لماذا اختار الأمير بن سلمان المدينة المنورة لظُهوره العلني بعد غياب عن مُناسبات هامّة وحرص على أن يظهر مُصلّياً وزائرًا لقبر الرسول؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1019
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

.. أعاد مشهد تقبيل الأكتاف والأيدي وهذه المرّة لأخيه الأمير فيصل بن سلمان فلماذا يُكرّره؟.. وأيّ علاقة للحوثيين بكُل هذا؟

عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:

مع تصاعد تركيز المسؤولين السعوديين والنخب على التنصّل من الهويّة الدينيّة لبلادهم، والتأكيد على صورة القبيلة التي حكمت البلاد، وسادت العباد، رغم التحالف التاريخي الذي جمع العائلة الحاكمة (آل سعود) مع عائلة الشيخ محمد بن عبد الوهاب (آل الشيخ)، والجُنوح نحو الترفيه، ودولة علمانيّة ذات قوانين مدنيّة، يُسجّل الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي الشّاب حُضورًا دينيّاً لافتاً من المدينة المنورة، حمل فيما يبدو رسائل سياسيّة لجبهته الداخليّة، ولمُعارضيه على حَدٍّ سواء.

وبالرغم أن الأمير الشاب، الملك القادم لبلاده، لا يحرص على إظهار “تديّنه”، ويميل لتسجيل حُضوره في فعاليّات ترفيهيّة، ظهر بن سلمان زائرًا للمسجد النبوي في المدينة المنورة في شهر رمضان، بل وقام بتأدية الصّلاة في الروضة الشريفة، ومُشاهدة الأمير محمد بن سلمان أمام وسائل الإعلام وهو يُصلّي، من الأمور التي تُعتَبر نادرة الوقوع، فالرجل قّدّم نفسه إصلاحيّاً، لن يقبل كما قال بأن يُضيّع المُتشدّدون ثلاثين عاماً أخرى من حياته.

وبما أن الأمير بن سلمان، سيكون وريث والده الملك سلمان بن عبد العزيز (خادم الحرمين)، فمن الطبيعي أن يرث جميع صلاحيّاته، وألقابه، وأهمّها (خدمة الحرمين)، وهو اللقب الديني، الذي لم يسبق لملك سعودي أن حمله وهو شاب ثلاثيني في مُقتَبل العمر، وإلى جانب التأكيد الذي يجري الترويج له في المملكة، أن قيادة المملكة ليست دينيّة، لكن الأمير بن سلمان، أراد التأكيد لمُنتقدي انفتاحه، وحفلاته طوال العام، أن هذا الانفتاح الترفيهي، لا يعني تخلّيه عن الجانب الديني، وها هو كأمير مُعتدل يُؤدّي الصّلاة، وزار قبر الرسول محمد، وتشرّف بالسّلام عليه، وسيُواصل بذلك الظّهور “خدمته للحرمين”، وتحسين صُورته المُحافظة قليلاً.

ومع مُصادرة صلاحيّات رجال الدين، لصالح رجال الترفيه، أشارت وكالة الأنباء السعوديّة (واس)، أن الأمير بن سلمان التقى “مجموعةً كبيرةً” من عُلماء الدين في قصر طيبة بالمدينة المنورة، كما كان في مُقدّمة مُستقبليه أمير المدينة المنورة أخيه الأمير فيصل بن سلمان، والذي قبّل الأمير بن سلمان كتفه ثم حاول تقبيل يده فور نُزوله من الطائرة، وهو مشهد يحرص بن سلمان على تكراره وفق أدبيّاته من باب التواضع وتأكيد العلاقات الوثيقة بين أفراد العائلة الحاكمة، ومع الأمراء الأكبر سنّاً منه، ولكن بعضهم للإشارة قد قبّل يدهم، وزّجهم بعدها بالسّجن أمثال ابن عمّه الأمير محمد بن نايف في مشهد التنحّي الشهير عن ولاية العهد، الأمير فيصل من جهته رفض تقبيل بن سلمان ليده، وسحبها، وهو بالمُناسبة يحمل درجة الدكتوراه من جامعة أكسفورد.

وفي سِياقٍ مُتصّل، يُعَدّ ظُهور الأمير بن سلمان العلني هذا في المدينة المنورة، وبعيدًا عن مركز الحُكم الرياض، أوّل ظُهور علني له بعد دخول هدنة الشهرين السبت مع حركة أنصار الله الحوثيّة، وربط البعض هذا الظهور لارتياح ولي العهد السعودي لعدم وجود مخاوف أمنيّة، وإمكانيّة استهدافه خلال تنقّلاته العلنيّة، وتصادف استهداف الحوثيين لأهدافٍ حيويّة في المملكة خلال تحرّكاته، فهي مُتوقّفة بحُكم الهدنة.

والمُؤكّد أن هذا الظهور العلني للأمير بن سلمان، يأتي بعد غيابه الذي تُوثّقه الأوساط السعوديّة عن حُضور جلسات مجلس الوزراء، وعن حُضور فعاليّات سباق الفورميولا1 الذي عادةً ما يهتم بحُضورها، كما وغيابه عن تخريج كليّة الدفاع الجوّي، وعن تخريج الكليّة البحريّة، كما غاب عن حفل تأهّل المُنتخب السعودي لمونديال كأس العالم في قطر، وهذه كلّها مُناسبات محليّة هامّة تحتاج للظهور الشخصي العلني للأمير بن سلمان كان يُفتَرض أن يحضرها، لكنّه فضّل الظّهور في المدينة المنورة، وقبلها بساعات داعماً للمجلس الرئاسي اليمني الجديد في الرياض، وبعد مُرور أكثر من عشرة أيّام على هجمات الحوثيين الأخيرة، ودخول الهدنة معهم حيّز التنفيذ، مع الإشارة إلى أن الأمير بن سلمان، يشغل منصب وزير الدفاع في بلاده، ولا يقتصر دوره على الظهور السياسي، ويقود حرب اليمن وعاصفتها الحازمة.