أزمة مستعصية.. إلى متى تستمر الهدنة الهشة في اليمن؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2850
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

مطلع الشهر الجاري، وافقت الأطراف المتحاربة في اليمن على تجديد آخر لمدة شهرين للهدنة التي تم التوصل إليه في أبريل/نيسان (تم تمديدها سابقا حتى أغسطس/آب) مما يمثل أطول وقف لإطلاق النار في حرب اليمن المستمرة منذ 7 سنوات.

ومع الاستنزاف الذي تعاني منه السعودية وفشل الحوثيين في السيطرة على محافظة مأرب الغنية بالنفط، اتفقت الأطراف على هدنة أدت في النهاية إلى تحول ملموس على الأرض.

لكن بالرغم من الهدنة، لم يتم رفع الحصار بالكامل بعد، مما يزيد من تدهور الحالة الإنسانية ويشكك في جدوى الهدنة واستقرار اليمن على المدى الطويل.

وكان صعود الحوثيين أواخر عام 2014 مؤشراً على تحول في السلطة أثار قلق السعودية والولايات المتحدة، وكلاهما لهما تاريخ من التدخل السياسي والعسكري في اليمن.

ومع استعداد الفصائل اليمنية المختلفة للتوقيع على اتفاق لتقاسم السلطة بوساطة الأمم المتحدة في مارس/آذار 2015 لمنع اندلاع حرب أهلية، أطلق تحالف تقوده السعودية والإمارات (وتدعمه الولايات المتحدة) حملة عسكرية تستهدف إعادة الرئيس المؤقت آنذاك "عبد ربه منصور هادي" إلى السلطة وانتزاع السيطرة على البلاد (خاصة مضيق باب المندب الاستراتيجي) من الحوثيين.

وبعد أكثر من 7 سنوات، لم يتحقق أي من الهدفين، وحافظ "الحوثيون" على سيطرتهم على العاصمة اليمنية والمناطق الأكثر اكتظاظًا بالسكان، بينما تم إقالة "هادي" فجأة واستبداله بمجلس رئاسي في وقت سابق من هذا العام.

في غضون ذلك، انزلق اليمن في حالة من الفوضى ليشهد أسوأ أزمة إنسانية في العالم، ووصل عدد القتلى نحو 377 ألفًا بحلول نهاية العام الماضي. وتمثل هذه الوفيات كلاً من أولئك الذين قُتلوا في أعمال العنف، وأولئك الذين وقعوا فريسة للمجاعة والأمراض بسبب سياسة الحوثيين والحصار الذي فرضه التحالف على الموانئ والحدود البرية والمجال الجوي.

وتعد الخسائر التي تلحق بالأطفال مروعة بشكل خاص؛ وتشير التقديرات إلى وفاة طفل يمني كل 75 ثانية بسبب الجوع أو الأمراض التي يمكن الوقاية منها مثل الكوليرا والدفتيريا أو حتى الحمى البسيطة.

ولا يمكن الإبلاغ عن إحصاءات قابلة للمقارنة عن المدنيين في السعودية أو الإمارات، مما يعكس حقيقة أن هذه "الحرب" المزعومة هي هجوم أحادي الجانب على أحد أفقر دول العالم من قبل جيرانها الأثرياء وحلفائهم الغربيين.

وبينما يبدو من الصعب تحقيق حل دبلوماسي للحرب نظرًا لتاريخ من الصراع بين أعضاء المجلس الرئاسي الذي يقوده "العليمي" وكذلك بين الحوثيين وأمراء الحرب في المجلس، فقد حدثت تطورات إيجابية تشتد حاجة للشعب اليمني لها.

ومنذ أبريل/نيسان، لم يتم تنفيذ ضربات جوية في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون وتم استئناف بعض الرحلات الجوية من وإلى صنعاء. وللمرة الأولى منذ أكثر من 7 سنوات، بدأ مطار صنعاء في تشغيل رحلتين تجاريتين أسبوعياً إلى كل من مصر والأردن.

وبالرغم من محدودية هذه الرحلات الجوية، إلا أنها تتيح لليمنيين القادرين على تحمل تكاليف السفر إلى الخارج فرصًا للبحث عن علاج لا يستطيعون الحصول عليه في اليمن نظرا للدمار الذي لحق بنظام الرعاية الصحية هناك.

لكن في بلد يعيش فيه ما بين 71-78% من الناس الآن تحت خط الفقر، فإن السفر هو رفاهية لا يمكن تحقيقها بالنسبة لمعظم اليمنيين.

ونتيجة للهدنة أيضًا، بدأت السعودية في السماح بدخول شحنات الوقود إلى ميناء الحديدة. وفي الأشهر الأربعة الماضية، سُمح بدخول سفن تحمل 663.781 طنًا متريًا من الوقود إلى الميناء، وهي زيادة كبيرة عن 470 ألف طن سمح لها بالدخول في عام 2021 بأكمله.

ومع ذلك، فإن الحصار الذي تقوده السعودية على المناطق الشمالية من البلاد لم يتم رفعه بالكامل. ولا تزال كمية الوقود المسموح بها حاليًا أقل بكثير من الاحتياجات الأساسية لليمن.

كما لم تتحقق الشروط الأخرى، حيث لم يتلق الموظفون اليمنيون رواتبهم بعد، ولم يعيد الحوثيون فتح طرق تعز. ومع اتفاق الأطراف على تمديد الهدنة ومواصلة المحادثات، من الممكن أن يتم التوصل إلى بعض الاتفاقات الجزئية من قبل الأطراف التي استنزفت بسبب سنوات من الحرب.

وبينما تتواصل المحادثات بين اليمنيين، كان الكونجرس يحشد الدعم لمشروع قانون من شأنه أن يمنع المزيد من التدخل العسكري بغض النظر عن نتيجة الهدنة الهشة في اليمن.

وخلال عهد "ترامب"، جرى تصويت تاريخي من الحزبين لإنهاء الدعم الأمريكي للعمليات العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن لكن "ترامب" استخدم حق النقض "فيتو" ضد القانون.

وحاليا، يكتسب هذا القانون زخمًا في الكونجرس لكن هذه المرة لإنهاء مشاركة "بايدن" في حرب اليمن.

 ومع استمرار تورط الولايات المتحدة في الحرب على اليمن، بما في ذلك مبيعات الأسلحة للسعودية والإمارات بالرغم من الوعود بعكس ذلك، قدم النائبان "براميلا جايابال" و"بيتر ديفازيو" القرار في مجلس الشيوخ.

ويدعو مشروع القانون إلى إنهاء تبادل المعلومات الاستخباراتية الأمريكية، والدعم اللوجستي، وإشراك الأفراد الأمريكيين في الحرب. وإذا تم تمريره من قبل الكونجرس، فمن غير المرجح أن يستخدم "بايدن" حق النقض عليه.

وبالنسبة للمدنيين اليمنيين الذين عانوا من وطأة هذا الصراع الذي طال أمده، فإن طريق الانتعاش والاستقرار سيكون طويلاً. لكن لضمان هدنة دائمة وسلام طويل الأمد، فإن الإنهاء الكامل للتدخل الأجنبي، على الصعيدين السياسي والعسكري، أمر ضروري.

ويمكن أن يبدأ ذلك بتمرير قرار الكونجرس، الذي لن يحرم السعودية من القدرات العسكرية الأمريكية فحسب، بل سيمهد الطريق أيضًا لمزيد من الحوار والتنازلات بين الأطراف في اليمن.

 

المصدر | شيرين العديمي/ ريسبونسبل ستيتكرافت – ترجمة وتحرير الخليج الجديد