هل سيخوض ترامب حرباً ضد إيران؟ وما قصة الناتو العربي؟ وهل هو بديل عن الجامعة العربية؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2610
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

د. شهاب المكاحله
 تعرضت لهذه التساؤلات قبل أيام هنا في واشنطن وهي موضوعية إلى حد ما. فبعد أن تحدثت في أكثر من محاضرة وندوة ولقاء إعلامي وغيره بحضور شخصيات سياسية قريبة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب بل ومن دائرته الضيقة أن الولايات المتحدة لن تخوض حرباً في أي مكان في العالم. وكانت لي مبرراتي وهي:
السبب الأول هو أن الجيش الأمريكي مُتعَب بل مُنهَك من القتال في حربين متتاليتين في العراق وأفغانستان، وخسارته لكلا الحربين واليوم يحارب معركة ثالثة في سوريا مع الكثير من الخسائر المادية والمعنوية. إن معظم الجنرالات العسكريين الأميركيين والعسكريون المحاربون الحاليون والسابقون ليسوا في حالة مزاجية تسمح لهم بالتورط في حرب أخرى لا نهاية لها في مستنقعات الشرق الأوسط. أي لن تشن واشنطن هجمات ضد طهران لعيون غيرها من الدول.
السبب الثاني هو أن الولايات المتحدة لا تملك المال الكافي رغم كبر ميزانيتها العسكرية التي تصل إلى 700 مليار دولار لأنها لا تستطيع تمويل الحروب في أي وقت قريب. وهذا محور ما دار بيني وبين جنرال أميركي كبير حول الحرب في الشرق الأوسط إذ قال لي بالحرف الواحد: “نحن لا نستطيع أن نشتري اليوم فردة حذاء جديد لجندي أميركي فما بالك إذا ما اندلعت حرب، فهك يمكننا تغطية نفقاتها؟ أضف إلى ذلك أن آثار الحروب الأخيرة في الشرق الأوسط لا تزال قائمة بشكل كبير ولم تنته بل لا زالت على ما هي: العراق وليبيا وافغانستان وسوريا”.
وأجابني ذلك الجنرال الكبير الذي أعتز بصداقته بأن أذكى ما فعله الرئيس السابق باراك أوباما هو إخراج الولايات المتحدة الأميركية من مستنقع الحروب عديمة الجدوى في أفغانستان والعراق وغيرها، والسماح لأهل تلك الدول بـ”ذبح بعضهم البعض حتى آخر رجل”. وهنا من المهم الإشارة إليه لأن الانسحاب الأميركي وفَر على جيب المواطن الأميركي الدافع للضرائب الأعباء والكلف المالية التي يتحملها الجيش الأميركي في حروب خارجية.
السبب الثالث هو أن إيران ليست العراق أو أفغانستان أو سوريا. فعدد سكان إيران 70 مليون نسمة ومساحتها تصل إلى 1.7 مليون كم مربع. فإذا لم تستطع الولايات المتحدة كسب حرب مع العراق ، فكيف يعتزم ترامب الفوز بحرب مع إيران حتى لو كانت إسرائيل والمملكة المتحدة معه؟ وإذا ما كانت الولايات المتحدة قادرة على قصف إيران من الجو وبصواريخ باليستية من طراز توماهوك وكروز فإن لدى الإيرانيين القدرة على عرقلة العجلة الاقتصادية الأميركية والعالمية ليس بإغلاق مضيف هرمز فقط بل وباب المندب وحتى استهداف المقرات والقواعد العسكرية الأميركية التي تصل إليها القوات الضاربة الإيرانية ما لم تنهار الجبهة الداخلية الإيرانية وهذا هو ما تسعى إليه الإدارة الإميركية على المدى البعيد. فكما كانت الإدارة الأميركية سبباً في “الثورة الإسلامية” في إيران عام 1979 ضد نظام الشاه بعد أن زاد نفوذه السياسي وقوته الاقتصادية، فستسعى واشنطن لزعزعة الجبهة الداخلية الإيرانية لتمهد لقوات الناتو العربي إحداث التأثير المطلوب في إيران.
السبب الرابع هو أن الإيرانيين فتحوا اقتصادهم على العالم منذ العام 2015 بطلب هائل على كل ما ترغب الدول الصناعية في بيعه، فلن تكون هناك شهية للحرب أو المزيد من العقوبات لدى تلك الدول. الألمان والفرنسيون والصينيون والهنود والروس ليسوا في مزاج اليوم ليقبلوا ما يقوله ترامب لهم وهم يعلمون أنه يريد تلك الصفقات للولايات المتحدة وحدها.
ولذلك يفكر ترامب اليوم أكثر من أي وقت مضى بإلغاء فكرة جامعة الدول العربية وتأسيس “ناتو” عربي على غرار الناتو الغربي. وهو هنا يعني أن يدخل العرب والمسلمون في حرب ضد إيران حتى آخر رجل وما على الولايات المتحدة عمله سوى المراقبة وتوريد السلاح والعتاد وتدريب جيوش دول الناتو العربي من أجل دفاع أفضل عن النفس ضد إيران.
في الوقت الذي يفكك فيه ترامب حلف الناتو الغربي يسعى لتاسيس حلف ناتو عربي متصدع قبل أن يتشكل لأنه لا توجد لدى أي دولة من الدول الأعضاء المتوقع انضمامها إليه إمكانية التصنيع العسكري. وهذا الأمر يتطلب عقوداً حتى يتم الإعداد للبنى التحتية للتصنيع.
ترامب وبلغة التجار ورجال الأعمال يريد تمويلاً من أجل الموافقة على خطة ضرب إيران ولكنه لن يهاجمها بقوات أميركية أو بأموال بلاده بل بقوات عربية وأموال عربية ودماء عربية وتستمر الحرب حتى آخر عربي.
واشنطن