اليمن…. قضية الجنوب.. حصان طروادة الخليجي

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2380
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

صلاح السقلدي
 استطاعتْ المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة استخدام ورقة القضية الجنوبية في اليمن أسوأ وأخطر استغلال في خضم حربهما الدائرة اليوم باليمن منذ قرابة أربعة أعوام -تقريباً-…حيث لم يقتصر هذا الاستغلال على الجانب العسكري والقتالي بعد أن جعلتا -وما زالتا- من المقاتل الجنوبي وقود حرب وذخيرة في البندقية الخليجية ورأس حربة في معظم الجبهات كأجير بثمنٍ بخس, وبالذات في محارق الساحل الغربي وعلى طول الشريط الحدودي الجنوبي للمملكة مع شمال اليمن كمدافعين عن حدود المملكة التي زعمتْ أنها أتت لتحرير جنوب اليمن – أو هكذا أوهَــمَ الجنوبيون أنفسهم ومنّــوها من مشاركتهم بهذه الحرب الى جانب الرياض وأبو ظبي دون أية ضمانات ولا وضوح خليجي حيال القضية الجنوبية اليمنية – كما ولم يقتصر استثمارهما” السعودية والإمارات” للبطالة والعوز الذين يفتكان بشباب ومواطني المحافظات الجنوبية ،ولا أيضاً في استغلالهما وإضرامها لنيران الطائفية والمذهبية من خلال تبنيهما للجماعات الجنوبية المتشددة ذات التكفيري المتطرف بوجه المنتمين للفكر الزيدي في الشمال،والذي لا شك أن هذا الاستغلال الخطي سيشكل مستقبلاً التحدي الأكبر والخطر الابرز بوجه الجميع حين تضع الحرب أوزارها و تعود تلك الجماعات الى الجنوب بفكر أكثر تطرفا وأشد غلواً وأقوى تسليحا وتمويلاً مما كان عليه قبل هذه الحرب، ولنا بتجربة العائدين من أفغانستان مطلع تسعينيات القرن الماضي،- والجماعات التي تعود تباعا من سورية تجارب مريرة. بل أنهما” الرياض وأبوظبي تستغلان بشكل لئيم الجانب السياسي لقضية الجنوب، تبتزان بها أطراف شمالية لمصلحة خليجية محضة لا علاقة لذلك بالانتصار لهذه القضية وإنصاف أصحابها, مستغلتان حالة التشرذم التي تعصف بالنُــخب الجنوبية، بل وحالة السقوط المريع لعدد من رموز ومناصري هذه القضية في مستنقع الارتزاق والتكسّب المالي المخزي على عتبات الملوك وعلى أبوب أمراء النفط، بعد أن تحوّل قطاع كبير من هذه النُــخب كتجار حروب ونخاسي أوطان ..!
فالسعودية التي سلمّــتْ عام 2000م رقاب القيادات الجنوبية النازحة بالخارج على إثر حرب 1994م للنظام اليمني في صنعاء حين قايضت السعودية تلك ” القيادات الجنوبية” بموافقة النظام بالتوقيع على اتفاقية ترسيم الحدود الدولية بين البلدين،عادتْ” السعودية” فجأة ليلة إعلانها عاصفة الحزم مساء 26أذار مارس 2015م من واشنطن لتتذكر أن للجنوبيين قضية مع الشمال يجب الانتصار لها.. وكان لها ما أرادتْ من استغلال واستثمار فج لهذه القضية ليس انتصار لها ولا لرفع مظلمة عن أحد، بل لتجعل منها حصان طروادة للنفاذ الى طروادة اليمن” صنعاء” -أو قل الحُــديدة على أقصى مدى-… فمنذ تلك الليلة استدعت السعودية على إذهان الجنوبيين خطاب حرب 94م، وشحذت معه ساطور المذهبية ومديّــة الطائفية لحشد أكبر عدد ممكن من المقاتلين الجنوبيين ليس ليقاتلوا الى جانبها على الأرض بالجنوب، بل لينوبوا عنها بأرض المعركة، في عدن وبعض المحافظات الجنوبية، بل أيضاً ليذودوا عن حدودها الجنوبية التي أصبحت منذ الاسابيع الأولى من الحرب مهددة بالسقوط بيد مقاتلي الحركة الحوثية وجيش الرئيس السابق صالح،حين كان هذا الأخير وألويته العسكرية ما زال يقاتل بوجه المملكة وكان بالنسبة للمملكة خصما لدودا ,لا تنفك أن تذكّــر الجنوبيين بأنه سبب بلائهم وصانع مأساتهم، قبل أن تشبك معه فيما بعد علاقة غرام سياسية،وصفقة تاريخية على غرار ما تم عام 2000م، والضحية هذه المرة أيضاً كان الطرف الجنوبي كالعادة قبل انكشاف هذه العلاقة وإجهاضها, والتي بسببها طارَ رأس الرجُــل” صالح” عن جسده مطلع ديسمبر 2017م… ومن حينها وبقرار سعودي إماراتي لم تعد قوات صالح بقيادة العميد
طارق صالح، نجل شقيق الرئيس السابق صالح، ليس خصما للجنوبيين، بل حليفهم وصديقهم الصدوق، وما على الجنوبيين إلا قبول هكذا تبدلات وتحالفات خليجية مع خصوم الأمس حلفاء اليوم صاغرين مستجيبين لتوجيهات دوائر حكم القصور الخليجية الوثيرة، ولا حول لهم في ذلك ولا طول…. ومن حينها صار العدو اللدود صديقا حميما, ولم يبق إذن من شركاء حرب 94م ضد الجنوب أحد فالكل بمن فيهم الرئيس هادي يتخندقون بخندق جنوبي غصبا عن الجنوبيين , فقد جمعهم الحاوي الخليجي في جرابٍ واحد, وأضحى الحوثيون وبقرار خليجي أيضاً هو الخصم الوحيد الأوحد للجنوب بل والعدو “المجوسي الرافضي” الذي يهدد الوجود السُــني الجنوبي- ربما هو الآخر الى حين تأتي للجنوبيين توجيهات جديدة من هنام. وما المحارق التي تتم اليوم لأبناء الجنوب في الساحل الغربي وعلى حدود السعودية إلا شاهدا على فداحة وخطورة الاستغلال الخليجي للقضية الجنوبية و التلاعب بها، و شاهدا على توحش التوظيف المذهبي باليمن, فهذه القضية- على عدالتها ومنطقية بروزها على السطح منذ ربع قرن – وبرغم كل هذا الاستغلال الخليجي المشين لها ما تزال مغيّــبة تماما بالأجندة الخليجية، بل ومن المحظور الحديث عنها في الخطاب الخليجي خصوصاً بعد أن تحوّل بعض مناضلوها الى تجار مقابر وسماسرة مواقف ورجال أعمال عند أمير النفط، والثمن آلاف القتلى والجرحى من الضحايا المستأجرين خلف الحدود الجنوبية وعلى طول حدود المملكة الثرية التي تصر على تحرير شمال اليمن من كل الشماليين، وبدم الجنوبيين .!
*صحافي من اليمن.