هل يشعر الأمير بن سلمان بالعُزلة الدوليّة وهل بات يتجنّب تكرار مشهد قمّة العشرين في الأرجنتين؟:

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1247
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

 ماذا عن “الترحيب الصيني” بحُضوره افتتاح دورة الأولمبياد الشتويّة وتأكيد ذهابه رغم معرفته عدم حُضور حلفائه الأمريكيين والغربيين المُقاطعين للصين وماذا عن استقباله الحار لتايلند رغم عدم استرداد “الماسة الزرقاء”؟

عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:

لا يزال الرئيس الأمريكي جو بايدن، رافضاً للتعامل الشخصي مع ولي عهد السعوديّة الأمير محمد بن سلمان، على خلفيّة تورّط الأمير الشاب المُباشر وفق الاتهامات الأمريكيّة في مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في تركيا، ويبدو أن عدم رغبة الرياض خفض أسعار النفط، وأنباء نيلها مُساعدة صينيّة في تصنيع صواريخ بالستيّة بمُساعدة الصين، لم تدفع الرئيس بايدن إلى التعامل الشخصي مع بن سلمان، واقتصار ذلك التعامل كما قال على العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، والأخير غاب عن استقبال الرئيس الفرنسي حين زار المملكة، وغاب أيضاً عن حضور القمّة الخليجيّة الأخيرة في العاصمة الرياض.

يُسجّل أن الأمير بن سلمان، لم يُغادر بلاده في زيارات دوليّة إلا إلى الصين العام 2019، وقام بجولة خليجيّة ديسمبر2021، وذلك بعد واقعة اغتيال الصحافي خاشقجي أكتوبر/2018، وتوجيه جمعيّات حقوقيّة في الولايات المتحدة الأمريكيّة ضدّه قضايا باتهامات انتهاكات لنشطاء ومُعارضين، ومُلاحقتهم، وعدم منح إدارة الرئيس بايدن للأمير الشاب الحاكم الفعلي لبلاده حصانة مُطلقة، مما يعني إمكانيّة تعرّضه للمُساءلة، والتحقيق، واحتماليّة وجود مخاوف أمنيّة، وهذا ما يُفسّر تراجع الأمير بن سلمان عن المُشاركة في قمّة العشرين الأخيرة التي انعقدت في روما الإيطاليّة، وقبلها قمّة المناخ في غلاسكو شمال بريطانيا العام 2021، وعدم ترؤس وفد بلاده، رغم أن اسمه كان من بين الحاضرين للقمّتين، بالإضافة لتأكيد بايدن عدم رغبته لقاءه في قمّة روما.

ويبدو أن ثقة الأمير بن سلمان في عدم تأثير قضيّة اغتيال الصحافي خاشقجي على صورته الشخصيّة، وتقديم المصالح قد تراجعت فيما يتعلّق بحضوره الشخصي للقمم، والمُؤتمرات الدوليّة، ولم يعد مُتحمّساً للظهور الإعلامي العالمي شخصيّاً، فزعماء قمّة مجموعة العشرين الأخيرة التي حضرها العام 2018، أعلنوا في حينها عدم رغبتهم لقاءه وأدانوا اغتيال خاشقجي، كما أن المُحتجّين في واشنطن تظاهروا وطالبوا باعتقاله لمسؤوليّته عن قتل آلاف اليمنيين، واليمن وحربها ملف حسّاس، شديد الاحمرار، دفع بالقيادة السعوديّة أخيرًا إلى مُقاطعة لبنان، بعد وصف وزير الإعلام جورج قرداحي بالحرب العبثيّة، ولا تقبل فيه الانتقادات.

المشهد الذي لا يرغب ولي عهد السعوديّة بإعادته بكُل تأكيد، ويُفسّر اليوم اقتصار زياراته الخارجيّة على الدول الخليجيّة المُجاورة بعد اغتيال خاشقجي ضمن جولة خليجيّة شملت دول الخليج تباعاً، وحضوره قمّة العشرين في الأرجنتين العام 2018 كآخر زيارة خارجيّة له، ما تعرّض له من إحراج حيث ظهر في ركن قصي من الصف الثاني للزعماء المُشاركين في القمّة، وتجنّب الزعماء مُصافحته، بالرغم أنه كان أوّل من يستقبل القادمين لالتقاط الصور.

 

هل يشعر الأمير بن سلمان بعزلة دوليّة؟..

تساؤلات مطروحة ومفروضة في الأوساط السعوديّة، مع الأنباء القادمة من الصين، حيث ذكر التلفزيون الوطني الصيني أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والأمير محمد بن سلمان، سيحضران مع أكثر من 20 شخصيّة، افتتاح الألعاب الأولمبيّة الشتويّة، ويبدو أن الأمير بن سلمان سيكون مع زيارة خارجيّة دوليّة في الرابع من فبراير، ويحظى بمأدبة ترحيب ومُحادثات مع الرئيس الصيني شي جينغ بينغ تتسلّط أضواء الإعلام والكاميرات عليها.

واللافت في هذا الافتتاح، أن حُلفاء الأمير السعودي ولي العهد التقليديين، لن يحضروا ذلك الافتتاح ومُقاطعين للأولمبياد بما أسموه “مُقاطعة دبلوماسيّة” إلى جانب دول أوروبيّة، بسبب ما وصفوه بانتهاكات حقوق الإنسان في الصين بحق أقليّة “الإيغور” المُسلمة، وحضور ولي العهد السعودي، يفرض بطبيعة الحال تساؤلات، حول أهدافه من هذا الحضور، في إظهار قدرته على السفر والتنقّل بحُريّة، ولا يخشى المُلاحقات، ولا يعيش عُزلة دوليّة من أمريكا وأوروبا، فهناك دول بديلة تستضيفه دون قلق، ورغبته وحتى قدرته في وضع بيض بلاده في السلّة الصينيّة دون التفاته لواقع الإيغور بصفته القائد للعالم الإسلامي وخادم الحرمين القادم، كما العلاقات الروسيّة، خاصةً أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيحضر أيضاً حفل افتتاح الألعاب الأولمبيّة، وفي حال إصرار الإدارة الأمريكيّة الحاليّة على مُواصلة عزله، وعدم فتح أبواب البيت الأبيض لزيارته، كما فعل بزيارته الشهيرة للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وتحوّل الزيارة إلى لوحات إعلانيّة لشراء السلاح الأمريكي بالمال السعودي بحسب توصيف صحف غربيّة.

الصين من جهتها، وفي مُناكفة واضحة للأمريكيين، رحّبت ترحيباً حارًّا بزيارة بن سلمان لبكين، وكتبت سفارة الصين بالسعوديّة على “تويتر”: “نرحب ترحيبًا حارًّا بصاحب السمو الملكي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بن عبدالعزيز في الصين لحضور حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين 2022″، وأضافت السفارة في تغريدتها أنه “من المؤمل أن تُعزز زيارة ولي العهد السعودي تنمية المجال الأولمبي العالمي وتطور العلاقات الاستراتيجية الشاملة الصينية السعودية”، هُنا من المُرجّح أن يعود الأمير بن سلمان مُحمّلاً بصفقات شراء أسلحة صينيّة بصفته وزيرًا للدفاع في بلاده، مع الإشارة إلى سحب إدارة بايدن منظومة دفاع صواريخ “باتريوت” من أراضي المملكة.

وفي حين غابت عن الرياض زيارات قادة الصف الأوّل من حلفائها الأمريكيين، والأوربيين والاستقبالات الحافلة (زيارة إيمانويل ماكرون إلى الرياض لغايات انتخابيّة، وعاد مُحمّلاً إلى باريس بصفقات أسلحة بعنوان التوسّط في حلحلة الأزمة مع لبنان “لا تزال مُستمرّة رغم استقالة قرداحي”)، كان لافتاً تسليط الإعلام السعودي الأضواء على زيارة رئيس الوزراء التايلندي للرياض برايوت تشان أوتشو، والاستقبال الحار الذي حظي به من الأمير بن سلمان، وهي الزيارة التي وضعها محللو الإعلام المذكور في إطار مُصالحة المملكة لجميع الدول.

في حين يرى آخرون أنها في سياق التأكيد على عدم وجود عزلة دوليّة، خاصّةً أن العلاقات بين السعوديّة، وتايلند مُتوتّرة وبدون سفراء منذ 30 عاماً، على خلفيّة قضيّة “الماسة الزرقاء”، جرى فيها سرقة بواب تايلندي مجوهرات  تزن 90 كيلوغراما وقيمتها 20 مليون دولار من ضمنها الماسة الزرقاء التي تزن  50 قيراط من قصر الأمير فيصل بن فهد بن عبد العزيز آل سعود في الرياض، وتم تهريب المسروقات إلى تايلاند، أوقفت على إثرها المملكة إصدار وتجديد التأشيرات لمئات الآلاف من العمال التايلنديين، وأوقفت التصاريح لآلاف المسلمين التايلنديين الذين يأملون في أداء فريضة الحج السنوية إلى مكة المكرمة، وحذّرت مواطنيها من السفر إلى تايلند.

وفي حين لم يجر استرداد “الماسة الزرقاء” للسعوديّة، تأتي الرغبة السعوديّة في هذا التوقيت استقبال رئيس وزراء تايلند، وضمن مراسم استقبال رسميّة، وفتح صفحة جديدة بين البلدين، فيما التساؤلات مطروحة حول نيّة فتح صفحات سعوديّة جديدة مع الأقربون والأولى بالمعروف، من اليمن، وإيران، وسورية، ولبنان، وفي حالة تصالح إقليميّة، تُمهّد طريقها للدوليّة، ودون انتظار قرع جرس الاستقبال في البيت الأبيض، يتساءل مراقبون.