«غزوة العوامية»... مختصر تاريخ السعودية 

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 3956
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

فؤاد إبراهيم
 لو كان ابن بشر، أشهر مؤرخي الدولة السعودية، شاهداً على ما جرى في العوامية، لكتب ما يأتي:
*حوادث سنة 1438 هـ*
وفيها نفرت الجيوش المنصورة من أواسط نجد ناحية الشرق، إلى بلدة يقال لها «العوامية»، ويسكنها ثلاثون ألفاً وهم رافضة من قديم الزمان، وقد وقع من أهلها ردّة ومخالفة.

وخرج من أهلها على وليّ الأمر، ضال مضل يدعى نمر النمر، فجهر بصوته بأمور منكرة، وطالب بما لا يصح مثل حرية الاعتقاد، وإصلاح معاش العباد وأحوالهم، وإطلاق سراح السجناء، وتقييد ولاية أهل الحكم، وإصلاح العلاقة بين الوالي والرعية. وكان الأجدر به تعلّم أركان التوحيد وشروطه، وأصول الدين، والامتثال لأسس المبايعة على دين الله ورسوله والسمع والطاعة لولاة الأمر.
وكان موضع في البلدة يقال له (المسوّرة)، وفيه 488 منزلاً، يسكنه مئات العوائل من أتباع العقيدة الفاسدة. ومن هذا الموضع، يتخذ شباب «العوامية» ممن نقضوا البيعة، وخرجوا في الشوارع رافعين رايات الضلال، والمنكرين على ولاة الأمر طريقة سوسهم للرعية بما فتح الله عليهم من العلم والمعرفة، وحازوا الرضا والقبول من أهل العلم الشرعي. فأحسّ بهم جيش الإسلام، وجمعوا أمرهم ووضعوا الخطط، لإخلاء الحي من ساكنيه، حتى لا تقام للبدع فيه قائمة، ولا يتخذ من أراد السوء بأهل التوحيد منه مخبَأً ولا ملاذاً. وفي أول الأمر، بادروا إلى مطالبة أهلها بالإخلاء استعداداً لهدم الحي، ثم لما جادلوا بأن تلك مساكنهم التي آوتهم ولن يتخلوا عنها، وجاهروا بمناجزة أمر الهدم، عمد الموكلون بأمور العباد من قبل ولي الأمر إلى قطع الماء والكهرباء، لإخراجهم من ديارهم... وحتى تستكمل خطة الإخلاء، دفعت «تعويضات» سنيّة من بيت مال المسلمين لأصحاب المنازل من أهل الردة والمخالفة، دفعاً لمفسدة أكبر.
ولمّا نبذوا ما أمروا به، ووضعوه وراء ظهورهم، وعاندوا ونقضوا المواثيق، ولم يصغوا إلى أهل النصح من قومهم ومن موفدي ولي الأمر، نفر فرسان العقيدة إليهم، وأناخوا بالليل قريباً من البلدة، وقد استعمل أمير الجند ابن سلمان عليهم من يسوم القوم سوء العذاب على أيدي صقور العقيدة، ويفتك بمن نقض العهد وامتنع عن الامتثال لطاعة ولي الأمر.
وفي ساعة متأخرة من الليل عقد جيش المسلمين العزم على أن يأتوها مصبحين، فدهموا حصون القرية وأهلها نائمون، فأمطروها بالمقذوفات والقنبر والمدافع، فأثار الذعر في قلوبهم، فلاذت نساؤهم بالرجال، وتعالى صراخ أطفالهم، واشتعلت النيران في مساكنهم، ومراكبهم، وهدمت صوامعهم وبيعهم بسهام أهل الإيمان والتوحيد.
وكان دوي أصوات القنبر والمدافع يسمع في أرجاء المناطق المجاورة، وتشاهد ألسنة النيران المتصاعدة من البيوت التي كانت في مرمى المقذوفات الحارقة من مسافة بعيدة.
ثم صار الرمي بالبنادق من كل حدب وصوب، فقتل من قتل، وجرح من جرح، وأغار المسلمون على عربات في الطريق فأضرموا فيها النيران، ومخازن الغلال فنهبوها، ومنعوا عن أهلها الماء، وعمدوا إلى محطات توليد الكهرباء فأعطبوها، لإرغام أهلها على الهرب صاغرين فراراً من حرّ القيظ قبل أن يقعوا في لهيب مقذوفات جند الإسلام.
وحين أبى أهل العوامية الخروج منها، عاود المقاتلة الرمي، فضاعفوا العذاب عليهم، وحصروا مداخل البلدة، فلا أحد يخرج منها بسلام إلا من أفلت من طريق نيران الجند، ومن خرج لا عودة له، فلا أمان لأهل الردة ونقض العهد.
وفي موضع يقال له الجميمة، أرغم رجال التوحيد أهل بيت عالي البنيان بإخلائه قبل أن يطاوله الخسف بوابل من القنبر، فخرج الرجال واستلقوا على بطونهم وهم عراة، وكانوا من غير أهل هذه القرية، فهم ممن جاءوا من بلاد السند للعمل وطلب الرزق.
وفيها كان مقتل عدد من الوافدين الهنود الذين سقطوا بنيران جند التوحيد بعد أن خرجوا من مساكن الذين ظلموا، إلى الطرقات العامة وقد نهوا عن فعل ذلك. وكما أمر إمام العقيدة الصحيحة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في مثل حال أهل الضلال والبدع، فلا مناص من معاقبة أهل العوامية بالجلاء والسطو على أموالهم وما تحت أيديهم من حلي وقلائد وما سواهما، والفتك بمن عاند منهم ومنع جند التوحيد من إتمام ما جاءوا لأجله.
وفي الكمين الثاني، شنّت الغارة على العوامية، فكانت المقذوفات بأنواعها تنهمر على البيوت والمحالّ، وحتى أوكار ضلالهم التي يعبد فيها من غير الله مما يدعونها بالمساجد والحسينيات قد أصابها وابل من صليات إخوة العقيدة.
ولما أصبح صباح اليوم التالي، عزم جيش المسلمين على تشديد الخناق على أهل الردّة والضلال، فأرسلت إليها «قوات المهمات الخاصة» مسنودة بـ «قوات الطوارئ» فزاد البأس وأبلى القوم بلاءً حسناً، ونزل العذاب بأهل العوامية، فلم يفلت كبيرهم ولم ينج صغيرهم، وقتل منهم ثلاثون نفراً غير من اختلط دمه بدمائهم من أهل الهند والسند، فيما تفرّق أهلها في الشعاب والآفاق إلا من لم يخرج من البلدة، فكان تحت رحمة نيران عصبة التوحيد. ونكاية بالعاصين والناكثين والمعاندين منهم، ترصّد جيش المسلمين لأحياء أخرى مثل شكر الله، والديرة والجميمة وغيرها، فساموها سوء العذاب، وتربصوا بالهارب منها، إما بالقتل أو الأسر. وقد بلغ الفارون منها نحو عشرين ألفاً، وأما من بقي منهم فقد أوكل أمره إلى من يعبده.
ونادى المنادي بالأمان لمن خرج من أهلها، فكانت الخدعة، والحرب كلها خدعة، ثم قصد الجند البيوت الخالية وغنموا ما وقع بين أيديهم مما خفّ وزنه وغلا ثمنه. وكانت وجوه رجال الجهاد والعقيدة تتلألأ طرباً، وهم يدهمون أوكار المرتدين، فكانت فرحتهم فوق وصف الواصفين، وهم يحملون فوق ظهورهم مغانم كثيرة مما صنعته أيدي أهل الصليب من قبيل المرناة، ويدعوه أهل زماننا بالتلفاز، وآلات التصوير، وأجهزة الهاتف المحمول وغيرها من بدع الفرنجة أهل الضلال، ومخترعات الشعوب الصفراء الملحدة من أهل الصين واليابان وكورية.
ولما تكاثرت الأفزاع على أهل العوامية، فرّوا من بطش الموحّدين، واحتصر باقيهم في الدار، فخرج من خرج منهم في الليل، وقتل منهم من قتل، فغادر الكثير من أهلها ممن خاف على نفسه وأهله، وبقي من شبابها من عاند وأبى الإذعان لأمر الهدم، وبقي محاصراً في الحي، حيث تتساقط الشهب النارية عليهم من حيث لا يحتسبون.
ولما شمّر الباطل فيه عن ساق، وأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الجحود، هبّ جند التوحيد بما لديهم من عزم وحزم وذخيرة وعتاد، فأحالوا البلدة خراباً، وأرضها يباباً، وصارت مأوى لدوابّ الأرض، وبقيت جثث قتلاهم على الأرض، ومن هبّ لانتشالها طاولته نيران الموحّدين، فاحترق من احترق في مركبته، ونزف حتى الموت من صادفت رصاص الجند مروره في طريقها، وبين احتراق البيوت، وانهدام معابد الضلال، وفرار أكثر أهلها وكمون من بقي منهم في بيوتهم مذعورين خائفين يرجون السلامة، كتب الله لجنده النصر.
وبعد شهور ثلاثة فُتحت بلدة العوامية عنوة، بعد أن نكس أهلها على فشل، وباءوا بغضب من الله وولي الأمر، وارتفعت راية لا إله إلا الله وسط العوامية، ونادى المنادي من داخل إحدى حسينيات البلدة (هذه حسينيات الشيعة... الروافض عيال الكلب)، فكانت تلك وما زالت رسالة أهل الفتح منذ أن أبرم إمام التوحيد الشيخ محمد بن عبد الوهاب وإمام الزمان محمد بن سعود قبل مئتين وثلاثة وسبعين عاماً.
ودرءاً لأباطيل أهل الضلال، نقلت إحدى قنوات التوحيد في تقرير لها من قلب القرية التي فتحها المسلمون، فصدعت بالحق جهرة من داخل مسجد للرافضة: «ورفع الأذان في وكر ومعبد يشرك فيه بالله ليثبت التوحيد لربنا سبحانه ويطهر المكان من دنس ورجس شيعة كسرى» .
وفي مواساة أهل من قُتِل من الموحّدين، خاطب موفد أمير الجند أهله قائلاً: «استشهد في ميدان الشرف والرجولة، دفاعاً عن عقيدة، وليس مثل أعدائنا دفاعاً عن قبوريات ودفاعاً عن معتقدات فاسدة، عزاؤنا أن ابننا شهيد، وهو من أهل الجنة إن شاء الله، وهم من أهل النار، لأنهم أهل فساد عقيدة وهم المعتدين).
دخل جند الموحّدين العوامية فاتحين مكبّرين مهللين، بعد أن فرّ المقاتلة منها (الذين أبطل الله أحبولتهم، وفضح أمرهم إذ كانوا ثمانية لا تاسع معهم، وقد شوّشوا ببغيهم على جيش الموحدين، وحالوا بينهم وبين اقتحام وكر ضلالهم). ولكن أسود العقيدة كانوا لهم بالمرصاد، إذ جاءوهم من فوقهم ومن أسفل منهم، فدكّوا حصونهم وأثخنوهم، حتى ذاقوا وبال أمرهم، فكتب الله لهم النصر بعد شهور ثلاثة من النزال العظيم. ودخل جيش الإسلام البلدة وهدم جميع ما فيها من أصنام، ومواضع شركية، ومشاهد وقباب، وأمر أهلها بالمواظبة على إقامة الصلوات، وإقامة الجمع والجماعات، ونودي بإبطال جميع المعاملات الربوية، وما خالف الشرع، ورتب الدروس وجعلهم فيهم علماء يعلمونهم التوحيد، ويذكرونهم فيه ويعلمونهم أصول الإسلام.
وحق لجند التوحيد أن يطأوا أوكار الضلال بأقدامهم، وأن يرقصوا «العرضة» طرباً لما منّ الله عليهم بالنصر المبين، واقتحموا حصون الرافضة والمشركين، فهنيئاً لهم يوم رقصهم ويوم طربهم.. ويوم يغنمون ما طاولته أيديهم وأرجلهم.
ذلك موجز «غزوة العوامية»، وقد رويت على طريقة ابن بشر، لتكون من مآثر أهل التوحيد والإيمان، يربو عليها الصغير ويهرم الكبير، وليعلم من في قلوبهم مرض أن لا مساومة على العقيدة، فعلام نعطي الدنية في ديننا، ومن يبتغِ غير عقيدة التوحيد فلا مكان له بيننا.
وأما الدولة، والوطن، والمواطنة وأضرابها فهي من مخترعات أهل البدع، ولم ترد في كتاب أو سنّة. وهذه البلاد، بحمد الله وتوفيقه، تسير على هدي النبوة، وسيرة السلف الصالح، ممن كتب الله على أيديهم هداية العباد من الضلال، فتركوا عبادة القبور والأشجار، فمن عاند منهم وتجبر سيّروا له الركبان ففتحوا البلدان، وقطعوا دابر أهل المخالفة والطغيان. والله المستعان.