صفقة ترامب “مكسورة” القرن.. ومؤتمر وارسو يعكِس الهزائِم الأمريكيّة في “الشرق الأوسط”..

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2545
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

وأبرز “إنجازاته” صورة “سيلفي” لنِتنياهو مع بعض وزراء الخارجيّة العرب المُطبّعين.. لماذا نجزِم بأنّ قمّة سوتشي الثلاثيّة هي الواعِدة بالتّغيير الحقيقيّ؟ وكيف قلب محور المُقاومة كُل المُعادلات؟
عبد الباري عطوان
 إذا أردنا أن نتعرُف على حالة الانهِيار التي تعيشها الدبلوماسيّة الأمريكيّة في منطقة الشرق الأوسط، فما علينا إلا النّظر إلى مُستوى الحُضور الهابِط لتمثيل 60 دولة من المُفترض أن تُشارك في قمّة وارسو للسلام والأمن في منطقة الشرق الأوسط الذي دعا إلى عقدها الرئيس دونالد ترامب غدًا في العاصمة البولنديّة.
هذه القمّة تحوّلت إلى اجتماع لوزراء الخارجيّة، أو من يُمثّلهم، وتراجُع مُنظّموها الأمريكان عن تكريسها لتأسيس تحالفٍ سياسيّ واقتصاديّ وعسكريّ ضِد إيران إلى مُناقشة قضايا منطقة الشرق الأوسط بشَكلٍ عام.
بنيامين نِتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيليّ، هو الأكثَر حماسًا للمُشاركة في هذا المُؤتمر، لأنّه يطمح لمُصافحة بعض وزراء الخارجيّة العرب المُشاركين، لتعزيز حُظوظ حزبه اليمينيّ المُتطرّف في الانتخابات التشريعيّة في شهر نيسان (إبريل) المُقبل، ولا نستبعِد أن يجد من يُصافحه ويتبادَل معه الابتِسامات وربّما العِناق أمام عدسات التّلفزة.
أمريكا هُزِمت في سورية وإيران والعِراق وأفغانستان، وقرن صفقتها بات مكسورًا، لأنّها لم تجد زعيمًا فلسطينيًّا واحدًا يرغب بمُناقشتها والتّفاوض حولها أو توقيعها في نهاية المَطاف، بما في ذلك السيد محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينيّة، رغم الضّغوط الماليّة والنفسيّة المُمارسة عليه لتَغيير موقفه.
***
جون بولتون، مُستشار الرئيس ترامب لشؤون الأمن القوميّ لن يفِي بتعهّداته التي أطلقها في مؤتمر للمعارضة الإيرانيّة في باريس، وأكّد فيها إنّه سيُشارك باحتِفالاتهم بسُقوط النّظام الإيراني قبل حُلول الذّكرى الأربعين لثورة الإمام الخميني عام 1979، وها هُم الإيرانيّون يحتفلون بثورتهم بالكَشف عن صاروخ باليستيّ بعيد المدى يتجاوز مداه (1300 كلم) دولة الاحتلال الإسرائيلي.
الصّحف الإسرائيليّة كشفت عن بعض تفاصيل “صفقة القرن” عشيّة انعقاد قمّة وارسو هذه، وأبرزها السيطرة الإسرائيليّة على المسجد الأقصى، وضم الكُتل الاستيطانيّة في الضفة الغربيّة، وتمويل بعض مشاريع البُنى التحتيّة في قِطاع غزة، وسيناء المُحاذية، ومن المُقرّر أن تكون جولة كوشنر نهاية هذا الشهر في عواصم خليجيّة وعربيّة لتوفير الأموال اللازمة لتمويل هذه المشاريع، إلى جانب تعويضات للاجئين الفِلسطينيين مُقابل إلغاء حق العودة.
المطلوب من عرب الخليج، أو بعضهم، تقديم الأموال لتصفية القضية الفلسطينيّة، وتمويل تهويد المسجد الأقصى، وتشريع الاستيطان الإسرائيلي في الضفّة الغربيّة، وتقديم تعويضات ماليّة لليهود العرب الذين هجّروا إلى فِلسطين المُحتلّة عام 1948 وبعدها، وتصل قيمتها إلى حواليّ 300 مليار دولار، يا لها من إهانة ليس مجانيّة ومدفوعة الثمن أيضًا.
إذا كان الرئيس ترامب، وبعد 16 عامًا من غزو العراق واحتلاله، وخسارة ستة تريليونات دولار، لا يستطيع زيارة قواعد بلاده العسكريّة في عين الأسد إلا سرًّا ولثلاث ساعات فقط، فهل يستطيع هزيمة إيران واحتلالها؟
من يحتاج إلى السلام والأمن والاستقرار في المنطقة في المرحلة القادمة ليس العرب، وإنّما دولة الاحتلال الإسرائيليّ، التي لم تكسب أيّ من حروبها منذ خمسين عامًا، وآخرها حرب غزّة التي لم تدم أكثر من 48 ساعة، ودخلت كتاب “غينيس” للأرقام القياسيّة كأقصر الحروب الإسرائيليّة لأن تل أبيب كانت تحت رحمة الصّواريخ الفلسطينيّة لو استمرّت الحرب يومًا واحدًا.
السيّد حسن نصر الله كشف في لقائه الأخير مع قناة “الميادين” قبل ثلاثة أسابيع عن امرين مهمين، الأول أن المقاومة الإسلاميّة تملك ما يكفيها من الصواريخ الدقيقة القادرة على الوصول إلى كل مكان في فلسطين المحتلة، والثاني أن خطتها لاجتياح الجليل وتحريره ما زالت جديّة في أي حرب مقبلة، أمّا الجنرال يدالله جواني أحد أبرز قيادات حرس الثورة الإيراني، فقد توعّد بتدمير تل أبيب وحيفا ومحوهما عن الأرض في حال هاجمت أمريكا طهران، أثناء خطابه في المُظاهرات المليونيّة في العاصمة الإيرانيّة احتفالًا بعيد الثّورة.
***
المؤتمر الأهم الذي قد يحفظ سلام الشرق الأوسط وأمنه واستقراره، ويُغيّر كل المعادلات السياسيّة والعسكريّة على أرضه، هو الذي سيعقد على مُستوى القمّة في منتجع سوتشي الروسي بضيافة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومُشاركة الرئيسين التركي والإيراني، لبحث مستقبل إدلب وشمال سورية وشرق الفرات، وربّما يُدشّن بدء التّقارب السوريّ التركيّ.
الحصار الأمريكي لإيران فشل، والحرب التجاريّة ضد الصين لم تُحقّق أيّ من أهدافها، وها هو ترامب يستعد لشد الرّحال إلى فيتنام للقاء زعيم كوريا الشماليّة أملًا في تحقيق “إنجازٍ ما”، رغم علمه أن هذا الزعيم يضحك عليه ولن يتخلّى عن أسلحته النوويُة، والأهم من كُل ذلك أن انقلابه على الشرعيُة في فنزويلا اصطَدم بالتِفاف الجيش حول قائده نيكولاس مادورو.
الشرق الأوسط يقف أمام مرحلة تحوّل جديدة عنوانها هزيمة أمريكا، وارتباك ورعب حليفها الإسرائيلي، وبدء صعود نجم محور المُقاومة سياسيًّا وعسكريًّا، والمُفاجآت الطيّبة والمُشرّفة قادمة لا محالة من فِلسطين وسورية والعِراق ولبنان وإيران واليمن.. والأيّام بيننا.