الجبير يعود من موسكو الى مقولته القديمة بحتمية تنحي الأسد في تزامن مع تصريحات مماثلة لاردوغان..

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 3123
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

ماذا يجري في الكواليس؟ وهل خفف بوتين دعمه للرئيس السوري؟ وهل جاءت تبريرات المتحدث باسمه مقنعه؟ اليكم محاولة للفهم
عبد الباري عطوان
السيد عادل الجبير وزير الخارجية السعودي الذي يعتقد كثيرون انه نجا بأعجوبة من سلسلة القرارات والمراسيم التي أصدرها العاهل السعودي قبل أيام، وتضمنت تغييرات هي الاوسع في الدولة، ظهر في موسكو اليوم الأربعاء ليكرر في مؤتمر صحافي مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، مقولته الاثيرة الى قلبه “لا دور للرئيس الأسد في مستقبل سورية وعمليتها السياسية بصفته مسؤولا عن قتل 300 الف مواطن سوري”.
كان لافتا ان عودة السيد الجبير لتكرار هذه التصريحات بعد “صمت طويل”، تزامن مع تصريحات مماثلة للرئيس التركي رجب طيب اردوغان، وتكثيف الحديث عن مجزرة “خان شيخون” الكيميائية، وتأكيد وزارة الخارجية الفرنسية انها تملك ادلة بأن الطيران السوري، الذي قصف البلدة بالصواريخ عدة مرات، هو المسؤول عن استخدام هذه الأسلحة المحظورة دوليا.
لافروف، وزير خارجية روسيا، الذي اجرى محادثات مكثفة مع السيد الجبير، قال ان هناك “مؤامرة” تريد استخدام مجزرة الأسلحة الكيميائية لتغيير النظام في سورية على غرار ما حدث في ليبيا والعراق.
***
هذه التصريحات والمواقف المتضاربة تعكس حالة من “الغموض” فيما يتعلق بالملف السوري، والرئيس الأسد تحديدا، وما زاد من هذا الغموض تلميح الرئيس التركي رجب طيب اردوغان في مقابلته مع وكالة “رويترز″ للانباء بأن موسكو “خففت من دعمها للرئيس الأسد”، وقال ان الرئيس بوتين خاطبه قائلا “اردوغان لا تفهمني خطأ.. لست ادافع عن الرئيس الأسد ولست محاميا عنه”، ولكن ديمتري بيسكوف، الناطق باسم الرئيس الروسي سارع الى الرد على ما ورد في تصريحات الرئيس التركي بقوله ان تأكيد بوتين خلال مكالمة هاتفية مع نظيره التركي بأنه ليس محام دفاع عن الأسد لا يعني حدوث أي تغيير في الموقف الروسي”، وأوضح “التأكيد ان بوتين ليس محاميا للاسد ليس جديدا، اما طرحه في المكالمة لم يكن لأول مرة، وبوتين على الرغم من انه ليس محاميا مدافعا عن الأسد فانه محامي القانون الدولي، الذي لا يسمح باتخاذ قرارات حول مستقبل هذه الدولة او تلك من قبل شخصيات او دولة ثالثة، ومستقبل سورية والرئيس السوري لا يمكن اقراره في انقره او واشنطن او باريس او برلين او موسكو وانما من الشعب السوري وحده”.
هذا الرد الروسي يؤكد ان ما قاله الرئيس الروسي لنظيره التركي صحيح، ولكن الخلاف، او سوء الفهم، المتعمد او غير المتعمد، هو الذي يثير الجدل، فالرئيس التركي فهم اقوال الرئيس الروسي، وهو الذي على اتصال شبه دائم به، على انه ليس متمسكا ببقائه مثلما كان عليه الحال في السابق، الامر الذي شجعه، أي الرئيس اردوغان، على العودة الى مواقفه المتشددة، والقول “ان الأسد ليس عنوانا لحل منتظر في سورية، وينبغي تحرير سورية من الأسد حتى يظهر الحل”.
من الصعب علينا تبني وجهة نظر الرئيس اردوغان وتفسيراته لما ورد في مكالمة الرئيس بوتين، او “صمت” لافروف وزير الخارجية الروسي تجاه تصريحات الوزير السعودي المكررة حول مستقبل الرئيس السوري، لانه من غير المنطقي ان تتخلى موسكو عن اقرب حلفائها في وقت تعيش عملية الحل السياسي حالة من الجمود، وتواصل القوات الروسية والسورية تقدمها في الأراضي السورية، وتشهد اتفاقات التنسيق العسكري والسياسي الروسي الأمريكي حالة من الجمود في سورية والتوتر في كوريا الشمالية وأفغانستان.
لا نجادل مطلقا فيما قاله لافروف بأن هناك جهات عديدة (على رأسها أمريكا وفرنسا) تريد استخدام مجزرة خان شيخون الكيميائية لتغيير النظام على غرار ما حدث في العراق وليبيا، ولكن ما نجادل فيه ان فرص نجاح هذه المؤامرة تظل محدودة، لان سورية جزء من تحالف قوي يضم ايران وجزء من العراق وأفغانستان (طالبان) وكوريا الشمالية والصين، وتتزعمه روسيا، على عكس الحال في ليبيا والعراق في حينها.
***
السيد الجبير يجب ان يتذكر دائما ان قيادة بلاده تخوض حربا غير شرعية في اليمن، وتقتل طفلا يمنيا كل عشر دقائق، وتجوع 19 مليون يمني باتوا على حافة الموت، حسب تقارير الأمم المتحدة، وانها انتهكت وتنتهك القانون الدولي يوميا، وتنفق عشرات المليارات من الدولارات لشراء صفقات أسلحة حديثة لمواصلة اعمال القتل والحصار، وتتبرع فقد بـ 150 مليون دولار في حملة الأمم المتحدة لجمع تبرعات مالية لإنقاذ الشعب اليمني.
ما نريد ان نختم به هو تذكير السيد الجبير وقيادته بالمثل الذي يقول “من بيته من زجاج لا يرجم الناس بالحجارة”، مع التذكير بأن الظرف السعودي عندما اطلق السيد الجبير مقولته، أي قبل عامين ونصف العام، كان مختلفا كليا، وكان صندوق الاحتياطات المالية السعودية طافحا بأكثر من 800 مليار دولار، والآمال المعلقة على انتصار “عاصفة الحزم” في أيام معدودة كانت كبيرة جدا جدا.. وسبحان مغير الظروف والاحوال.