أزمة النفط التي لا تستطيع السعودية حلها

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 5911
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

ترجمة وتحرير الخليج الجديد
 يجب أن تؤخذ رسالة الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو "أمين الناصر"، إلى الصحافة بأن تدفق النفط إلى السوق مضمون، بشئ من التحفظ.
بالنظر إلى التقلب الحالي في الخليج وإمكانية الإغلاق المؤقت لمضيق هرمز، فقد تكون رسالة الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو مفرطة في التفاؤل. في الواقع، لن تتمكن أرامكو من الحفاظ على كميات النفط الخام الضرورية المتدفقة إلى الأسواق الآسيوية والأوروبية في حالة الاعتراض الكامل لمضيق هرمز. وحتى لو كانت أرامكو تمتلك وتدير خط أنابيب للنفط الخام بطاقة 5 ملايين برميل يوميا، وتحمل النفط الخام مسافة 1200 كيلومتر بين الخليج العربي والبحر الأحمر، فهناك حاجة إلى المزيد للحفاظ على استقرار سوق النفط.
ويعتبر تعهد "الناصر" والسعودية بتحقيق الاستقرار في السوق جديرة بالثناء، لكن يجب اعتبارها محاولة لتهدئة مخاوف التجار والمحللين الماليين، خاصة قبيل اجتماع أوبك بلس الذي تم عقده في فيينا أمس. وأكد "الناصر" أن أرامكو (أي المملكة أيضا) قادرة على توفير ما يكفي من النفط الخام عبر البحر الأحمر، مؤكدا أن خط الأنابيب الضروري والبنية التحتية اللازمة موجودان. ومع ذلك، يرتبط بيان "الناصر" بحجم الصادرات السعودية من النفط الذي يمكن أن يكون خط الأنابيب وحده كافيا لدعمه. لكن القضية الحقيقية، هو أنه إذا كان الأمر يتعلق بنزاع شامل، فإن النفط السعودي ليس وحده المهدّد.
في الوقت الحالي، يتم نقل ما بين 20 و 21 مليون برميل في اليوم من المنتجات البترولية والبترول الخام عبر مضيق هرمز. وتشكل الصادرات السعودية جزءا كبيرا من ذلك، ولكن الإمارات والعراق والكويت والبحرين وقطر وإيران أيضا، سيتعين عليهم البحث عن طرق إضافية حال حدوث اضطراب. وسوف يتسبب أي عمل عسكري في المنطقة في تعطيل مؤقت لكل حركة النقل البحري. وعدا الخيارات المطروحة بالفعل على الطاولة -مثل خط الأنابيب البري السعودي وخط أنابيب الفجيرة في الإمارات- فإنه لا توجد بدائل حقيقية أخرى متوفرة، نظرا لأن النقل البري بالشاحنات أو النقل بالسكك الحديدية غير فعال. ولا يعد نقل جميع إمدادات النفط عبر خطوط الأنابيب السعودية والإماراتية خيارا على الإطلاق، لأن الطاقة الإجمالية للاثنين تقل عن 10 ملايين برميل يوميا، ولا تمثل حتى 50% من التدفقات البحرية الحالية عبر هرمز. وهناك شيء آخر تجدر الإشارة إليه، وهو أن خطوط الأنابيب لا يمكنها شحن النفط الخام ومنتجات النفط الخام في نفس الوقت.
من العواقب الأخرى لاعتراض مضيق هرمز أن معظم ناقلات البترول الضخمة جدا التي تبحر في الخليج لن تكون قابلة لإعادة التوجيه في طريق مختلف، وقبل أن يجد السوق حلا لذلك، ستنقضي الأيام وربما الأسابيع، وسترتفع أسعار جميع المنتجات النفطية. ومن المحتمل أن يكون هذا هو الحال بالنسبة للغاز الطبيعي المسال وتدفقات السلع الأخرى.

الإمدادات مستهدفة
بخلاف ذلك، في الوقت الذي يتحدث فيه المحللون عن أمن حقول النفط وتوافر خطوط الأنابيب، فإن أي مستشار عسكري سيشع هذه الخيارات كجزء من المرحلة الأولى لخطة العمل العسكري. وإذا تعرضت إيران للهجوم، أو واجهت ضربة دقيقة مؤذية من قبل خصومها، فستصبح جميع البنية التحتية العربية للنفط والغاز هدفا مشروعا للهجوم. ومن الناحية الجغرافية، فإن طهران لديها أفضل الفرص. وبالنظر إلى مواقع غالبية أصول إنتاج النفط والغاز والبنية التحتية في العالم العربي، وخاصة في السعودية والإمارات أو حتى العراق، فإن كل شيء يقع في متناول الصواريخ قصيرة المدى والطائرات المقاتلة وحتى الطائرات المسيرة. وسيؤدي أي تحرك ضد إيران إلى هجوم واسع النطاق على المنطقة الشرقية بالسعودية (التي تنتج 80% من جميع نفطها وغازها)، والبنية التحتية للنفط في أبوظبي وخطوط الأنابيب الإقليمية. وإذا نظرنا إلى التاريخ، فإن منع الوصول إلى الطاقة وزعزعة استقرار المعارضين هو خيار منطقي في الاستراتيجية العسكرية.
ويمكن اعتبار أن إيران والحوثيين وحزب الله وغيرهم قد أعدوا بالفعل استراتيجية لاستهداف البنية التحتية للنفط والغاز. وستبحث واشنطن والرياض وأبو ظبي وحتى المنامة بشكل محموم عن أجوبة، لكن الوضع الجغرافي كارثي.
ويعد تهدئة المخاوف في السوق هو الشيء الصحيح الذي يجب القيام به، لكن الواقع يحتاج أيضا إلى معالجة. ويقع سوق النفط الوقت الحاضر ضحية لتصورات النفوذ الجيوسياسي لقادة عاطفيين تخلوا عن العقلانية. وتعد هذه المواجهة جزءا من وضع لم يسبق له مثيل حيث سيتحول النفط كسلاح للهزيمة أو النجاة. وفي هذا السياق، تعد الإشارة المستمرة إلى حرب ناقلات النفط الإيرانية العراقية خلال الثمانينيات بعيدة عن الواقع. ففي حالتنا هذه، لا يتعلق الأمر بمجرد خلاف بين دولتين، لكنه يتعلق بمواجهة عربية إيرانية محتملة، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.
ولن يحتاج المستهلكون الآسيويون إلى الاستعداد لارتفاع حاد في الأسعار في السيناريو الأكثر تفاؤلا فحسب، ولكن أيضا للتحسب لتعطيل أجزاء واسعة من اقتصادهم. ولن يكون مضيق هرمز لوحده، بل ينبغي أن يؤخذ في الاعتبار ما هو أكثر، وخاصة ردود فعل وكلاء إيران في اليمن (خليج عدن) أو بلدان شرق المتوسط (حزب الله). ويمكن للسعودية أن تفعل الكثير، لكن إنقاذ الاقتصاد العالمي إذا تفجر الوضع في الخليج يقع خارج نطاق قدراتها.

المصدر | أويل برايس دوت كوم