غصن زيتون سعودي لإيران لانهاء مقاطعتها لموسم الحج المقبل..
فهل ستتجاوب طهران مع هذه المبادرة؟ وهل زالت الأسباب التي حرمت سبعين الف حاج إيراني من اداء هذه الفريضة اسوة بغيرهم من المسلمين؟
رغم ان بيننا وبين موسم الحج المقبل حوالي تسعة اشهر، الا ان المملكة العربية السعودية بدأت الاستعداد له بلفته “تصالحية” تجاه ايران على امل انهاء مقاطعتها، وعودة حجاجها الذي يقدر تعدادهم حوالي سبعين الفا لاداء هذه الفريضة.
الدكتور محمد بنتن وزير الحج السعودي قال في تصريحات صحافية “ان حكومة خادم الحرمين الشريفين ترحب بالحجاج الإيرانيين والمعتمرين والزوار كافة من دون النظر الى جنسياتهم او انتماءاتهم المذهبية”، وأضاف “ان وزارته بدأت في عقد لقاءات مع رؤساء وفود مكاتب الحج في اكثر من 80 دولة لتنظيم الإجراءات، وبينهم وفد شؤون الحج في ايران الذي جرى توجيه الدعوة اليه للقدوم الى المملكة”.
لا نعرف ما اذا كانت تصريحات وزير الحج السعودي تعكس جدية في حل هذه المشكلة، ووجود استعداد لدى حكومته للتوصل الى اتفاق يتضمن إزالة الأسباب التي ادت الى مقاطعة ايران لموسم الجح الماضي، او انها دعوة روتينية، ومن قبل الظهور بمظهر الحريص على التعاطي مع وفود الحجيج دون تمييز، او تفرقة، فالاعلام الرسمي السعودي ما زال يحمل السلطات الإيرانية مسؤولية منع الحجاج الايرانيين من أداء مناسكهم، ويشن حملات شرسة ضد ايران ويتهمهما بالتدخل في شؤون المملكة الداخلية واثارة الفتن والقلاقل، ويؤكد ان موسم الحج الماضي كان خاليا من الحوادث والمشاكل بسبب غياب الحجاج الإيرانيين.
اذا عدنا الى الأسباب الجوهرية اللوجيستية التي أدت الى تفاقم الخلاف بين الجانبين (نضع الأسباب السياسية جانبا رغم أهميتها) نجد انها تتركز في مجموعة شروط رفضتها طهران، وابرزها ذهاب الحجاج الإيرانيين الى دولة ثالثة للحصول على تأشيرات الحج مثل الأردن، بسبب عدم وجود سفارة سعودية في طهران بعد قطع العلاقات، واستخدام الحجاج الإيرانيين وسيلة نقل جوي غير الخطوط الإيرانية، ومنعهم من القيام بأي مسيرات للبراءة من الكفار والدعاء عليهم لاسباب امنية.
المفاوضات بين رئيس هيئة الحجاج الإيرانية وممثلي وزارة الحج السعودية توصلت الى بعض الحلول الوسط التي رفضتها ايران، وابرزها اصدار تأشيرات الكترونية للحجاج الإيرانيين من قسم رعاية المصالح السعودية في السفارة السويسرية، ونقل الحجاج الإيرانيين مناصفة بين الشركتين الوطنيتين السعودية والإيرانية، ولكن الجانب السعودي تمسك بمنع مسيرات البراءة من الكفار التي أصرت عليها الحكومة الإيرانية.
الحكومة الإيرانية تمسكت بحق حجاجها في الحصول على تأشيرات من طهران لان السفر الى دولة ثالثة يحتاج الى مصاريف باهظة ليست في مقدور حجاجها ماليا، ولذلك سارعت الحكومة السعودية بتكليف سويسرا برعاية مصالحها، مثلما تمسكت أيضا بحق حجاجها في السفر على الطائرات الإيرانية اسوة بكل الحجاج الآخرين الذين يسافرون على متن شركات طيرانهم الوطنية، ورفضت التنازل مطلقا عن حقهم، أي الحجاج الإيرانيين، بتنظيم مسيرات البراءة من الكفار.
مقاطعة ايران لموسم الحج الماضي، وتضامن الكثيرين من أبناء الطائفة الشيعية في دول متعددة معها، القى بظلال سلبية على إدارة المملكة له، وظهرت مطالبات عديدة، في بعض الدول الإسلامية من قبل بعض مرجعيات إسلامية من بينها السيد علي خامنئي المرشد الأعلى، بتكوين إدارة مستقلة من الدول الأعضاء في مجلس التعاون الإسلامي تشرف على موسم الحج، متذرعين بمقتل اكثر من ثلاثة آلاف حاج دعسا امام مشعر الجمرات في الموسم قبل الماضي، وعدم معرفة حتى هذه اللحظة نتائج لجنة التحقيق التي شكلتها الحكومة لتحديد الأسباب ومحاسبة المتسببين.
المأمول ان تلبي ايران هذه الدعوة السعودية، وان يتم تطويق الخلاف الذي أدى الى مقاطعتها لموسم الحج الماضي، وتحلي الطرفين بأقصى قدر ممكن من المرونة، وعزل الخلافات السياسية جانبا، وبما يؤدي الى عودة الحجاج الإيرانيين لاداء الفريضة بيسر ودون أي عوائق، مثلهم مثل مليوني حاج يأتون من مختلف انحاء العالم.
“راي اليوم”