مجلس التعاون الخليجي في طريقه إلى الانهيار!

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 3189
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

محمد صالح المسفر
 يمر مجلس التعاون الخليجي بمرحلة انهيار لا سابقة لها بعد عمر بلغ 36 عاما، عاش أزمات كبيرة تغلب على بعضها بحكمة مؤسسي هذا المجلس، وكان أعظم تلك الأزمات احتلال الكويت عام 1990، واستطاع الخروج من تلك الأزمة باستعادة الكويت بكامل سيادته ووحدة أراضيه وكان ذلك بجهد حكماء الخليج في تلك الحقبة الزمنية الذي لم يبق منهم اليوم على هرم السلطة سوى جلالة السلطان «قابوس» وسمو أمير دولة الكويت الشيخ «صباح الأحمد الصباح».

(1)
يقوم أمير الكويت الشيخ «صباح» بجهود يحمد عليها متنقلا من الرياض إلى الدوحة إلى أبوظبي إلى واشنطن إلى نيويورك، من أجل إيجاد مخرج مشرف من الأزمة الطاحنة التي يعيشها مجلس التعاون، ومن المؤسف حقا أنه لم يلق تجاوبا من قيادات نادي الحصار الثلاثي (السعودية والبحرين وأبوظبي).
يقول الشيخ «صباح» في خطابه المهم الذي ألقاه أمام مجلس النواب الكويتي: «إن أزمة الخليج تحمل في جنباتها احتمالات التطور (التصعيد) وإن وساطة الكويت الواعية تعمل على تجنب احتمالات توسع دائرة هذه الأزمة، إنها قابلة للتطور والتصعيد وإنها ستؤدي إلى تدخلات وصراعات إقليمية ودولية».
شيخ الدبلوماسية الخليجية الشيخ «صباح» لا يلقي الكلام على عواهنه، إنه يعلم حق العلم مخاطر الأزمة، ويعلم أن هناك ذئابا تحيط بخليجنا العربي تتربص اللحظة للانقضاض على هذه المنطقة بحجة حماية أمن انسياب الطاقة إلى العالم دون عوارض أو اضطرابات.

(2)
معالي الشيخ «حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني» رئيس الوزراء وزير الخارجية الأسبق تحدث في برنامج «الحقيقة» الذي يبثه التليفزيون القطري عن تاريخ عيّنة من الأزمات الخليجية من تسعينات القرن الماضي حتى اليوم لكنه كان دبلوماسيا إلى حد بعيد في توصيفه للأزمات التي اعتصرت فؤاد مجلس التعاون إن كانت حدودية أو سياسية أو إعلامية أو غير ذلك.
كان مؤدبا كعادة حكام ونخب قطر في تناولهم لأزمات عصرنا، كان يرمز ويهمس والشاطر يفهم، لكن في مثل هذه الأزمات التي تعتصر الفؤاد نحتاج إلى مصارحة وتفصيل أكثر حتى يعلم الرأي العام الخليجي الحقيقة بعينها ومن فم الشريك في صناعتها.

(3)

«معمر القذافي» الذي ورد اسمه في المقابلة أكثر من مرة، وفي أكثر من موقف كان يعمل على استدعاء تاريخ دولة الفاطميين ويعقد المؤتمرات والندوات من أجل ترسيخ فكرة تلك الدولة المنقرضة، وهدفه الحقيقي إقامة تنظيم سياسي يقض مضاجع النظام السياسي في السعودية باسم الدولة الفاطمية.
ولم تكن قطر ميالة إلى ذلك التاريخ ولا مثقفيها ولم تتعاطف مع دعوة «القذافي» في ذلك المجال ومجالات أخرى، بما فيها موقفه من السودان، ويقيني بأن السعوديين يعلمون ما كان ينوي فعله «القذافي»، لكنهم لم يتخذوا قرارا تجاه ما يحاك ضدهم من «القذافي»، وينحون باللائمة على من هم أبرياء من كل عمل تآمري.
مجلس التعاون أنهكته الأزمات والذرائع والدوران في حلقة مفرغة، لأن معظم قادة مجلس التعاون الخليجي يعشعش في مجالسهم الخاصة وفي زوايا مكاتبهم جوقات التشكيك والتيئيس والظنون بالغير ظن السوء، ولهذا لم يتقدم/ يتطور مجلس التعاون، ولم يحل مشكلة أو يساهم في حلها.
وهنا أستدعي كلام الملك «عبدالله آل سعود» عندما كان وليا للعهد ورأس وفد المملكة السعودية لحضور قمة مسقط 2002 تناول في خطابه أمام القمة مسيرة مجلس التعاون وأهدافه ونجاحاته وإخفاقاته.
وقال: «لا نتجاوز الحقيقة إذا اعترفنا جميعا، ولا أستثني أحدا، بأننا أخطأنا في حق أمتنا الكبرى حين سمحنا لعلاقاتنا العربية والإسلامية أن تكون قائمة على الشك وسوء الظن بدلا من المفاتحة والمصارحة وحين نشدنا العون من الغريب ونسينا القريب».
انطلاقا من قول الملك «عبدالله» رحمه الله، ألم يخطئ من فرض على قطر القطيعة وفرض الحصار عليها؟
أليس ذلك الفعل نتيجة نشوة ليل جهزها الحاقدون والكارهون لكل نجاح تقوم به دولة خليجية مثل قطر على الساحة العربية والدولية دون إقصاء أي طرف من أطراف دول التعاون؟
ألم يكن أسلوب المفاتحة والمصارحة التي أشار إليها الملك «عبدالله» هي الحل لأي أزمة خليجية - خليجية؟ كالأزمة الراهنة التي فرقت الأسر والمصالح وبثت بذور الفتنة بين الأشقاء في مجلس التعاون.

(4)
لقد شخص الملك «عبدالله آل سعود» الداء ووصف الدواء حين قال: «إن الفرصة لم تفلت من أيدينا بعد، إن الداء الذي لا أظننا نختلف على طبيعته هو الفرقة القاتلة التي أبعدت الجار عن جاره ونفرت الشقيق من شقيقه، والدواء الذي نعتقد أننا نجمع على فاعليته هو الوحدة التي تعيد الجار إلى حِمى جاره والشقيق إلى حضن شقيقه».
وفي هذا الإطار يعقد معالي الشيخ «حمد بن جاسم آل ثاني» الآمال العريضة لحل هذه الأزمة التي يعاني منها أهل الخليج عامة على حكمة وقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك «سلمان بن عبدالعزيز آل سعود»، فهو القادر على جمع الكلمة وتوحيد الصفوف واحترام سيادة كل الدول الأعضاء في مجلس التعاون، ونحن بدورنا نحرص على أمن الخليج واستقراره وسيادته وسلامة أراضية نثني على قول الشيخ «حمد بن جاسم آل ثاني».
آخر القول: لا تتمادوا في الخصومة والقطيعة بينكم معشر حكام الخليج، لا تتمادوا في استعداء الآخرين على بعضكم لببعض، واعلموا أنكم الخاسرون جميعا إذا بقي الحال على ما هو عليه اليوم.

* د. محمد صالح المسفر أستاذ العلوم السياسية بجامعة قطر.

المصدر | الشرق القطرية