أعاصير سياسية مخيفة في الخليح العربي

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2761
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

محمد صالح المسفر
 في مشرق الوطن العربي ـ الخليج العربي ـ تجري أحداث مخيفة، مهما حاول البعض جعلها صغيرة جدا كما قال أحدهم، في غرب الخليج العربي من أعلاه إلى أسفله قلق متصاعد يشمل الحاكم والمحكوم على السواء.
في أعلى الخليج قلق من تصاعد الطائفية المرتبطة بقوى من خارج جغرافية الكويت، وقد تمكنت السلطات هناك من القبض على خلايا طائفية تكدس السلاح والأموال ليوم معلوم.
يرافق ذلك القلقَ قلقٌ آخر، وهو قلق الحصار على دولة قطر من أشقاء في منظومة مجلس التعاون، والذي يشكل سابقة في تاريخ مجلس التعاون الخليجي، والخشية أن يمتد ذلك «الفيروس» إلى الكويت؛ نظرا لانشغالها على كل الصعد لإيجاد حل لهذا الإعصار المخيف، وقد وصلت التهديدات سرا وعلانية لدولة الكويت بأن إمّا تكونوا معنا وإلا ( ... ).
توجيهات ضباط المخابرات المصرية لوسائل إعلامهم حسب التسريبات التي أذيعت على الهواء أن يعملوا جاهدين في برامجهم الحوارية والإخبارية على الوقيعة بين قطر والكويت، يقول ضابط المخابرات في الشريط المسرب على الكويت أن تترك علاقتها مع قطر وسوف نكون حبايب وإلا ( ... ).
هذا الهجوم في الإعلام المصري على الكويت ودورها السلمي في الخليج يثير قلق الشعب الكويتي.
الكويت بقيادة أميرها الشيخ «صباح الأحمد الصباح» العالم المجرب بأحوال الخليج، ترفض أن تكون في طرف الظالم، وقبلت على نفسها أن تكون وسيطا نزيها لحل هذا الخلاف المخلوق من كذبة صدّقها قائلها وتبناها كُتّاب السلطة الذين أغراهم الاقتراب من الأقربين إلى صانع القرار في تلك الدول.

(1)
في مملكة البحرين ضجيج سياسي نتيجة ارتباك القيادة السياسية داخليا وخليجيا وعربيا، الجبهة الداخلية لا تتمتع بالاستقرار لانعدام العدالة وحق المشاركة في صناعة القرارات على الأقل في شؤون المنطقة والمساواة بين الناس.
المواطن البحريني يشعر بأن سياسة بلاده الخارجية مرهونة عند أطراف أخرى، الأمر الذي ينعكس سلبا على حياته، حكام البحرين في حيرة من الأمر، من يرضون الإمارات أو السعودية تجاه قطر، من سيدفع أكثر سيكونون إلى جانبه.
تسير البحرين بخطوات سريعة نحو (إسرائيل)، أتفهم إرضاء السعودية والإمارات، لكني لا أفهم الاندفاع نحو (إسرائيل)، رغما عن إرادة شعب البحرين الشقيق، البحرين في هذه الحالة ينطبق عليها المثل الخليجي «مع الخيل يا شقرا» بلا مشروع وطني.
حكومة البحرين لم تترك وسيلة للمس بمكانة قطر إلا وسلكتها، وكان آخرها استخدام الدين، فظهر على وسائل الإعلام شيخ يدعى «فوزي» يقول في فتواه على الهواء، إن من ذهب إلى قطر فهو خارجي، نسبة إلى الخوارج، وإن المتجنسين بالجنسية القطرية كلهم خوارج يقام عليهم الحد.
أليست دولة قطر دولة إسلامية، وكانت قبل حصار الكبار لها يسميها قادة البحرين الشقيقة قطر، وتوافد على الدوحة مطلع العام الماضي كبار قادتها.
ألم يقرأ الشيخ «الحميدي» قول الله عز وجل «هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور» ( الملك آية 15)، وتفسير (امشوا) أي سافروا وتنقلوا بحثا عن الرزق، ألم يقرأ الشيخ «الحميدي» قول الحق «الذين توفَّاهم الملائكةُ ظالمي أنفسهم»، إلى قوله عز وجل «ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها»(النساء 97).
إذا كان الله، سبحانه وتعالى، أمر بالهجرة سعيا لطلب الزق، فما بال شيخنا يفتي ليرضي الحاكم ولا يرضي الله العزيز الحكيم، هكذا فقهاء آخر الزمان.

(2)
أرجو الله أن ينظر القادة في السعودية إلى هذه الفقرة بصدور رحبة ولا يذهبوا لتفسير النوايا، إن السعودية يعتصرها مخاض سياسي لا يعلم نتائجه إلا الله.
السعودية تحاصر قطر، لا لأسباب جوهرية، وتحارب في اليمن من الجو لاستعادة الشرعية لأهلها، وطال أمد الحرب ولم تعد الشرعية، أجواء ليست صافية بين الرياض وعمّان، وفي حلوق السعوديين غصة من الكويت لأسباب متعددة، منها الموقف من قطر.
وخلاف مستتر بين السعودية والإمارات حول ما يجري في اليمن، وجفوة مع سلطنة عمان، وليس الحال مع السودان في أحسن حال.
أما على مستوى الداخل، فهناك أمراء من البيت الحاكم في السجون، وآخرون معتقلون في فندق خمس نجوم، وأمراء مضربون عن الطعام احتجاجا، أيًّا كان ذلك الاحتجاج، ورجال أعمال في الاعتقال إلى جانب دعاة وعلماء دين، وأصحاب رأي.
إلى جانب الأحوال الاقتصادية التي أقلقت المواطن صاحب الدخل المحدود، وأمريكا لم تُحل معها مشكلة قانون جاستا المشهورة، وستظل سيفا مسلطا على القيادة السياسية الحاكمة في الرياض، بصرف النظر عن ما تعمل تلك القيادة لاسترضاء أمريكا.
كل هذه العوامل تشكل قلقا للنظام السياسي وعدم استقرار، الأمر الذي سيؤثر على الحالة الأمنية.
والرأي عندي تفكيك أسباب ذلك القلق، انطلاقا من فك الحصار عن قطر، الإسراع في إنجاز المهمة العسكرية في اليمن، ترطيب الأجواء العربية السعودية، خاصة مع دول الجوار: الكويت وعمان والأردن والسودان، تأمين قلق المواطن السعودي على حياته وماله، عدم الاندفاع نحو (إسرائيل) حتى تستجيب للمبادرة العربية السعودية المنشأ.

(3)
إخواننا في الإمارات ليسوا أحسن حالا من بقية دول الخليج العربية، قلق المواطن الإماراتي على مستقبله ومستقبل الجيل القادم في ازدياد، طموحات القيادة السياسية عالية، إلى حد المبالغة والانزلاق في أودية سياسية سحيقة لا تعرف لها نهاية.
ليبيا بعيدة عن جغرافية الإمارات، وكانت تستطيع تحقيق مآربها في ليبيا دون الاندفاع عسكريا.
الجوار العماني قلق من التمدد الإماراتي نحو بحر العرب والقرن الأفريقي، اليمن لن يستقر الحال بالإمارات هناك، كانت بريطانيا أشطر، ولكنها خرجت على أسنة الرماح.
وعلى أبوظبي إن أرادت مجدا وسمعة ومكانا في اليمن أن تحسن التعامل مع الشعب اليمني دون تقسيمه وتفريق صفوفه والاستيلاء على أراضي تحت أي ذريعة كانت.
عُمان ينتابها القلق من تواجد الإمارات في أراضي المهرة وسوقطرة، ولن يستقر بها المقام هناك.
خلاف أبوظبي مع الدوحة يدور حول طلب الأخيرة تسليم زوجة معارض إماراتي يعيش في بريطانيا وزوجته في الدوحة، وكان الأولى الطلب من بريطانيا تسليم المعارض أو حصار بريطانيا!
القلق القطري سببه الحصار ولا غيره، فجبهته الداخلية متحدة كأنها جبل أُحد أو أشد صلابة، واقتصادها في نمو، والمواطن ليس مشغولا بقوت يومه، فكل الأمور ميسرة رغم الحصار الظالم.
آخر القول: الملك «سلمان» وولي عهده الأمير «محمد» هما الأقدر على لملمة الخليج وإزالة عوامل القلق، برفع الحصار عن قطر والعودة بالخليج إلى سابق عهده في الحد الأدنى من التوافق والانسجام، وإلا فإننا نسير بخليجنا إلى الهاوية بوعي أو بدون وعي.

* د. محمد صالح المسفر أستاذ العلوم السياسية بجامعة قطر
المصدر | الشرق القطرية