في العالم إسلامان: إسلام “سعودي معتدل” و إسلام “إيراني متطرف”..!؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2707
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

أحمد الشرقاوي
لعلنا جميعا نعرف ما الذي أوصل سمعة الإسلام والمسلمين إلى الحضيض الذي توجد في قعره اليوم، بحيث أصبح المسلم مشروع إرهابي والإسلام دين عنف مخيف من وجهة نظر الغرب الذي يحكم على الممارسات والأفعال بعيدا عن الفهم والمقارنة الموضوعية بين النص المؤسس الذي هو القرآن الكريم وسلوك من يدعون الإيمان بما جاء به من ثوابت ومبادئ وأخلاق..
لقد أصاب الإسلام اليوم ما أصاب مفهوم الإرهاب من حيث التعريف، بحيث لا يوجد هناك تعريف موحد حول ماهية الإرهاب، بعد أن اختلط الحابل بالنابل وأصبح المجرم الإرهابي “مجاهدا” والمقاوم المجاهد “إرهابيا”، وكذلك حصل مع الإسلام، بحيث أصبح الإسلام الوهابي الدخيل يدّعي زورا وبهتانا أنه دين الاعتدال والمحبة والسلام فيما تحول الإسلام المحمدي الأصيل إلى دين يشجع على التطرف والإرهاب.
والسبب يعود لطغيان السياسي على الديني وتحويل الأخير إلى مجرد سلاح يستعمل ضد الخصوم لتحقيق أهداف دنيوية نفعية لا علاقة لها بالحق والعدل، الأمر الذي نجم عنه استبعاد المعيار القرآني والأخلاقي في تقويم العامل السياسي.
بدأ هذا الأمر منذ عصر بني أمية، وتجلى في أبهى صوره مع ظهور الوهابية في شبه الجزيرة العربية التي اغتصبت الحكم قهرا بالسيف، وحين استتب لها الأمر واحتلت مقدسات المسلمين في الحجاز أفرغ كهنتها الإسلام من جوهره الروحاني لينزعوا من يد الناس القرار السياسي والسلطة التي منحها الله لهم باعتبارهم خلفاء مسؤولين عن عمار الأرض وإقامة العدل بالشرع الجماعي، فحولوا بذلك الإسلام إلى نوع من الكهنوت في خدمة أسرة إقطاعية فاسدة لا هم لها سوى تبديد خيرات الأمة ومقدراتها على حروب الغرب ضد الأمة، وصفقات السلاح الوهمية التي تعقدها مع أسيادها وأصحاب الفضل عليها مقابل عمولات محترمة ينفقها أمرائها على القمار في فنادق وكازينوهات الغرب، والليالي الحمراء في القصور المخملية حيث يجاهدون جهادا كبيرا في الخمر والمخدرات واللحم الأبيض الحي، هذا في الوقت الذي يقوم إسلامها على قطع يد الفقير الجائع سارق رغيف العيش، وقطع رأس المواطن الذي يرفع الصوت بالنقد.
والمصيبة أن إسلام الكهنة هذا تم الترويج له بقوة في العالم العربي والإسلامي منذ عقد السبعينيات، لدرجة تحول معها شرائح واسعة من الشعوب المسلمة إلى مجرد كائنات مسحورة ومغيبة عن الوعي، وبالتالي، ليس مستغربا أن نرى انقساما حادا في الرأي العام العربي والإسلامي اليوم بين الحق والباطل بسبب اختلاط الأمور على السدّج من الناس الذين عطلوا ملكة النقد والتفكير، وتمسّكوا بخطاب فقهاء الوهابية الجهلة الذين خانوا الله ودينه، وزوروا رسالة نبيه، وكرّسوا حياتهم لخدمة الإقطاع مقابل أموال ومنافع دنيوية فانية، في تحالف شيطاني بين حكام فاسدين ومستبدين وفقهاء جهلة لا هم ولا شغل لهم سوى خدمة الإقطاع ضدا في تعاليم السماء.
أقول فقهاء جهلة، لأن “الجاهل” وفق المعنى الاصطلاحي ليس هو الأمي الذي لا يعرف القراءة والكتابة، بل هو العالم بالواقع والمدرك لحقيقة الأمور، لكنه يعمل عن قصد وسبق إصرار على تحوير وتزوير الوقائع وليّ عنق الحقائق بهدف التضليل خدمة للملك المقدس في الأرض بدل الله مالك الملك الذي هو في السماء إله وفي الأرض إله.
*** / ***
لقد كنت دائما أعتبر أن معضلة المسلمين لا تكمن في الإسلام كدين بقدر ما تكمن في فقهاء السلاطين الذين أصنفهم في خانة الكهنة خدام المعبد وحراس العقيدة الذين أخضعوا الدين لتفسير سطحي دوغمائي على مقاس الحكام، تماما كما كان الحال زمن فرعون قبل أن يأتي النبي موسى عليه السلام بثورته غير المسبوقة لينزع الملك من فرعون الذي طغى ويعيده إلى مالك الملك العادل، ليعيش اليهود حياتهم الروحية في كنف الله الرحيم..
لكن اليهود انقلبوا على موسى بعد أن حررهم من العبودية والكهنوت، وانقلبوا على الله حين حرفوا عقيدة الخلاص وحولوها إلى عقيدتهم مبتدعة تعتبر ملكوت الله هو مملكة زمنية أرضية خاصة بهم دون غيرهم من العباد، وهو الأمر الذي لم يتغير إلى اليوم بحيث لا يزال اليهود يحلمون بعودة مملكتهم الوهمية في فلسطين المغتصبة وعاصمتها القدس الشريف بعد هدم المسجد الأقصى وإقامة الهيكل مكانه.
فبعث الله لهم عيسى عليه السلام بعد أن نزع العهد من نسلهم لعيدهم إلى سبيل الرشاد، ومعلوم تاريخيا ودينيا أن المسيح كليم الله عليه السلام لم يقم هيكلا ولا بنى كنيسة، بل كل ما فعله أنه ثار على المرابين اليهود في المعبد بعد أن أشبعت قلوبهم بالعجل وحولوا تعاليم موسى الروحية إلى ملك زمني مادي في ظل حكم القيصر، فوشوا به لصلبه والتخلص منه معلنين بذلك تمردهم على رحمة السماء، رافضين سلوك قيم المحبة والإحسان والقرابة في الله، مفضلين حياة الذل والعبودية والقهر في ظل الملك الإله.
ثم دار الزمن دورته إلى أن جاء محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ليكمل ثورة السماء على ملوك الأرض رافضا الجاه والمال والملك، رافعا هذه المرة شعار “الله أكبر” الذي أحدث زلزالا على مستوى الوعي غيّر مفاهيم الناس للحق والخلق، وحرر به فكرة الألوهية من خلال نزع القداسة عن سلطة الملك المستبد وإعادتها إلى صاحبها الذي هو الله العلي القدوس.
وبوضع القداسة في مستواها الطبيعي، أصبح الجميع خاضع لسلطة الله وحكمه دون فرق أو تمييز، من راع الغنم إلى الملك نفسه.. وهو الشعار الذي يعني حرفيا أن لا سلطة يمكن أن ترتفع فوق سلطة الله، ولا عبودية لغيره، ولا ولاء لأحد على أحد إلا في إطار الاجتماع في الله والتمسك بحبله، وهذا يعني في ما يعنيه، نزع السلطة الدينية من يد الحكام والكهنة ووضعها بيد الناس الذين هم خلفاء الله في الأرض يختارون وفق مبدأ الشورى بالمفهوم القرآني الواسع من يرونه أهلا للولاية عليهم.
وقد ترك الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم لأمته من الأخلاق الدينية والقيم الإنسانية منظومة كاملة يستقيم بها سلوكها مهما تغيرت الأزمنة واختلفت الأمكنة، وترك لها فرقانا جامعا كاملا غير منقوص يغنيها عن تفاسير الكهنة، ليكون بمثابة ميزان العدل والحكمة لمعرفة الحقيقة والحكم على الأمور بنور الله الذي لم ينقطع بانقطاع النبوة، ما دام الله تعالى يوحي للبشر والشجر والدواب والحجر في كل وقت وحين وإلى أن تقوم الساعة، ورفض مبدأ القداسة والرهبانية في الإسلام من أساسه، لتبقى العلاقة مباشرة بينه وبين عباده من خلال النور الذي أودعه في كلماته الحية التي لا تموت، لأن العبد عندما يقرأ القرآن إنما ينوب عن الله في النطق بحروفه وكلماته التي تتحول إلى نور من الفهم والمعرفة التي يهبها الله لمن يشاء من عباده، ولقوله تعالى (فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه).
*** / ***
مناسبة هذا الكلام مقال كتبه المتصهين المأجور عبد الرحمن الراشد بعنوان “في العالم إسلامان”، نشتره جريدة “الشرق الأوسط” وتناقلته مواقع “الإخونج” من باب الترويج لمحتواه نكاية في إيران وشيعة الإمام، والمصيبة أن الأمر هنا لا يتعلق بكاتب واسع الإطلاع في الشأن الديني، بل بكاتب سياسي تطفل على موضوع ليس من اختصاصه وعالجه من منظور إعلامي سطحي ليخلص إلى أن الإسلام المعتدل هو الذي تمثله “السعودية” ومن يدين بدينها، فيما الإسلام المتطرف هو الذي تمثله إيران ومحورها.
ولأن النظام في طهران أراد تحويل الإسلام والمسلمين إلى مطية يركبها في العالم وفق زعمه، فقد أصبحت صرخات “الله أكبر” التي ترفعها المليشيات الشيعية في المنطقة واجهة بشعة تعبر عن إسلام جديد لا يمت بصلة للمسلمين الذين عرفهم العالم وفق قوله، الأمر الذي يعبر عن جهل فظيع بالدين وبجوهر الثورة المحمدية التي بعث الله بها رسوله، وفق ما أشرنا إليه أعلاه، خصوصا في له علاقة بمعنى شعار “الله أكبر” الذي رفعه الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
ودليله على ذلك، أن مشكلة المسلمين بدأت فعليا مع الثورة الإيرانية عام 1979 بسبب ما زعمته من خلال مشروعها القائل بالدفاع عن الإسلام والمسلمين، مستخدمة العنف والحشد والتنظيم والعمل الحركي، وأنه قبل الثورة كان المسلمون منشغلين في شؤونهم ومندمجين مع المجتمعات الأخرى في سلام (في إشارة للمجتمع الإسرائيلي)، كل يحافظ على عقيدته ويمارس شعائره، مؤكدا أن إيران وحلفائها أوقعوا بالمسلمين في حفرة كبيرة أضرت بهم وبدينهم، لذلك تقف “السعودية” ضدهم لأنها والدول الإسلامية المتضررين بالدرجة الأولى من هذا الإسلام المتطرف المتمثل في إسلام “إيران” و “القاعدة” و”داعش” والتنظيمات التي تلبس السياسة بالدين وتسعى لزرع الفوضى والصدام بديلا عن السلم والاعتدال، وفق قوله.
*** / ***
هذا الكلام يقفز فوق ثوابت الدين وحقائق التاريخ وإكراهات الجغرافيا، ويحاول صاحبه من خلاله تغطية شمس الحقيقة بغربال الكذب الوقح، مختزلا بذلك تاريخ الإسلام المعاصر بظهور الوهابية التي سرقت الدين وابتلعت كافة المذاهب والتيارات الإسلامية ونصّبت نفسها وصيّا على عقيدة المسلمين لذبحهم كالخراف خدمة لمصالح أسيادها في واشنطن وتل أبيب.
لأنه إذا كان المسلم وفق التعريف القرآني هو أن أسلم وجهه لله وهو محسن، فذلك يستلزم أن ينذر المسلم الحقيقي روحه ويكرس نفسه لله تعالى دون سواه، وأن يخضع لمشيئته ويعمل بتعاليمه للفوز برضاه، ويبذل في سبيل ذلك جميع قدراته وطاقاته خالصة له تعالى دون سواه، فلا يدين بولاء إلا لله ورسوله والذين آمنوا.. فإنه من باب الاستنتاج المنطقي القول، أن من يوجه وجهه شطر البيت الأسود في واشنطن ويدين بالمحبة والطاعة والولاء لـ”إسرائيل” المجرمة عدوة الله وأمة محمد لا يمكن أن يكون مسلما بالتعريف القرآني، ولا يمكن أن يحرر فلسطين لا بالجهاد ولا بالمفاوضات العبثية، والمسحورين من أتباع الوهابية لا يمكنهم الانتظار إلى ما لا نهاية حتى يأتي رجل من مقبرة التاريخ على حمار ليحرر لهم القدس الشريف.
كما وأن من يغتصب الحكم بالقوة والقهر وينصب نفسه زعيما للمسلمين بالمال الحرام، ويعيث في العباد استبدادا وفي البلاد فسادا ويداه ملطختان بدماء المسلمين على امتداد جغرافية الأمة، يقتلهم ويهجرهم ويدمر عمارهم ويجوع فقرائهم ويقصف أطفالهم وشيوخهم ونسائهم كما يحدث في اليمن بشكل مباشر على سبيل المثال لا الحصر، لا يمكن أن يكون مسلما محسنا يتقرب إلى الله بالإجرام.
أما من حيث الحقائق التاريخية والموضوعية، فإنه وقبل الثورة الإيرانية التي يحمّلها الكاتب “السعودي” المأجور كل ما أصاب الإسلام من تشويه وما حل بالمسلمين من كوارث، فقد كانت هناك “القاعدة” التي أسسها ومولها تحديدا العاهر سلمان بن عبد العزيز الذي يحكم المهلكة اليوم بأوامر من واشنطن وفق ما كشفته التحقيقات في أحداث نيويورك وعديد التسريبات الصحفية قبل ذلك، حيث أسس بن لادن مجلس شورة تنظيمه عام 1978 من وهابيين وإخونج، وحشدت له “السعودية” الإرهابيين من كل أصقاع الأرض لمحاربة الاتحاد السوفياتي السابق في أفغانستان، وقامت المخابرات الأمريكية والأطلسية والخليجية بتدريبهم وتسليحهم وتمويلهم.
والويلات المتحدة وحلفها الأطلسي لم يخترعوا “القاعدة” التي زعمت الجهاد تحت راية “الله أكبر” ضد الشيوعية الكافرة، بل كانت مملكة الشر والإرهاب هي من فعلت ذلك حين جمعت لواشنطن شذاذ الآفاق من معتنقي الفكر الوهابي والإخونجي لتأسيس أول جيش إرهابي في التاريخ الحديث وفق اعتراف مستشار الأمن القومي في إدارة جيمي كارتر ‘زبيغنيو بريجنسكي’ الذي قال لصحيفة “لو نوفيل أوبسرفاتور” الفرنسية عام 1998 مبررا استعمال المتطرفين في الحرب ضد السوفيات في أفغانستان بالقول: “لم يكن الهدف هو تنشيط المسلمين، بل تحرير وسط أوروبا وإنهاء الحرب الباردة”، وذكرت معلومات أمريكية وبريطانية في حينه أن عدد “المقاتلين” المعتنقين للفكر الوهابي والمدربين من قبل المخابرات الأمريكية والبريطانية في أفغانستان بتمويل “سعودي” وصل إلى 100 ألف إرهابي
– فما علاقة الثورة الإيرانية بما فعلته “قاعدة” آل سعود في أفغانستان وما بعدها؟..
بقية القصة يعرفها القاصي والداني، وكيف كرّت السبحة بعد أحداث 11 أيلول/شتنبر المفتعلة التي بررت إعادة الكرّة هذه المرة لاحتلال العراق وتفكيك المنطقة العربية وتقسيمها، وما وقع في ليبيا وسورية والعراق واليمن هي حلقات متتالية من نفس المخطط الذي تديره واشنطن وحلفائها بتمويل “سعودي” وخليجي ودعم باكستاني حينها وبعده دعم أردني وتركي، وكيف خرج من صلب “القاعدة” تنظيم “داعش” وتنظيم “النصرة” وعشرات التنظيمات التكفيرية الإرهابية باختلاف أسمائها ومسمياتها حيث عثت قتلا وفسادا وخرابا في بلاد المسلمين بفتاوى من فقهاء الجهل والضلال في “السعودية”، ولم نشهد طيلة تاريخ الحركات الإرهابية الوهابية والإخونجية تنظيما واحدا أطلق رصاصة يتيمة ضد “إسرائيل”.
وما أزمة سورية عنا ببعيدة، حيث كشفت عديد التقارير الاستخبارية ضلوع مملكة الشر والإرهاب الوهابية ومن معها من أنظمة عميلة في المنطقة في تمويل وتحشيد وتمرير أكثر من 360 ألف إرهابي أجنبي دخلوا لذبح المسلمين في سورية بدعوى الثورة ضد الديكتاتورية وفي العراق نصرة لـ”السنة” الذين يتعرضون لظلم “الشيعة” وفق الدعاية “السعودية”، في ما الهدف الأساس كان ولا يزال هو ضرب المحور الممانع والمقاوم للهيمنة الأمريكية والاحتلال الصهيوني في المنطقة، بكسر حلقاته الذهبية التي تمثلها سورية والعراق بهدف عزل حزب الله في لبنان وحصاره في أفق سحقه لما يمثله من خطر استراتيجي كبير على الكيان الصهيوني المجرم.. فعن أي إسلام معتدل يتحدث هذا الكاتب “السعودي” المتصهين الوضيع؟..
اليوم أدرك العالم أجمع أن هذه السياسة الخبيثة جلبت على الإنسانية خطرا عظيما، حيث كبر الوحش وتمرد وأصبح يخبط خبط عشواء لا يرحم أطفالا ولا شيوخا ولا نساءا مسلمين ومسيحيين وغيرهم، وقد قتل من الطائفة السنية التي تدّعي “السعودية” تمثيلها والدفاع عنها أكثر بكثير مما قتل من الطوائف الأخرى، وانتهى به الأمر أن انتشر كالسرطان على امتداد جغرافية العالم، والجميع اليوم يوجه أصبع الاتهام لمملكة الشر والإرهاب باعتبارها ينبوع الفكر التكفيري المتطرف الذي أنتج الإرهاب خدمة لمصالح أمريكا و”إسرائيل”.
وبالمحصلة، يعترف العالم اليوم أن واشنطن فشلت في كل حروبها على الإسلام والمسلمين، ولم تحصد إلا الخيبة والهزيمة المذلة لدرجة بدأ الحديث عن بداية عصر أفول إمبراطوريتها المتوحشة، ومن هزمها وكسر شوكتها في المنطقة وهيبتها في العالم ليس الإرهاب الوهابي الذي كان يقاتل تحت قيادتها المباشرة وغير المباشرة، بل إيران ومحورها الذين وقفوا في وجه أمريكا و”إسرائيل” وأدواتهما الإرهابية، وقاتلوا ببسالة وشراسة منقطعة النظير في العراق ولبنان وفلسطين واليمن، وقدموا التضحيات الجسام من أجل تخليص العالم من الهيمنة الأمريكية والفتن “الصهيو- وهابية” وكل الأدوات الإرهابية التي وظفوها لتشويه الإسلام والمسلمين.
وبالتالي، فمن شوه الجهاد تحت شعار “الله أكبر” هي “السعودية” وليست إيران، ومن حمى الإسلام والمسلمين من خطر الوهابية والإديولوجيات التكفيرية المتحالفة معها هي إيران والمجاهدين الشرفاء الذي يقاتلون صفا واحدا من أجل أن يباد الإرهاب ويحيا الإسلام وينعم المسلمون والناس أجمعين بالأمن والاستقرار.
وإذا كانت كتابات مرتزقة الإعلام “السعودي” والخليجي لا تزال تغرد خارج السرب، فإن العالم تغير والشعوب المسحورة بدأت تسترد وعيها وتدرك حقيقة المؤامرة ومن يقوم خلفها، وأي خطاب يعاكس حقائق الدين والتاريخ وما يؤكده الواقع اليوم على الأرض لن يغير من قناعة الناس شيئا، خصوصا بعد أن أدرك الجميع، إلا من أعمى الله بصره وبصيرته، أن من يدافع اليوم عن الإسلام الوهابي باعتباره إسلام “الاعتدال” ويصف الإسلام المحمدي الأصيل باعتباره إسلام “التطرف”، هو صهيوني الروح والعقيدة حتى لو استخدم العربية لسانا واستعمل الإسلام عنوانا.