بعد تصريحات ترامب المهينة.. هل بمقدور السعودية مراجعة مواقفها!؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2732
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

محمد النوباني
بشكل فظ وبعيدا عن الاعراف الدبلوماسية في التخاطب مع الدول , عاد الرئيس الامريكي رونالد ترامب في التصريحات التي ادلى بها لوكالة رويترز للانياء في الثامن والعشرين من نيسان الجاري لتكرار ما سبق ان قاله في حملته الانتخابية مدعيا بان بلاده تخسر الاموال في الدفاع عن السعودية دون ان تحصل منها على نصيب عادل مطالبا الرياض بدفع المزيد من الاموال نظير تلك الحماية .
واذا كان القاصي والداني يعلمان بان هذا الكلام هو محض اكاذيب وعار تماما عن الصحة لان الحقيقة التي لا مراء فيها ان الولايات المتحدة لم تتكلف ولم تخسر سنتا واحدا نظير دفاعها المزعوم عن السعودية , بقدر ما كسبت من الاخيرة تريليونات الدولارات على شكل سرقة نفط وصفقات سلاح ضخمة واستثمارات في البنى التحتية الامريكية وودائع هائلة في البنوك من خلال تخويفها من عدو خارجي مزعوم تمثل ذات يوم بالزعيم العربي الخالد الراحل جمال عبد الناصر وبالاتحاد السوفييتي السابق , وبعد انهياره بجمهورية ايران الاسلامية في حين ان العدو الوحيد للسعودية في الواقع واشنطن نفسها ولا احد غيرها ,
ولكي لا ابدو مبالغا فيما ذهبت اليه يحضرني في هذا السياق ما قاله ذات يوم وزير الخارجية الامريكي الاسبق هنري كسنجر في معرض تعبيره عن حالة الغضب الامريكية من قرار السعودية وقف امدادات النفط لواشنطن وعواصم الغرب تضامنا مع مصر وسوريا اثناء حرب اكتوبر 1973 العربية – الاسرائيلية حينما قال : ” سنعاقب هؤلاء البدو على تحديهم لنا بحرمانهم من الثروة التي راكموها واعادتهم الى خيامهم ” وهذا ما عبر عنه ايضا وزير الخارجية الامريكي الاسبق جيمس بيكر حينما قال بوضوح اثناء حرب “عاصفة الصحراء ” مطلع العام 1991 “بان الهدف المباشر للحرب هو العراق في حين ان الهدف الاستراتيجي لها هو السعودية .
استنادا الى ذالك يمكن القول بان واشنطن تحديدا هي التي ورطت السعودية في الحرب ضد الشعب اليمني ناهيك عن انها هي التي اوحت لها بتقديم الدعم العسكري والمالي للعصابات المسلحة في سوريا لتحقيق هدفها القديم الجديد بابتزازها واستنزافها ماليا حتى اخر دولار وريال لديها من جهة وحماية اسرائيل وامنها بواسطة ادوات تمولها السعودية من جهة ثانية .
واستطرادا استطيع القول بان الهدف من زيارة ترامب القادمة للسعودية وعدا عن الابتزاز المالي هو دفع الرياض للمشاركة في حلف اقليمي (عربي –اسلامي –اسرائيلي ) يكون بماثة مظلة لتصفية القضية الفلسطينية تحت عنوان مواجهة الخطر الايراني المزعوم لا لكي يحظى حكام الرياض بعد ذالك بحصة من الكعكة الموعودة , لان اسرائيل هي التي ستحصل على كل شيء , وانما ليتم بعد ذالك استبدال نظامها السياسي بنظام آخر اكثر قبولا وملائمة للغرب .
ومن نافلة القول بان هكذا حلف في حال قيامه لن يكتب له النجاح وسيفشل كما فشلت كل الاحلاف التي حاولت اقامتها الولايات المتحدة في خمسينيات وستينيات القرن الماضي وعلى راسها حلف بغداد الاستعماري ليس لان سياسة الاحلاف العدوانية تتناقض مع المصالح العليا لشعوبنا العربية والاسلامية فحسب بل وايضا لانها تتناقض حتى مع مصالح استقرار وبقاء النظم العربية التي ربطت نفسها بعجلة السياسة الامريكية التي لا تكترث الا بمصلحة الحليفةالاستراتيجية اسرائيل فقط . ولا ترى في الاخرين سوى اتباع .
وهنا فانني لا اطالب حكام الرياض بان يحذوا حذورئيس كوريا الشمالية “كيم ايل” في تحديده للغطرسة الامريكية لانني اعرف انه ليس باستطاعتهم فعل ذالك ولكنني اطالبهم على الاقل بان يسيروا على خطى حكام كوريا الجنوبية للذين ورغم علاقات التحالف التي تربطهم بواشنطن رفضوا الاذعان لطلب ترامب دفع التكلفة المالية لنصب نظام “ثاد” الامريكي المضاد للصواريخ في بلدهم طالما ان نصبه هناك جاء في المقام الاول لخدمة المصالح الامريكية .
على هذا الضوء وطالما ان الرهان على واشنطن لا يسمن ولا يغني من جوع فان اسلم الطرق للخروج من دائرة الابتزاز الامريكي هو وقف الحرب على الشعب اليمني الشقيق وكذالك وقف دعم العصابات المسلحة في سوريا وترك السوريين يلملمون جراحهم ويعيدون بناء بلدهم , وفوق هذا وذاك وقف الضغط على الفلسطينيين لاجبارهم على قبول تسوية لا تلبي ادنى الحد الادنى من حقوقهم ولا تخدم سوى مصلحة اسرائيل .