خِطاب أردوغان بين الارتياح السعودي وخيبة الأمل من عدم اتِّهام الأمير بن سلمان: هل تماشى مع رواية السُّعوديّين حول مقتل مَواطِنهم جمال خاشقجي وماذا عن رفض الرئيس “رشوتهم السِّياسيّة”؟..

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1579
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

التَّصالُح الأمريكيّ- التُّركيّ وإطلاق سراح القِس برونسون أملاً في رفع العُقوبات هل يَقِف وراء عدم تصعيد رئيس تركيا الذي لا يُشَكِّك بمِصداقيّة الملك سلمان بل و”يقترح” عليه فقط مُحاكَمة المُتورِّطين؟
عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:
 بدا الارتياح نوعاً ما يخرج على وجوه النُّخبة السعوديّة، ومن خلفهم المُغرّدون على موقع التغريد العالمي “تويتر”، فبعد خطابٍ مُنتظرٍ للرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم الثلاثاء يكشف فيه تفاصيل ما جرى مع الكاتب الصحافي السعودي جمال خاشقجي، ها هو الرجل يتقاطع فيه مع الرواية السعوديّة نوعاً ما، ويُحمِّل ال18 عميلاً أمنيّاً المسؤوليّة، بل و”يقترح” على العاهل السعودي الملك سلمان مُحاكمتهم، ويُعيد طرح بعض الأسئلة التي طُرحت بالأساس في وسائل الإعلام، حول أسباب تواجد ال15 رجل أمني، وإشارته إلى أنّ العمليّة لم تتم بدافع شخصي منهم، بل هي مُدبّرة، ثم يعتبر اعتراف السعوديّة بمقتل خاشقجي أمراً مُهِمَّاً.
كان العالم إذاً، يحبس أنفاسه، مُنتظراً عرض مقاطع فيديو، تكشف حقيقة ما تعرّض له الصحافي جمال خاشقجي، أو اتّهاماً مُباشراً منه على تورّط الأمير محمد بن سلمان، الأمر فقط وحسب الخليفة العثماني أردوغان، أنه لا يُشكِّك بمصداقيّة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، هو خطابٌ مُخيّبٍ للبعض، ومُريحٌ للبعض الآخر، وما كشفه عن أنّ الديسك الخاص المُتعلِّق بكاميرات القُنصليّة تم سحبه، وأنّ العمليّة لقتل خاشقجي تم التخطيط لها من قبل تنفيذها، ليس بالكشف الذي يتماشى مع الحدث، والانتظار الذي سبق خطابه وانتظره العالم.
الرئيس أردوغان، وفق المُتفائلين من السعوديين في الداخل المحلي، وبعد خطابه الذي كان من المُفترض أن يكون تاريخيّاً، يبدو أنه ابتلع الإهانات السعوديّة، واستبدلها باستثمارات، ومصالح تجاريّة، وكُل التسريبات التي جرى الترويج لها، يبدو أنها في إطار التصعيد الإعلامي، الذي قابلته السعوديّة هي الأُخرى بتصعيد “تويتري” طال الرئيس أردوغان شخصيّاً، والباقي اليوم هي أُطر قانونيّة ليست إلا سياق في لفلفة نهائيّة، تُغلق ملف القضيّة، وينتهي بالترحم على الخاشقجي.
المُتفائلون بعدالة تركيا، أو بهيبة الأتراك، ورئيسهم رجب طيب أردوغان، استعرضوا الخطاب على أنه مُناورة ذكيّة، وسلّطوا الضوء كثيراً على عبارته أي الرئيس التي قال فيها أنّ إلقاء اللوم على رجال الأمن والمُخابرات ليس مُطمئناً لنا، وهي العبارة التي اعتبروها إشارةً ضمنيّة للأمير محمد بن سلمان، كما مُطالبته مُحاسبة المسؤولين من أسفل السّلم إلى أعلاه، أي أنّ جماعة مُناصرة تركيا من إعلاميين وغيرهم، لا زالوا بحسب تحليلاتهم للخطاب، يستمتعون بمُشاهدة المسلسل التركي، الذي يبدو أنه سيصل نهايته، مع عدم مُحاسبة المُتورّطين، على الأقل بالنسبة إلى المُتضامنين مع خاشقجي ككاتب وصحافي “مُسالِم”.
كان لافِتاً، وفق المراقبون التسريبات التي كشفتها وكالة رويترز للأنباء، وقبل ساعات من خطاب أردوغان الذي لم يحمل جديداً، وهي التسريبات التي تتماشى مع الرواية السعوديّة، والتي تقول أنّ سعود القحطاني مستشار العاهل السعودي والمُقرّب من بن سلمان، والذي عُزل من منصبه، هو الذي أدار عمليّة اغتيال خاشقجي عبر برنامج “سكايب”، ووجّه له الشتائم من خلالها، ثم أمر بقتله، وجلب رأسه، وهي الرواية التي كانت تقول أنّ الأمير محمد بن سلمان هو الذي شاهد عمليّة الاغتيال، وأمر باغتياله، وبالتالي استبداله بأكباش الفداء، وتأكيد عدم علمه، وصلته بالأمر مُطلقاً.
أردوغان الرئيس التركي، وقد بدا بعد الخطاب أو وضع في دائرة الاتهامات، وتخييب الآمال، وظهر في مظهر الحريص على علاقاته مع المملكة، كان قد رفض رشوة وصفها بالسياسيّة كان قد عرضها عليه الأمير خالد الفيصل المبعوث الشخصي للملك سلمان وذلك بحسب مصادر صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكيّة، وتتضمّن استثمارات، ومُساعدات ماليّة، وحتى فك الحصار عن قطر، لكن أردوغان بحسب الصحيفة رفض العرض بغضب، وبالتالي إغلاق ملف قضيّة جمال خاشقجي.
قد يكون التصالح الأمريكي- التركي كما يرى مراقبون على خلفيّة إطلاق السلطات التركيّة سراح القِس أندرو برونسون، وآمال التمني التركي برفع العُقوبات بعدها، للحِفاظ على قيمة الليرة هو الدافع الرئيسي للرئيس أردوغان في التحكّم بمدى حدّة التصعيد في ملف خاشقجي مع العربيّة السعوديّة، ويبدو أنّ مصالح الإدارة الأمريكيّة للرئيس دونالد ترامب مع مليارات الأمير محمد بن سلمان حتى الآن، هي الأساس والمُتحكِّم في مدى التماشي التركي مع الرواية السعوديّة، التي في أقلّها اعترفت بمقتل خاشقجي خلف أسوار قُنصُليّتها.
يبقى السُّؤال المَطروح إذاً، حول مدى قُدرة قضيّة خاشقجي في التأثير على مُستقبل الأمير محمد بن سلمان السياسي، فحتى كتابة هذه السطور، يبدو أنّ الأُمور بدأت تتجه في سياق الضغط القانوني، لا الضغط السياسي المُفضي للسياسات العقابيّة، فحتى الدولة التي وقعت على أراضيها الجريمة، لم تعتقل أيّاً من المسؤولين عنها، ولم تمنع أحدهم من السفر، بل بعد خطاب أردوغان يبدو أنّ الاتِّهامات تنحصر بهؤلاء المسؤولين الصغار، فالرئيس التركي بات اليوم “يقترح” مُحاكمتهم”، والله يعلم ماذا “سيقترح” على السعوديّة لاحقاً، الثابت في كل هذا كما يقول صحافي سعودي لرأي اليوم، أنّ جمال مات، وتَجِب الرحمة عليه.