الملك «سلمان» ونجله.. أن تكسب «ترامب» وتخسر الجميع

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2420
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

ترجمة وتحرير شادي خليفة - الخليج الجديد
مع تعيين «محمد بن سلمان» وليا للعهد في يونيو/حزيران هذا العام، أصبحت السياسة الخارجية السعودية حديث الساعة. وعلى الرغم من أنه حتى وقت كتابة هذا التقرير، لا يزال الملك «سلمان» في منصبه، يمكننا افتراض أن ابنه محمد هو المدير الفعلي للسياسة الخارجية السعودية حتى قبل صعوده لمنصبه الجديد.
ومن حيث العلاقات مع الولايات المتحدة، نجح «محمد بن سلمان» في إقامة علاقة قوية مع الرئيس «دونالد ترامب» وإدارته، بفضل الاستثمار الجاد في شركات العلاقات العامة وجماعات الضغط في واشنطن، والوعود بضخ الأموال في الاقتصاد الأمريكي. ولا تزال العلاقات مع أوروبا قيد الانتظار، حيث لا يزال القادة الأوروبيون غير متأكدين من تقييم الأمير الشاب. ومع ذلك، فإن العديد منهم حريصون على الفوز بتلك العلاقة مع المكافآت المالية الواعدة والعلاقات العسكرية الأقوى، وكذلك لأسباب اقتصادية واستراتيجية وأمنية خاصة بهم. وفي المنطقة العربية، عزز الأمير السعودي الشاب شراكات جديدة، وإن كانت متزعزعة، مع دول مثل مصر والإمارات العربية المتحدة، من أجل عزل منافسته إيران، وقطر مؤخرا.

خسارة الجميع
وتقيم هذه السلسلة من المقالات آفاق الاتجاهات الجديدة في السياسة الخارجية السعودية، وتسلط الضوء على الاستمرارية والانقطاعات في ظل القيادة الجديدة للملك «سلمان» وابنه «محمد». والاستنتاج المبدئي الذي تم استخلاصه هو أنه في وسط سلسلة من إخفاقات السياسة الخارجية، كان الفوز بالولايات المتحدة تحت إدارة «ترامب» هو الإنجاز الرئيسي للقيادة السعودية الجديدة. ومع ذلك، فقد تراجعت السياسة الخارجية السعودية في أوروبا. واليوم في العديد من العواصم الأوروبية، هناك شك جدي في جدوى هذه السياسة الإقليمية السعودية التدخلية الحازمة الجديدة، التي يعتبرها البعض عاملا لزعزعة استقرار العالم العربي. ومع وجود الولايات المتحدة، حليف السعودية وراعيها القديم، لا يرى الملك «سلمان» وابنه سوى القليل من الحاجة إلى إيلاء الاهتمام لأوروبا. وبدلا من ذلك، تستمر المحاولة للسيطرة على المنطقة وإثبات المكانة كقوة إقليمية على قدم المساواة مع إيران وتركيا و(إسرائيل)، وإن كانت النتائج متفاوتة بالتأكيد.
وفي الداخل الخليجي، أدت السياسات السعودية إلى تصدعات داخل مجلس التعاون الخليجي، حيث اختارت دولتان، وهما عمان وقطر، الخروج عن تيار السعودية بشأن عدة قضايا، بدءا من إيران وصولا إلى دور الحركات الإسلامية في العالم العربي. وقد سبب هذا هزة للثقة الإقليمية التي تمتعت بها السعودية، وهو ما يسبب إحراجا دون شك لشركائها الدوليين، الذين يتوقع منهم في نهاية المطاف اختيار أحد الأطراف في هذا الصراع الخليجي الجديد، وهو ما قد لا يتوافق مع مصالحهم الوطنية. وكان الأمير الشاب الجديد سريعا في مكافأة حلفائه ومعاقبة أولئك المترددين في دعمه في كل مواقفه في السياسة الخارجية.
وتقوم السياسة الخارجية للأب والابن الآن على مبدأ واحد، ألا وهو إرساء سيادة المملكة، حتى تصبح المتحكم الوحيد في الشؤون العربية، وبوابة الدخول الرئيسية لجميع القوى الدولية في المنطقة. ويبدو أن السعودية في عهد الملك «سلمان» مصممة على تحقيق هذا الهدف حتى لو ساهمت في زيادة انعدام الأمن والاضطراب في العالم العربي، وبغض النظر عن العواقب الإنسانية والاجتماعية والسياسية الخطيرة التي تنتشر عبر هذه المنطقة المضطربة.
وتتشكل مملكة «سلمان» وسط تحديات حقيقية محليا وإقليميا ودوليا. وقد يكون ولي العهد المعين حديثا، «محمد بن سلمان»، بالتأكيد رجل مخاطر، ولكنه ليس رجل إطفاء قدير أو رجل دولة تكتيكي. وهو واثق تماما، مع الكثير من المال فقط وبدعم غير مشروط من قبل الولايات المتحدة، أنه يمكنه التغلب على أي عقبات أمامه ليصبح الملك في أقرب وقت ممكن. وقد نجح حتى الآن في تهميش ابن عمه «محمد بن نايف»، واكتساب «دونالد ترامب» كحليف، ولو بشكل مؤقت. ومن غير المرجح أن يوجه انتباهه إلى أوروبا الآن، لأنه يعتبر الولايات المتحدة القوة العظمى الوحيدة التي يمكنها أن تضمن بقائه، على الرغم من التوسع الأخير في البحث عن شركاء دوليين.

بلا انتصار
ومع ذلك، حتى مع اقتصاد غني، رغم انخفاض أسعار النفط، والدعم الأمريكي الهائل مؤخرا، لم يتمكن «بن سلمان» من الانتصار في العديد من الحروب والصراعات التي شرع فيها. وتعد النكسة الأكثر وضوحا في اليمن، حيث فشل لأكثر من عامين من الضربات الجوية السعودية في إنهاء الصراع المحلي على السلطة بين الفصائل المتعددة. وقد تدهورت علاقاته مع قطر مع وصول الصراع بالفعل إلى طريق مسدود. وبحلول شهر يوليو/تموز، كان السعوديون قد خففوا بالفعل من قائمة مطالبهم المفروضة على قطر قبل شهر كشرط مسبق لرفع المقاطعة والعقوبات. ويخوض منافسة مع إيران حاليا في عدة حروب بالوكالة. وطالما استمر في الحصول على موافقة «ترامب» ودعمه، فمن المرجح أن يشعل «محمد بن سلمان» المزيد من الحرائق الإقليمية بدلا من إخماد الحرائق القائمة.
وقد حول الملك «سلمان» وابنه، بشكل حاسم، السياسة الخارجية السعودية من الدبلوماسية الحذرة ومناورات ما وراء الكواليس إلى مذهب أكثر تدخلا. وفي ظل الحكم المستقبلي للأمير الشاب، ستواصل المملكة محاولة تثبيت أقدامها كقوة إقليمية عربية بلا منازع، حتى ولو كان ذلك يتطلب تحالفات أكثر تحولا، توثيق التعاون والشراكة مع (إسرائيل) كمثال. وقد تؤدي عواقب هذه السياسة الاستفزازية إلى نتائج عكسية محليا، وقد تؤدي إلى اضطرابات داخلية في المستقبل. وقد أصبحت السعودية على مسار غير معروف في المستقبل. ومع السياسة الخارجية العدوانية التي أصبحت تتبعها المملكة، انعكس ذلك في القلق السياسي والاقتصادي المحلي الذي ساد منذ أن أصبح «سلمان» ملكا.
المصدر | مضاوي الرشيد - كلية لندن للاقتصاد