إصلاحات نظام الكفالة في السعودية خطوة إيجابية لكن غير كافية

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1415
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

أعلنت السعودية عن إصلاحات طال انتظارها لنظام الكفالة لديها المثير للجدل في 14 مارس/آذار، كجزء من "مبادرة الإصلاح العمالي" التي تهدف إلى زيادة الشفافية في سوق العمل وجذب المستثمرين الأجانب.

وعلى الرغم من أن الإصلاحات الجديدة تحسن بشكل كبير حقوق العمال المهاجرين، إلا أن منظمات حقوق الإنسان ذكرت أنها لا تلغي نظام الكفالة، كما أنها لا تضمّن القوى العاملة الأجنبية بأكملها.

وتنص الإصلاحات التي أعدتها وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في السعودية على أن العمال الأجانب الذين يخضعون لسلطة قانون العمل السعودي يمكنهم تجديد أو إنهاء إقامتهم وحالة عملهم في البلاد.

ويسمح هذا للعمال المهاجرين بالانتقال إلى وظائف أخرى عند انتهاء عقد العمل دون الحاجة إلى موافقة صاحب العمل السابق، كما أنه يمنحهم حرية الدخول والخروج من المملكة دون الحاجة إلى إذن صاحب العمل.

 

لا إلغاء للكفالة

لطالما كان يُنظر منذ فترة طويلة إلى نظام الكفالة على أنه مستغل للغاية، وقد ظهر في الخمسينيات من القرن الماضي لتزويد دول الخليج العربي بإمدادات من العمالة الوفيرة والرخيصة في عصر النمو الاقتصادي المزدهر.

وقد مكّن هذا النظام الاستغلال في كثير من الحالات، بسبب الافتقار إلى اللوائح والحماية لحقوق العمال المهاجرين، مما أدى إلى انخفاض الأجور، وظروف العمل السيئة، وسوء معاملة الموظفين.

وغالبًا ما توصف السعودية على وجه الخصوص، بأنها دولة ذات أكثر أنظمة الكفالة سوءًا في المنطقة.

وعاش وعمل أكثر من 10 ملايين عامل أجنبي في السعودية بموجب نظام الكفالة، والذي كان يتطلب منهم حتى وقت قريب أن يكونوا على كفالة صاحب عمل سعودي وأن يحصلوا على تأشيرة خروج أو عودة كلما أرادوا مغادرة البلاد.

يتزامن توقيت الإصلاحات مع تغير المواقف الدولية تجاه السعودية، لذلك يمكن ترجمة التشريع الجديد على أنه محاولة لإظهار بعض النوايا الحسنة أمام الغرب، كما يمكن اعتبارها محاولة لإسكات نشطاء حقوق الإنسان، الذين من المرجح أن تحظى أصواتهم باهتمام أكبر في ظل الرئيس الأمريكي الجديد "جو بايدن".

ولكن الحقيقة أيضًا أن الإصلاحات ظلت لسنوات في طور الإعداد، كجزء من الإطار الاقتصادي لرؤية "المملكة 2030"، حتى قبل انتخاب "بايدن".

ويعتقد الباحث في حقوق المهاجرين "علي محمد"، أن الإعلان عن الإصلاحات ربما يكون مرتبطًا بتعزيز صورة الحكومة في أعقاب إصلاحات قطر الأخيرة، والمراجعة الإقليمية العربية للميثاق العالمي للهجرة، وتقرير الولايات المتحدة للاتجار بالبشر، الذي ظل لسنوات يذكر إصلاح نظام الكفالة كأحد أهم توصياته.

وقد رحبت العديد من المؤسسات ووسائل الإعلام السعودية بالإصلاحات التي تم تبنيها، والتي تعتقد أنها قد تؤدي إلى تغييرات اقتصادية واجتماعية كبيرة في دول مجلس التعاون الخليجي.

ومع ذلك، تعتقد العديد من جماعات حقوق الإنسان أن الإصلاحات ليست كافية، لأنها لا تقطع شوطًا كافيًا لتفكيك نظام الكفالة المستغل.

وقال "فارشا كودوفايور"، الباحث والمحلل البارز في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات: "إصلاحات نظام الكفالة في السعودية هي خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح، لكنها لا تحل المشكلة تمامًا، فهي لا تلغيه ويمكن أن تترك العمال عرضة للاستغلال وسوء المعاملة".

استبعاد ملايين العمال

وقال "محمد": "تتمثل أوجه القصور الرئيسية المتعلقة بالإصلاح الأخير في استبعاد ملايين العمال غير المشمولين بقانون العمل، ومعظمهم من العاملين في المنازل والعمال الأقل حماية والأكثر عرضة للانتهاكات".

كما يقول موقع "Migrant Rights.org" لحقوق العمال المهاجرين: "تم استبعاد ما يقرب من 3.6 ملايين عامل منزلي ومزارع وراعي وحارس منزل وسائق خاص، والذين هم من بين الفئات الأكثر هشاشة، لأن الإصلاحات تنطبق فقط على العمال المهاجرين الذين يخضعون لسلطة قانون العمل (ما يقرب من 6.7 ملايين عامل)".

 

العناصر الإشكالية باقية

وعلاوة على ذلك، يعتقد "محمد" أن الإصلاحات لا تزال تضع حواجز مالية وإجرائية، لتغيير الوظائف والخروج من البلاد.

وعلى سبيل المثال، لا تلغي الإصلاحات تصريح الخروج تمامًا، حيث لا يزال يتعين على العمال تقديم طلب إلى الحكومة لمغادرة السعودية، ولا يزال تصريح الخروج خاضعًا للرسوم واللوائح، مثل الحصول على تصريح إقامة ساري المفعول أو عدم وجود أي مخالفات مرورية.

وقال "محمد": "نتلقى أيضًا عدة شكاوى من عمال مهاجرين في السعودية يواجهون صعوبات في نقل الكفيل بسبب عدم وجود عقد عمل أو تهم فرار قدمها الكفيل الأصلي، وعدم قدرة الكفيل الجديد على إصدار تصاريح العمل لأسباب مختلفة".

لذلك، من الواضح أن العناصر الإشكالية في الكفالة باقية، وأن التغييرات لم تعالج القضايا الخلافية التي لا تزال قائمة في التشريع الجديد، مثل شرط وجود كفيل للدخول والإقامة في البلاد بشكل قانوني وكذلك إعطاء أصحاب العمل سلطة إصدار و تجديد تصاريح عمل الوافدين وإلغائها في أي وقت.

ولا يزال العمال ملزمون بالعمل لدى ربّ العمل لمدة عام قبل السماح لهم بتغيير الوظيفة، كما لا يزالون بحاجة إلى إذن من أرباب العمل لمغادرة البلاد (في حالة العمالة المنزلية) أو إذن من الدولة (في حالة العمال العاديين).

وأخيرًا، فإن قدرة أرباب العمل على توجيه تهم الفرار ضد العمال المهاجرين، مما يجعلهم "غير قانونيين" وعرضة للاعتقال والترحيل، أمر مقلق للغاية، حيث يرفع بعض أرباب العمل قضايا هروب كاذبة للتهرب من التزاماتهم القانونية بدفع الأجور أو توفير الطعام والسكن، بحسب "هيومن رايتس ووتش".

 

إصلاحات محدودة

ومع ذلك، يأمل بعض المراقبين في أن تؤدي زيادة حركة اليد العاملة إلى إجبار الشركات على رفع أجورها وتحسين ظروف العمل من أجل الاحتفاظ بالعمال والتنافس عليهم.

كما يمكن للإصلاحات التي تم تبنيها أن تحفز السعوديين على العمل في القطاع الخاص، حيث قد تزداد جاذبية المواطنين السعوديين لأرباب العمل في القطاع الخاص الذين فضلوا حتى الآن الأجانب الذين لديهم سيطرة أكبر عليهم.

ويرى "محمد" إن الإصلاحات المعتمدة محدودة للغاية، مما لا يجعل لها أي تأثير جوهري على زيادة الأجور أو تحسين ظروف العمل في القطاع الخاص.

واستشهد بمثال البحرين، التي تبنت أيضًا تنظيمات مماثلة لتنقل العمالة الوافدة منذ عام 2011، ومع ذلك لم تكن هناك أي زيادة ملحوظة في الأجور أو تحسن في ظروف العمل في القطاع الخاص، التي لا تزال سيئة جدًا.

ويوضح "محمد" أن العمال المهاجرين في وضع تفاوضي ضعيف من الناحية الهيكلية أمام ربّ العمل فيما يتعلق بالمطالبة بأجور أو حقوق أفضل نظرًا لكونهم قابلين للترحيل، وأن إقامتهم "القانونية" تعتمد على ربّ العمل الأخير بموجب نظام الكفالة.

وأضاف: "إذا كانت الحكومة السعودية تريد حقاً تحسين ظروف قطاعها الخاص، فعليها أن تبدأ بتطبيق أجر معيشي لجميع العمال، والسماح بالنقابات، وإلغاء الكفالة. لكن هذا يعني مواجهة علاقات القوة الراسخة ومصالح رأس المال".

حاولت دول خليجية أخرى تنفيذ إصلاحات لأنظمة الكفالة الخاصة بها، وكانت تلك الإصلاحات أكبر من التي اعتمدتها السلطات السعودية مؤخرًا، وحققت نجاحًا محدودًا، لأنها لا تزال تخفق في معالجة القضايا الرئيسية التي تجعل العمال عرضة للاستغلال.

ووفقًا لـ"ريسزارد تشوليوينسكي"، من منظمة العمل الدولية، فمن الواضح أن إلغاء الكفالة "مجال معقد للغاية ولا يمكن معالجته في تشريع واحد بين عشية وضحاها".

 

المصدر | إنسايد أرابيا - ترجمة وتحرير الخليج الجديد