لماذا تُرسل “إسرائيل” بخالص تهانيها للسعوديّة بيوم التأسيس ولماذا يزعم نتنياهو بأن المملكة ضمن دائرة “التطبيع غير الرسمي” ويُروّج وزير الخارجيّة الإسرائيلي لأخبار اتفاقيّات تطبيع قادمة؟..

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 688
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:

تتمسّك العربيّة السعوديّة بمُبادرتها العربيّة للسّلام أو التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، والمبنيّة على أساس منح الفلسطينيين دولة عاصمتها القدس الشرقيّة، وهو ما أكّده مرارًا وتكرارًا وزير الخارجيّة السعودي الأمير فيصل بن فرحان، ولكن يبدو أن الإسرائيليين لهم رأيٌ آخر في ذلك السّياق، من خلال الترويج لقبول المملكة مُهادنة “إسرائيل”، والانضمام لركب قافلة التطبيع الإبراهيمي.

ومن دون سابق إنذار، وفي خطوة غير مسبوقة، سجّلت وزارة الخارجيّة الإسرائيليّة تهنئةً للمملكة بمُناسبة يوم التأسيس، في مُحاولةٍ للإيحاء بأن ثمّة علاقات بين دولة الكيان، والسعوديّة إن لم يكن على الطاولة، فمن تحتها، فلم يسبق لدولة الكيان تهنئة السعوديّة بيومها الوطني، أو يوم التأسيس، وهو اليوم الذي أقرّه ولي عهد السعوديّة الأمير محمد بن سلمان للاحتفال به، وكان الاحتفال السعودي قبله مُقتصرًا على اليوم الوطني.

حساب وزارة الخارجيّة الإسرائيليّة على “تويتر” وباللغة العربيّة ورغم عدم وجود علاقات رسميّة بين البلدين، وسفارات، وجّهت للمملكة التهنئة بالقول: “نبعث بخالص التهاني، وأطيب التمنيات للمملكة العربيّة السعوديّة، ملكاً، وحكومة وشعباً في ذكرى قيامها، ونتمنّى أن يكون هُناك جو من السلام والتعاون، وحُسن الجوار، يخدم شُعوب المنطقة”.

هذه تغريدة رفضها نشطاء سعوديون، بل وجرى مُقابلتها بالتجاهل التّام من قبل السلطات السعوديّة من دون أيّ تعليق، وهو تجاهل يأتي لاستمرار حالة التجاهل التي مارستها المملكة، بخُصوص كل التقارير الواردة عن تطبيع قريب بين “إسرائيل”، والسعوديّة، وصولاً لتقارير مزعومة عن لقاء جمع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مع الأمير بن سلمان في نيوم، إضافةً إلى التقارير التي وضعت السعوديّة على رأس الدول التي ستنضم إلى الإمارات، والبحرين، والمغرب، وحتى الآن لا يُبدي المسؤولون السعوديون أيّ نوايا تطبيعيّة خارج إطار المُبادرة العربيّة.

ومارس وزير الخارجيّة الإسرائيلي إيلي كوهين من جهته هو الآخر تشويشاً إعلاميّاً حول قُرب تطبيع السعوديّة، بإشارته إلى قُرب عقد اتفاقيّات سلام جديدة مع دول عربيّة وإسلاميّة خلال الفترة القريبة، وتثور تساؤلات حول الدول الخليجيّة التي قصدها كوهين حين قال بأنه ليس دولاً من إفريقيا، بل دول من الخليج وأقصى شرق آسيا، يُمكنها الانضمام إلى اتفاقيّة التطبيع لافتاً أنه سيكون هُناك بعض الأخبار حول اتفافيّات تطبيع قادمة.

بنيامين نتنياهو الذي كان بطل تقارير مزعومة بلقائه الأمير بن سلمان، بدا أنه يستجدي العطف والقبول السعودي، وقبول الأخير بالتطبيع، على أمل تحقيق إنجاز التطبيع والبقاء على رأس حُكومته زعم قائلاً في مُؤتمر أمني وفي إطار الترويج المزعوم للتطبيع مع السعوديّة، بأن الأخيرة جُزء “غير رسمي” من دائرة التطبيع، وإذا شملت هذه الدائرة التطبيعيّة بحسبه السعوديّة، يعتقد نتنياهو بأنه سيُنهي الصّراع العربي الإسرائيلي.

وتجاهلت السلطات السعوديّة مُجدّدًا تصريحات نتنياهو بخُصوص تطبيعها، أو ما وصفه رئيس حكومة الاحتلال بالتطبيع السعودي غير الرسمي، وبينما تجاهلت السعوديّة نتنياهو، ردّت الرئاسة الفلسطينيّة على تصريحات نتنياهو، بالقول إن توسيع رُقعة الاتفاقيّات مع الدول العربيّة “لن تُجدي نفعاً”.

وبينما تُظهر المملكة تجاهلاً لافتاً، وعدم تفاعل مع تصريحات الإسرائيليين المُتناسلة وصولاً للتهنئة بيوم التأسيس، يُسجّل المُفكّر السعودي الدكتور عبد العزيز التويجري المدير العام السابق للإيسيسكو كونه أحد النخب السعوديّة البارزة، ومن ابرز المقربين لاسرته الحاكمة تعليقاً لافتاً حول فكرة البيت الإبراهيمي في الإمارات، وهي التي اعتبرت رفضاً سعوديّاً إن لم يكن رسميّاً، على الأقل نخبويّاً، حيث قال بأن خلط الإسلام مع اليهوديّة، والنصرانيّة، فيما يُسمّى البيت الإبراهيمي بحجّة التعايش، عملٌ غير صالح.

وتابع التويجري في تغريدته اللافتة هذه قائلاً: “التعايش مع الآخر لا يعني على الإطلاق الذوبان فيه وضياع الهوية والاستكانة له , بل يعني المسالمة والاحترام المتبادل. أمّا الآخرُ غيرُ المُسالم فله حالٌ آخر.

النخب السعوديّة البارزة عادةً تُعبّر عمّا يدور في فكر قيادتها، وتتبادل النخب السعوديّة، والإماراتيّة عادةً التغريدات النقديّة فيما بينها، ويبدو أن السعودية بشكلٍ أو بآخر كما عبّرت تغريدة التويجري، لا تُبارك أو لا تتقبّل فكرة البيت الإبراهيمي من بوّابة أن إسرائيل “غير مُسالمة”، فكيف هو الحال بالتطبيع السياسي السعودي الكامل معها.

في المشهد العام الحالي، لا يبدو أن السعوديّة بصدد التطبيع، أو لعلها تراجعت عنه الآن، لأسبابٍ تتعلّق بحالة الرفض الشعبي العربي والإسلامي لكل الدول المُطبُعة، والأهم دورها في خدمة الحرمين، وثانياً فيما يتعلّق بتراجعها وتقييمها الموقف، وتصريحات للأمير بن سلمان لمجلة “ذا أتلانتيك” الأمريكيّة، والتي قال بأن بلاده تنظر لإسرائيل كحليف مُحتمل، مُشترطاً بأن العديد من القضايا بحاجة إلى حل أوّلاً، آملاً بأن يتم حل الصّراع بين الفلسطينيين، والإسرائيليين.

ويبدو أن مُمارسات الإسرائيليين ضد الفلسطينيين الدمويّة عبر مُمارسات الحكومة الإسرائيليّة اليمينيّة الحاليّة، في سياق القضايا التي تحتاج للحل أوّلاً، لم تُوحِ للقيادة السعوديّة بأنه يُمكن النظر لإسرائيل بأنها “حليف مُحتمل”، إضافة إلى تراجع العلاقات السعوديّة- الأمريكيّة بفعل الرفض السعودي لزيادة الإنتاج النفطي بالتعاون مع روسيا، وتقدّم المُفاوضات بين الرياض وطهران، هذا كلّه ما يُفسّر مُحاولات الإسرائيليين مُحاولة الزعم بوضعها (السعوديّة) ضمن دائرة “التطبيع غير الرسمي”، والحملة الإعلاميّة التي تُرافقها أمريكيّاً، وما جاء على لسان المبعوث الأمريكي السّابق لعمليّة السلام مارتن إنديك الذي قال بأن السعوديّة على استعداد لتطبيع العلاقات بالكامل مع “إسرائيل” بشُروطٍ مُتعلّقة بضماناتٍ أمنيّةٍ أمريكيّة، ولاعلاقة لها بالقضيّة الفلسطينيّة، الأمر الذي لا يتماشى مع تصريحات المسؤولين السعوديين، الذين دأبوا على اشتراط قيام دولة فلسطينيّة مُستقلّة ضمن حل الدولتين، والمُبادرة العربيّة للسّلام.