«ن. تايمز»: «محمد العمودي».. الاختفاء الغامض للملياردير السعودي الذي يملك إثيوبيا

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 3060
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

ترجمة وتحرير شادي خليفة - الخليج الجديد
 إنه يورد القهوة لسلسلة «ستاربكس»، ويملك الكثير من إثيوبيا، وهو معروف باسم «الشيخ مو» في دائرة كلينتون.
لكن الحياة الذهبية التي كان يعيشها الشيخ «محمد حسين العمودي» أخذت منحى حادا في نوفمبر/تشرين الثاني. وتم اعتقال رجل الأعمال السعودي من أصل يمني الشيخ «العمودي»، البالغ من العمر 71 عاما، وزوجته الإثيوبية، مع مئات المليارديرات والأمراء وغيرهم من الشخصيات ذات الصلة، في ما تقول الحكومة السعودية إنه حملة لمكافحة الفساد، استولت فيها على أكثر من 100 مليار دولار من الأصول.
وتم إطلاق سراح العديد من المعتقلين الآخرين، الذين تم احتجازهم في فندق «ريتز كارلتون» في الرياض في البداية، ومن بينهم الأمير «الوليد بن طلال»، المستثمر الدولي المعروف. كما تم إطلاق سراح ابن عم الشيخ «العمودي»، «محمد عبود العمودي»، وهو مطور عقاري.
لكن لم يتم إطلاق سراح الشيخ «العمودي»، الذي أطلقت عليه «فوربس»، أغنى شخص أسود في العالم، تاركا إمبراطورية شاسعة توظف أكثر من 70 ألف شخص في حالة من عدم اليقين. وهو يسيطر على أعمال تجارية واسعة من إثيوبيا، حيث يعد أكبر صاحب عمل خاص، وأبرز مؤيد للحكومة السلطوية. وفي السويد، يمتلك «العمودي» شركة وقود كبيرة، كما استخدم العاصمة البريطانية لندن كقاعدة لإنشاء عدد من الشركات.
وقال مكتب الشيخ «العمودي» الصحفي في رسالة بريد إلكتروني ردا على مجموعة من الأسئلة: «لقد كان في فندق ريتز كارلتون، لكن أفراد عائلته أخبروا أنه تم نقله - إلى جانب آخرين - إلى فندق آخر. ولسوء الحظ، نحن لا نعرف إلى أين. لكنه على اتصال منتظم بأسرته ويتم معاملته بشكل جيد».
وفي حين يفتقر الشيخ «العمودي» إلى النسب الأميري، إلا أنه بطرق أخرى يعد نموذجا لتلك العلاقة المتشابكة في مسرح السلطة في المملكة؛ حيث يمتلك المليارديرات أصولا في جميع أنحاء العالم، ولديهم علاقات وثيقة مع الحكومات السابقة.
وكان الملك الراحل «عبدالله» من المؤيدين لمشروع التنمية الزراعية لشركة «سعودي ستار» التي يملكها العمودي، وهو مشروع زراعي مترامي الأطراف في إثيوبيا، تم إنشاؤه لتزويد المملكة العربية السعودية بالأرز.
ويُنظر إلى مثل هذه المشاريع على أنها أصول استراتيجية في مملكة صحراوية على دراية تامة بالقيود الزراعية. وفي الوقت الذي واجهت فيه شركة «سعودي ستار» صعوبة في المضي قدما، يقال إنها تركز بشكل خاص على اهتمامات الحكومة الجديدة.
ورفض المسؤولون السعوديون التعليق على التهم الموجهة ضد المعتقلين الأفراد، بالإضافة إلى وضعهم، مستشهدين بقوانين الخصوصية.

إجراءات تعسفية
وقالت الحكومة السعودية إن إجراءات الاعتقال جاءت بعد تحقيق مكثف أجرته لجنة مكافحة الفساد، التي شكلها مؤخرا ولي العهد «محمد بن سلمان». ويقدم الأمير نفسه كرجل «إصلاحي»، في خضم جهود مكثفة لتعزيز العلاقات الدبلوماسية والمالية مع الغرب، ومن المقرر أن يزور واشنطن هذا الشهر.
ومع ذلك، كانت عمليات الاعتقال شبه خالية من أي إجراءات قانونية. ولم تكن هناك أية دلائل على التعاون مع أجهزة تنفيذ القانون الغربية، ولم يتم الإعلان عن أي اتهامات، الأمر الذي دفع بعض النقاد إلى اعتبار الحملة تعزيزا للسلطة وجمعا للمال، وليس بذلا لجهد حقيقي لمكافحة الفساد. وأنكر المسؤولون السعوديون أن يكون أي شخص قد تعرض لسوء المعاملة، لكن الأشخاص الذين لديهم معرفة بالاعتقالات قالوا إن ما يصل إلى 17 من المعتقلين احتاجوا إلى رعاية طبية بسبب سوء المعاملة، وتوفي أحدهم لاحقا في الحجز.
وبالنظر إلى القمع المستمر، من المرجح أن يقوم المسؤولون السعوديون بتحقيق أكبر قدر من الاستيلاء على الأصول داخل حدودهم. وداخل إمبراطورية الشيخ «العمودي»، هناك الكثير من الأصول التي يمكن الحصول عليها.
وكان «العمودي» قد انتقل إلى المملكة في سن المراهقة. وعلى الرغم من وجود القليل من التفاصيل الدقيقة حول كيفية وصوله عموما إلى تلك الثروة الهائلة، إلا أنه تمكن من تكوين علاقات مؤثرة. وكان أهمها علاقته بالأمير «سلطان بن عبد العزيز»، الذي شغل منصب وزير الدفاع وولي العهد قبل وفاته في عام 2011.
وكان الشيخ «العمودي» يدير أعمالا تعتمد على أموال الأمير ومنصبه. وكان من حلفائه «خالد بن محفوظ»، الملياردير الذي أصبح فيما بعد متورطا في انهيار بنك الاعتماد والتجارة الدولي في عام 1991، في الوقت الذي كان أحد أكبر البنوك الخاصة في العالم.
وفي ثمانينات القرن العشرين، أنشأ الشيخ «العمودي» شركته للبحوث التنموية وتنظيم الشركات، وهي تكتل يعرف باسم «ميدروك». وفي وقت مبكر، عقد أكبر صفقة له مع مشروع بمليارات الدولارات لبناء قدرة تخزين النفط تحت الأرض بالمملكة.
وأصبحت الهندسة والبناء من الأعمال الأساسية لشركة «ميدروك»، ولكنها تعمل على كل شيء، من الصيدليات إلى مصانع الأثاث في المنطقة، وفقا لموقعها الإلكتروني. كما يملك الشيخ «العمودي» نصف شركة حديد تسمى «ينبع»، وسلسلة كبيرة من محطات الوقود تسمى «نفط».

علاقات أمريكية
وتمتع «العمودي» بوصول جيد في الولايات المتحدة. وتبرع بملايين الدولارات لمؤسسة كلينتون، وعرضت طائرته الخاصة توصيل «بيل كلينتون» إلى إثيوبيا عام 2011. وأثار هذا العرض نقاشا داخل المؤسسة، كما أظهرت رسائل البريد الإلكتروني المسربة.
وكتب مدير السياسة الخارجية لمؤسسة كلينتون «أميتاب ديساي»، في إحدى رسائل البريد الإلكتروني: «أرسل الشيخ مو لنا شيكا بقيمة 6 ملايين دولار، كان هذا يبدو مجنونا».
ولم تكن تلك هي المرة الأولى التي ظهر فيها اسم «الشيخ العمودي» في الولايات المتحدة. وبعد 3 أعوام من هجمات 11 سبتمبر/أيلول عام 2001، وصفت دعوى قضائية من قبل مالك مركز التجارة العالمي الشيخ «العمودي» بأنه «الراعي المادي للإرهاب الدولي»، بسبب تمويله للجمعيات الخيرية الإسلامية المثيرة للجدل. ووافق الجانبان على التنازل عن الدعوى العام التالي.
وفي إثيوبيا، وصفه حلفاؤه بأنه رجل خيري وبطل في مجال النمو الأفريقي.
وقال في خطاب ألقاه في واشنطن عام 2014: «أنا مستثمر سعودي، ولدت في أفريقيا، وأمي إثيوبية، وأنا فخور بها. ولديّ علاقة خاصة مع أصلي، من خلال الاستثمار في كل أفريقيا، شمالا وجنوبا وشرقا وغربا».
وعرف الأستاذ في جامعة ويسترن ميشيغان «سيساي أسيفا»، الشيخ «العمودي» منذ أعوام، وأسس مؤسسة لدعمه.
وقال: «يجب إطلاق سراحه على الفور». وأضاف: «لقد غير الشيخ عمودي حياة الكثيرين».
لكنه كان أيضا شخصية استقطابية. وكان انتشار الشيخ «العمودي» في إثيوبيا كبيرا للغاية، لدرجة أن برقية من وزارة الخارجية عام 2008، سربها موقع ويكيليكس، قالت إن «كل مؤسسة تقريبا ذات قيمة نقدية أو استراتيجية كبيرة تمت خصخصتها منذ عام 1994، انتقلت ملكيتها من حكومة إثيوبيا إلى شركات العمودي». وقالت البرقية إن «هذا أمر يدعو إلى التشكيك في القدرة التنافسية الحقيقية في تلك العملية».
وفتح الشيخ «العمودي» جيوبه بسخاء لبناء مستشفى في أديس أبابا، وتمويل برامج علاج الإيدز. لكنه دعم أيضا لفترة طويلة «الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الإثيوبية»، التي حكمت البلاد لأكثر من ربع قرن، مما أغضب أنصار المعارضة.
وقال الأستاذ المساعد للدراسات الدولية في كلية إنديكوت «سيماهجن جاشو أبيبي»: «عندما تم سجنه، انقسم الرأي العام. فالمعارضة سعيدة لأنها تعتقد أن ذلك سيضعف النظام إلى حد كبير. ولكن بالنسبة لحزب إثيوبيا الحاكم فإنها خسارة».
ويرى كثيرون أن الشيخ «العمودي» رجل أعمال سعودي أكثر من كونه ابنا محليا لأفريقيا. وتسببت بعض عمليات التعدين التي قام بها، لا سيما في منطقة إثيوبية تدعى أوروميا، في استياء واحتجاجات واعتقالات.
وقال «هنوك غابيسا»، وهو زميل أكاديمي زائر في كلية الحقوق بجامعة لي: «من المؤكد أن الحكومة والشعب في جميع أنحاء إثيوبيا سيفتقدونه. أنا متأكد من أن الناس من منطقة أوروميا لن ينسونه أبدا، لأنهم يشعرون أنهم تعرضوا لسرقة مواردهم الطبيعية».
وكما قال السيد «غابيسا»: «سواء وجوده أو غيابه، فإنهما يحدثان فرقا كبيرا في إثيوبيا».

المصدر | نيويورك تايمز