بالأمس منعت السعودية الايرانيين واليمنيين والسوريين من الحج واليوم القطريين وغدا…
صالح السيد باقر
لم يكذب وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في المؤتمر الصحفي الذي عقده مع نظرائه البحريني والاماراتي والمصري في المنامة، عندما قال ان السعودية لا تمنع أي مسلم من أداء مناسك الحج، كما أنه لم يكذب في تصريحاته السابقة وخاصة تصريحاته التي تزامنت مع قرار بلاده بقطع علاقاتها مع ايران على خلفية هجوم مجموعة من الايرانيين على السفارة السعودية في طهران والقنصلية السعودية في مدينة مشهد، عندما قال، ان بلاده لا تمنع الايرانيين من أداء مناسك الحج.
وبالرغم من تأكيد القيادة السعودية على أنه لا تمنع أي مسلم من أداء مناسك الحج بل أنها تسهل عليهم ذلك، كما أن ملك السعودية يطلق على نفسه صفة خادم الحرمين الشريفين ليوحي لجميع المسلمين أن أحد مهامه هي خدمة الحجيج ومكة المكرمة والمدينة المنورة، ولكن مع كل ذلك فان القطريين لن يحجوا هذا العام، كما ان الايرانيين لم يحجوا العام الماضي، ولم يحجوا أيضا على مدى 3 سنوات متتالية 1987-1990، نتيجة ارتكاب القوات السعودية والأجهزة الأمنية السعودية مجزرة ضدهم راح ضحيتها أكثر من 400 حاج ايراني في موسم العام الهجري 1407.
وكذلك فان شريحة واسعة من اليمنيين والسوريين وخاصة أولئك الذين يقطنون في المناطق التي تسيطر عليها حركة أنصار الله وحزب المؤتمر الشعبي العام والاحزاب المتحالفة معهما، وكذلك المناطق التي تخضع لسيطرة الحكومة السورية، لم يحجوا منذ انطلاق الحرب ضد بلادهم والى هذا اليوم يعني أن 3 مواسم مرت على اليمنيين ولم يحجوا، كما أن 6 مواسم مرت على السوريين ولم يحجوا.
اذا كانت السعودية لا تمنع احدا من أداء مناسك الحج وبما أن الحج هو أحد فروع الدين ومن يرفض القيام به فانه يخرج من ملة الاسلام، فهل ياترى أن القطريين والايرانيين واليمنيين والسوريين خرجوا من ملة الاسلام ليمتنعوا عن أداء فريضة أوجبها الله جل وعلا على كل المسلمين؟
كل المذاهب الاسلامية تعتبر ان أي مسلم ينكر فريضة من الفرائض الاسلامية يعتبر مرتدا عن الدين، فهل يا ترى القطريون والايرانيون واليمنيون والسوريون أنكروا فريضة الحج ورفضوا القيام بها؟
بالتأكيد كلا، وإنما السبب الرئيسي هو أن السلطات السعودية تمنعهم من أداء مناسك الحج.
صحيح أن الحكومة السعودية لا تمنع المسلمين من أداء مناسك الحج، ووزير الخارجية السعودي لم يكذب عندما أعلن ذلك، ولكن عندما تضع السعودية شروطا تعجيزية أمام أية دولة لأداء مناسك الحج، فانها بذلك تمنع بصورة غير مباشرة مواطني تلك الدولة من أداء مناسك الحج.
المسؤولون السعوديون بما فيهم عادل الجبير، يدركون جيدا، مدى فداحة قرارهم والاحكام الدينية والاخلاقية والقانونية المترتبة عليه، لذلك يؤكدون أنهم لا يمنعون أي مسلم من أداء الحج، لأن ربنا يعتبر في سورة الحج الآية 25 كل من يمنع مسلما من أداء مناسك الحج كافرا “إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ”.
الوزير عادل الجبير أكد عدة مرات في اجتماع المنامة ان اجراءات بلاده ضد قطر سيادية، ولا يشك أحد في سيادية السعودية على أجوائها ومياهها وأراضيها وربما القانون الدولي يمنحها حق منع طائرات سائر الدول من المرور في أجوائها أو دخول السفن والقطع البحرية الى مياهها، أو دخول المركبات بكافة أنواعها أو رعايا أية دولة من دخول أراضيها، ولكن هل مكة المكرمة تخضع أيضا لسيادتها؟
من الطبيعي أن تختلف الدول فيما بينها وربما يتطور هذا الخلاف الى قطع العلاقات، ولا تشذ السعودية عن عن ذلك فطالما قطعت علاقاتها مع بعض الدول، ولكن هل القطيعة بين الحكومة السعودية وأية حكومة أخرى ينبغي أن يطال المواطنين المسلمين في تلك الدولة؟
اذا كانت السعودية توصلت اليوم الى حل ترقيعي مع ايران بشأن أداء الايرانيين للحج هذا العام، فهذا لا يعني أنها لن تواجه مثل هذه المشكلة في المستقبل مع أية دولة، لذلك عليها ايجاد حل جذري لمشكلة عدم تضرر المسلمين من قطع علاقاتها الدبلوماسية مع حكوماتهم، والا فان آية “إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ” ستطال الحكومة السعودية مهما حاولت أن تقول انها لا تمنع أي مسلم من أداء مناسك الحج.
كاتب ايراني