفق التقرير، إلى تخلّي سياسة الطاقة السعودية عن دورها في تثبيت استقرار إمدادات الطاقة العالمية، وبالتالي إلى فكّ ارتباط هذه السياسة بالنظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية.

وجاء ذلك، بعد تعرّض صنّاع سياسات الطاقة في السعودية للضغوط تكرارًا، من داخل بلدان منظمة "أوبك+" ومن الخارج، لوضع سياسات من أجل التخفيف من الاضطرابات الاقتصادية العالمية وتلبية المطالب ذات الدوافع السياسية.

كما مورس عليها ضغوط داخليًا لإرضاء التطلعات الاجتماعية الاقتصادية المحلية والاستجابة لها.

وأضاف التقرير: "باتت الخيارات في سياسة الطاقة مدفوعةً بالظروف السياسية وظروف الأسواق بما في ذلك المنافسة الجيوسياسية والإقليمية، والإنتاج النفطي والتوازن بين العرض والطلب، والتسعير والمنافسة على الحصّة في الأسواق، والقدرات الإنتاجية والاحتياطية والاعتبارات الاقتصادية المحلية".

وتابع: "تكشف هذه الخيارات في السياسات عن الأهداف السعودية على المدى الطويل، والتي تشمل الإبقاء على الارتفاع في أسعار النفط لتمويل التنويع الاقتصادي بموجب رؤية 2023، وفي الوقت نفسه إطالة أمد سيطرة النفط والغاز في خليط الطاقة العالمي".

ووفق التقرير، تشمل خصائص سياسات الطاقة في مرحلة ما بعد 2015 ترقية منظمة الدول المصدّرة للنفط "أوبك" إلى "أوبك+" التي فرضها الأمر الواقع في عام 2016، ما مهّد الطريق للابتعاد عن منظومة البترودولار، وللانخراط السعودي النشط في أسواق الطاقة غير النفطية وفي التحوّل الأوسع في مجال الطاقة.

علاوةً على ذلك، والحديث لتقرير "كارنيجي"، باشرت السعودية في عام 2019 استكشاف تجارة النفط بعملات أخرى إلى جانب الدولار الأمريكي.

وأضاف: "في عام 2022، بدأت المملكة جدّيًا النظر في خيارات التجارة النفطية مع الصين بعملة اليوان، وفي موازاة ذلك، تضغط السعودية من أجل زيادة الاستثمارات المحلية والعالمية في الطاقة المتجددة، فيما توظّف استثمارات في البحوث والتنمية عالميًا، وقد تعهّدت المملكة بتخصيص نحو 100 مليار دولار أميركي لهذه المهمة حتى عام 2030".

وتابع التقرير: "لكن وعلى الرغم من أن هذه الخيارات في سياسات الطاقة بعد عام 2015 تمنح السعودية تمكينًا على الساحة السياسية العالمية، يمكن أن ترتدّ الديناميات السياسية الناجمة عنها بنتائج عكسية على المستويَين المحلي والعالمي".

ومن أبرز جوانب السياسات السلبية التي تسببت بها هذه الخيارات، وفق التقرير، فكُ الارتباط بين سياسة الطاقة والسياسة الأمنية.

وأضاف: "الطاقة السعودية متجذّرة في البنية الأمنية العالمية منذ تأسيس القطاع (والبلاد) في ثلاثينيات القرن العشرين".

وتابع: "ولّدت السياسات الناجمة عن سياسة الطاقة السعودية الجديدة بالفعل تصدّعات في الاتفاقات السياسية التي ارتكز عليها أمن المملكة لوقتٍ طويل، وأدّت هذه التطوّرات إلى ترسيخ الموقف الأمريكي الذي أسقط الخليج والأمن السعودي من قائمة أولوياته، بدلًا من أن تساهم في عودة الولايات المتحدة عن قرارها بفك الارتباط مع المنطقة".

وزاد: "لعلّه ليس مفاجئًا أن يتزامن ذلك مع النظرة الأمريكية التي تعتبر أن السعودية تعمد بصورة متزايدة إلى استخدام النفط أداةً سياسية في يدها".

علاوةً على ذلك، وفيما دفعت ثورة النفط الصخري بالولايات المتحدة إلى شطب النفط السعودي من قائمة أولوياتها، قال التقرير: "أخفق صنّاع السياسات السعوديون في أن يفرضوا من جديد، معادلة النفط مقابل الأمن التي كانت سائدة في المملكة قبل عام 2015، فكانت النتيجة تمكُّن التيّار الحوثي من شنّ هجمات على منشآت نفطية سعودية أساسية في عامَي 2021 و2022".

وأضاف: "أما إفساح المجال أمام الاستثمارات الصينية في قطاع الطاقة السعودي من خلال شركة (سعودي أرامكو) فيزيد من تعقيدات المشهد السياسي والأمني، حتى لو استحوذت شركات أسهم خاصة أمريكية بصورة مشتركة على هذه الاستثمارات".

ومن الأمثلة الحديثة على ذلك خصخصة خطوط أنابيب الغاز بقيمة 15.5 مليار دولار أميركي، في خطوةٍ تهدف، مبدئيًا، إلى حماية البنى التحتية السعودية من الهجمات في المستقبل.

وختم التقرير بالقول: "يجب أن تدرك السعودية أن سياساتها النفطية المتّبعة تنطوي على تبعات سياسية، قد تشكّل تداعياتها تهديدًا لمكانة السعودية السياسية العالمية وأمنها".

 

المصدر | الخليج الجديد