محمد بن سلمان بين الجموح والطموح

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2480
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

  اعترف بأنني كنت من المستبشرين بوصول الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود إلى قمة هرم السلطة السياسية في الدولة السعودية، وسبب استبشاري أن الملك سلمان يتمتع بخبرة في الحكم طويلة وله علاقة قوية بأهل الفكر ليس في السعودية فحسب وإنما في العالم العربي.

وكان له دور كبير في اعادة وحدة صف الاسرة المالكة عندما انشق عنها بعض الأمراء (الامراء الخمسة) في مطلع ستينيات القرن الماضي وحشد من أهل الرأي والعسكريين الذين التحقوا بالامراء الخمسة في القاهرة وشكلوا جبهة التحرير.

استطاع الامير سلمان في ذلك العهد 1962 ان يجنب الاسرة المالكة مزيدا من التصدع، وتواصل مع اخوانه المنشقين ووصلوا الى حلول تدفع بتحقيق مطالبهم في الاصلاح، زد على ذلك ان الملك فهد رحمه الله كذلك استطاع احتواء اي خلافات سواء في الاسرة المالكة او المجتمع السعودي دون ضجيج.

سعى الأمير سلمان في ذلك الوقت (الملك الحالي) واخوانه الى تجميد خلافات النظام الملكي السعودي مع جواره العربي، فاعادوا العلاقات مع مصر عبد الناصر بعد خلافات سياسية كبيرة جرتهم الى حرب في اليمن دامت اكثر من سبعة اعوام.

وتصالح النظام مع البعث السوري والبعث العراقي، واعترف بالنظام الجمهوري في اليمن كما اعترف النظام بالوحدة اليمنية عام 1994 رغم عدم التحمس لقيام الوحدة اليمنية.

بحكمة ومهارة دبلوماسية الأمير نايف الذي تولى ولاية وزارة الداخلية لحقبة طويلة من الزمن وولاية العهد لفترة زمنية، وكذلك الأمير أحمد بن عبد العزيز الشقيق الأصغر للملك سلمان وزير الداخلية الأسبق والذي كان يحسب الشعب السعودي بكامل اتجاهاته أنه (الامير أحمد) سيكون وليا لعهد الملك سلمان لما يتمتع به من اخلاق سامية وإجماع قبلي وثلة كبيرة من المثقفين والليبراليين وقادة الفكر الديني.

ذلك أن الأمير أحمد لم يسجل عليه التظاهر بالبذخ والطغيان والكبرياء والتعالي على المواطن وليس من الفاسدين او الذين استغلوا مكانتهم المرموقة في داخل الاسرة ليحققوا مكاسب على حساب المواطن والوطن.

تم استقطاب المعارضين في الداخل والخارج قبل تولي الملك سلمان مقاليد السلطة في الدولة السعودية. الامير محمد (بن سلمان) ولي العهد طموحه لا حدود له انطلاقا من توليه قمة هرم السلطة في السعودية والطموح حق مشروع له ولغيره.

لكن الجموح السياسي والاداري والاقتصادي في دولة كالمملكة السعودية قد يكون ضارا وعواقبه لن تكون حسنة. فما حال المملكة السعودية اليوم؟

الرأي عندي انها ليست في احسن حال. في  عهد الملك سلمان وولي عهده محمد بن سلمان اتسعت دائرة المعارضة للنظام السعودي داخليا، ازدادت مساحة السجون ومُلئت باصحاب الرأي ورجال الفكر الديني ورجال اعمال وعسكريين ولم يسلم بعض افراد الاسرة الحاكمة من الاعتقال ولو في فندق (رتز كارلتون ).

ليس هذا فقط لكن امتد السخط الى خارج  الحدود السعودية، استعدت كندا وألمانيا والسويد وخسرت أي بصيص من النفوذ أو الاحترام في العراق وسوريا ولبنان وليبيا وتونس، واليوم الجبهة العمانية السعودية تتصدع انطلاقا من المهرة وحضرموت في اليمن وقد تصل الامور الى مواجهة عسكرية في ذلك القطاع الجغرافي المهم بين السعودية وعمان، والكويت.

هناك حراك وطني داخلي لا يثق في نوايا الادارة السياسية السعودية الحالية تجاه الكويت وشعب الكويت، وحصار تفرضه السعودية على دولة قطر أقرب الانظمة السياسية الى العائلة الحاكمة السعودية والاكثر مودة للنظام السياسي السعودي والاكثر حرصا على امن السعودية واستقرارها وسلامة اراضيها.

والأردن يتوجس خيفة علما بأن الأردن الحارس الأمين على أمن السعودية من الحدود الشمالية، لكن ترى الغالبية من الشعب الاردني الشقيق أن القيادة السعودية في زمن الملك سلمان وولي عهده تعامل الأردن معاملة البطة العرجاء وهذا ما لا يقبله الشعب الاردني رغم حاجته..

عندما اعلنت الرياض  عاصفة الحزم على الانقلابيين في اليمن بهدف استعادة النظام الشرعي بقيادة عبد ربه منصور من خاطفي اليمن في (21/9/ 2014) استبشر كثيرون في الوطن العربي بان السعودية اخذت زمام المبادرة لاستعادة هيبة الوطن العربي بعد أن عبث بها الصهاينة وبعض الدول.

وقلنا في حينه ان احفاد خالد بن الوليد سيعيدون مجد العروبة بقيادة الملك سلمان وولي عهده، لكن بعد اربعة اعوام من الحرب الدامية في اليمن لم تتحقق آمالنا في عودة الشرعية اليمنية الى العاصمة صنعاء.

ولم نستطع استرداد هيبة العسكرية السعودية التي كنا نعول عليها بعد انهيار جيش العراق الباسل بقوة الاحتلال الأمريكي وانهيارالجيش السوري ولكل اسباب انهياره.

هذه الحرب كنا تحت قناعة بانها بقيادة جنرالات الجيش السعودي الميامين، وأصبحنا نرى المتنفذ والمسير لدفة الحرب في اليمن هي الإمارات العربية المتحدة بقيادة ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد.

فقد هيمنت على الموانيء البحرية اليمنية واحتلت جزيرة سقطرى في البحر العربي وراحت تتوسع في تخوم القرن الافريقي، وشكلت مليشيات تأتمر بامرها في المناطق الجنوبية في اليمن تكون في مواجهة جيش الشرعية ورجالها في جنوب اليمن.

والسعوديون راحوا الى المهرة وحضرموت بينما نجران وجيزان في مرمى الحوثيين الانقلابيين،  فلماذا يذهبون بعيدا والنار تحت اقدامهم؟ هل هو سباق بين أبوظبي والرياض على من يسيطر على اليمن  المفيد؟

إن هذه الحرب الدائرة على صعيد اليمن التي لم تنجز اهدافها حتى اليوم شوهت سمعة العسكرية السعودية التي تملك اضخم "جبخانة" عسكرية في الشرق بعد إسرائيل، وكذلك هيبة السعودية برمتها لم تعد كما كانت قبل تولي الملك سلمان وولي عهده محمد بن سلمان.

الكونغرس الأمريكي والبرلمانات الاوروبية ومؤسسات المجتمع المدني في كل الدول الغربية ينددون بدور السعودية في اليمن وحصار قطر اللاأخلاقي، إنها الحرب القذرة التي يجب ان تتوقف قبل أن يتدخل المجتمع الدولي لايقافها عنوة، وبقوة السلاح.

آخر القول: لكي تستعيد الدولة السعودية هيبتها عن طريق"الرضا" داخليا فلا بد من اطلاق سراح المعتقلين اصحاب الرأي، واعطاء مزيد من حرية التعبير، وخارجيا رفع الحصار عن قطر.

وعليها ان تطمئن  الكويت وعمان بعلاقات تعود الى ما قبل حرب اليمن وحصار قطر، وعلاقات متميزة مع الاردن وتركيا قبل فوات الاوان، واعلان موقف حازم جازم لنصرة الشعب الفلسطيني والعمل بالتعاون مع مصر لرفع الحصار عن قطارع غزة.

  • د. محمد صالح المسفر - أستاذ العلوم السياسية بجامعة قطر
المصدر | الشرق القطرية