صب الزيت على النار في الخليج

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2840
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

مصطفى عبد السلام
 حادث غامض حتى الآن، لكنه حوّل مياه الخليج، ومعها أسواق منطقة الشرق الأوسط، إلى بؤرة توتر إضافية، بؤرة تضاف إلى بؤر التوتر الكثيرة في منطقة الخليج، والتي زادت رقعتها مؤخرا مع تصاعد الخلافات بين إيران وأميركا على خلفية الملف النووي، ومحاولة إدارة ترامب خنق إيران اقتصادياً، عبر تصفير صادراتها النفطية، وفرض عقوبات اقتصادية جديدة عليها.
أحدث صور التوتر تعرّض أربع سفن تجارية لعمليات تخريبية، أمس الأحد، قرب المياه الإقليمية الإماراتية. الإمارات لم تقدّم بعد أية تفاصيل بشأن طبيعة التخريب ومرتكبيه ومن يقف خلفه، والسعودية أعلنت اليوم عن تعرّض ناقلتي نفط مملوكتين لها لهجوم تخريبي قبالة ساحل إمارة الفجيرة.
الحادث انعكس سريعا على أسواق النفط والمال والبورصات الخليجية، خاصة أنه وقع في منطقة غنية بالطاقة وتُعد من أهم مزودي أسواق العالم بالنفط، كما وقع في إمارة الفجيرة، التي تصنف على أنها إحدى أكبر مراكز تزويد السفن بالوقود في العالم.
مثلا، ارتفعت اليوم أسعار النفط بنسبة تقترب من 2%، ومعها زادت أسعار العقود الآجلة للنفط، وتراجعت أسعار الأسهم بشكل حاد في منطقة الخليج وفي المقدمة بورصتي الإمارات والسعودية، فقد هوى المؤشر العام لسوق دبي المالي بنسبة 3.97%. وهبط مؤشر سوق أبو ظبي للأوراق المالية بنسبة 3.3%.
وفي السعودية، صاحبة أكبر بورصة خليجية وعربية من حيث القيمة السوقية، هوى المؤشر العام بنسبة 3.55%. وتراجعت بورصة قطر بنسبة 1.8%. وجاء التراجع الحاد في البورصات الخليجية مدفوعاً بزيادة المخاطر الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة.
وجدد استهداف ضرب السفن النفطية الأربع مخاوف مستوردي الطاقة حول العالم من تعطل الإمدادات النفطية من دول المنطقة، ورفع الحادث تكلفة التأمين على السفن والشحنات التجارية التي تمر عبر مضيق هرمز بمعدلات كبيرة، وربما يجبر بعض الشركات العالمية على تعليق مرور سفنها وحمولاتها التجارية عبر هرمز، كما تقول تقارير عالمية.
وهذا احتمال قائم، قياسا على ما تم خلال الحرب العراقية الإيرانية في العام 1980، حيث ارتفعت أسعار التأمين على السفن والشحنات التجارية التي تمر عبر هرمز بنسبة 400% وقتها.
وهذا كله ينعكس سلبا، ليس فقط على اقتصاد دول المنطقة وفي مقدمتها الاقتصاد الخليجي، بل على الاقتصاد العالمي الذي يعاني من تحديات أخرى، أبرزها الحرب التجارية المستعرة بين واشنطن وبكين والمخاطر الجيوسياسية في عدد من المناطق ومنها ليبيا وفنزويلا.
منسوب التوتر يزيد في منطقة الخليج، ومعه تتزايد حالة الغموض السياسي وعدم اليقين، خاصة مع تصريحات حشمت الله فلاحت بيشه، عضو البرلمان الإيراني، التي قال فيها اليوم إن "مخربين من دولة ثالثة" قد يكونون وراء الهجمات التي وقعت قرب ميناء الفجيرة.
كما يزداد التوتر في الخليج مع تهديد إيران المستمر بإغلاق مضيق هرمز الذي يمر عبره نحو 17 مليون برميل يومياً من النفط، و40% من إنتاج النفط العالمي، ويزداد التوتر مع إصرار واشنطن على تطبيق حظر تصدير النفط الإيراني ومعاقبة مستورديه، وتلويحها بإرسال حاملة الطائرات "أبراهام لينكولن" إلى هرمز.
هناك من يصب الزيت على النار في منطقة الخليج خاصة أميركا وخلفها إسرائيل، والوضع قد يزداد توتراً وتعقيدا خلال الفترة المقبلة، خاصة إذا ما أقدمت طهران على غلق مضيق هرمز أو مهاجمة البوارج الأميركية في مياه الخليج، أو تأكد لدول العالم أن لإيران يداً في الهجوم على السفن النفطية الأربع.

* مصطفى عبد السلام كاتب ومحرر صحفي اقتصادي
المصدر | العربي الجديد