تطوران في حرب اليمن المنسية
طالب الحسني
تطوران مهمان في الأزمة اليمنية وفي هذه الحرب المنسية ، الأول تصريحات السفير الامريكي في اليمن ما ثيو تولر الذي يقيم في الرياض وهي التصريحات الثانية عن اليمن خلال نصف شهر ، في هذه التصريحات الصادمة يقول تولر خلال مقابلة أجراها معه راديو Public Radio International (PRI أن بلاده لا تملك القوة على إجبار الجماعات التي تتقاتل في اليمن لوقف إطلاق النار ويصف الحرب بأنها حرب أهلية بين اليمنيين ، هذا التوصيف المثير للجدل يُسقط “شرعية” التحالف العربي الذي تقوده السعودية جملة وتفصيلا ، ويُسقط أيضا القرار الدولي 2216 الذي صوتت عليه أمريكا وينص على أن المجتمع الدولي يدعم ما يسميها “شرعية” حكومة هادي ويقاتل التحالف العربي لاستعادتها . فأين تقف الولايات المتحدة الامريكية في هذه الحرب ، وماذا عن الاعلان الامريكي في اكثر من مناسبة أنه يدعم شرعية هادي ويقف بالضد من ” الإنقلاب” عليها ؟!
يضيف السفير الامريكي أن الصراع سيستمر حتى تمتلك الولايات المتحدة آليات لإجبار اليمنيين على تقديم التنازلات السياسية حسب وصفه . هذا التصريح يعني انه ليس هناك طرف شرعي في هذا الحرب تتعامل معه واشنطن او تدعمه ! وهويعني أيضا أن الدور الأمريكي خلال عامين ونصف من العدوان والحرب البربرية وتدمير البنية التحتية وتمويل السعودية بأطنان من الاسلحة دور عبثي ذهب لمصلحة طرف في هذه الحرب ” الأهلية” بحسب توصيف تولر ، وبالتالي فإن واشنطن شريكة أساسية في الدماء التي نزفت .
لم يقل السفير الامريكي ولا لمرة واحدة أن واشنطن تدعم طرفا شرعيا ، بل ذهب إلى توصيف ما يقوم به التحالف العربي بقيادة السعودية نوع من المساندة لاطراف يمنية فقدت القوة ولم تكن قادرة على حماية نفسها والعودة إلى مسار الانتقال السياسي ، فهل يمكن أن يكون ما تتعرض له اليمن من عدوان أتى عل الاخضر واليابس وحصار وتجويع فقط لمجرد ان السعودية والامارات اختارت أن تدعم طرف في حرب أهلية وأن دور واشنطن في هذا العدوان هو مجرد بيع الأسلحة ؟! هذا هو منطق تصريحات تولر ، وهذه التصريحات أدلى بها للوسط الحقوقي والانساني الذي يطالب أمريكا بالكف عن تمويل ودعم السعودية والامارات في هذا العدوان الذي تسبب في مجازر وإبادة وحشية للمدنيين ووسط اتهامات كبيرة للولايات المتحدة بالشراكة الرئيسية في الازمة الانسانية الصعبة والمتفاقة وسقوط اليمن في أسواء كارثة انسانية بأتت توصف بأنها الاقسى في العالم
فهل بدأت الولايات المتحدة الامريكية بغسل يدها من تبعات هذه الحرب العدوانية ورميها على السعودية والامارات ، والتنصل أيضا من الفشل العسكري والسياسي الذي بات هو العنوان الابرز ” لعاصفة الحزم ” السعودية ، والقول بان واشنطن تقف على الحياد وليس لها يد على أي طرف في هذه الحرب ” الأهلية” بحسب التوصيف الجديد لواشنطن ؟!
التطور الاخر هو الزيارة التي قامت بها رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي ” ماريا أنتونيا كالفو” كأول مسؤول دولي رفيع يزور اليمن منذ بدء العدوان في مارس 2015 إلتقت خلال الزيارة القوى والمكونات السياسية وايضا حكومة الإنقاذ ممثلة بوزير الخارجية هشام شرف ، وهذا التحرك الدولي لربما يكون بداية لإلتفات المجتمع الدولي لما يحصل في اليمن ، وتحريك عجلة المفاوضات المتوقفة منذ عام بعد وصلت إلى حائط مسدود بسبب التعنت السعودية وغياب الدور الفعال للمجتمع الدولي ، فاليمن والازمة اليمنية لاتزال ثانوية رغم قسوتها
بلا شك ليس هناك رابط بين تصريحات السفير الامريكي وزيارة ماريا أنتونياكالفو سوى عند نقطة واحدة أن الحل العسكري لم يعد ممكنا وأن على المجتمع الدولي ان يتعاطى مع هذه الازمة بواقعية ، والخروج من حالة الانتظار للحسم العسكري التي وعدتهم به السعودية ، وأن استمرار الحصار وتجويع اليمنيين بات وصمة عار في جبين المجتمع الدولي
هذه الزيارة لأول مسؤول دولي رفيع اذا ما انعكست وربما هذا المؤمل بعودة نشاط بعثة الاتحاد الاوروبي وبرامجها والمشاريع التي تم تجميدها سيترجم ذلك إلى تحسن كبير في تلافي الكثير من الازمات التي تكونت نتاج غياب الاهتمام الدولي ومساعدة الشعب اليمني على تجاوز بالاضافة وهو الاهم الإطلاع عن كثب ما يقوم به العدوان من تدمير ممنهج لكل مصادر الحياة في هذا البلد ، ولعل تصريحات مدير البرنامج الانمائي في اليمن اوكي لوتسما بشأن تعرض وكالته لعراقيل وصعوبات في الحصول على اذن من التحالف وحكومة هادي لنقل وقود الطائرات الى صنعاء لتسيير هذه الرحلات شكلت ادانة كبيرة للسعودية وكشفت أن تحالفها يقوم بانتهاج التجويع والافقار.
كاتب وصحفي يمني