الحريري يحسم امره.. ويسحب بيعته السعودية لصالح تحالف “حزب الله ـ عون” ويؤكد “هويته اللبنانية”..

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1851
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

مخاطره سياسية كبيرة؟ نعم.. احتمالات الخسارة ممكنة؟.. أيضا نعم.. لكنها تظل علامة فارقة في تاريخ لبنان
بعد ان عاد السيد سعد الحريري الى لبنان منهيا مرحلة من الترحال قضى معظمها متنقلا بين باريس والرياض، واطل في الفترة الاخيرة عبر شاشات التلفزة بلحية كاملة، بدلا من “السكسوكة” التي كانت طابعا مميزا لهويته السعودية، كان واضحا ان الرجل قرر الانقلاب على تحالفاته السابقة، والتمرد على ماضيه، ورسم ملامح مستقبل لبناني صرف، والدخول في تحالفات وطنية اقرب الموقف المستقل، والتخلص من التبعية والاملاءات الخارجية.
ان يبايع السيد الحريري الجنرال عون رئيسا للجمهورية، الذي كان يقف في خندق خصومته طوال السنوات الماضية، في اطار صفقة سياسية، فهذا انقلاب من الوزن الثقيل في أوساط النخبة السياسية اللبنانية نظرا لتداعياته وتبعاته، يثبت ان صاحبه وصل الى ذروة النضوج السياسي، ولم يعد يتردد في اتخاذ القرارات الصعبة والحاسمة.
السيد الحريري اعترف في بيان انقلابه “الأول” انه يقدم على مخاطر سياسية كبرى، وقال “انني مستعد لها، مثلما أني مستعد ان اخاطر بنفسي وشعبيتي ومستقبلي السياسي الف مرة لاحمي لبنان وشعبة”.
واكد بكلمات اختارها بعناية “لبنان هو الرابح الأكبر وانه اتفق مع الجنرال عون حليفه الجديد على إعادة إطلاق عجلة الدولة والمؤسسات والاقتصاد ومنع سقوط الدولة والنظام اللبناني”.
الحريري الأول عاد بناء لبنان اعماريا، والحريري الثاني يعيد بناءه سياسيا، ويخرجه من ازمة كبيرة كادت ان تقوده الى الهاوية، من خلال اقدامه على هذا القرار الشجاع، واكد بذلك هويته اللبنانية “الاصلية”، وقدمها على هويته السعودية “المزورة”، او غير المعترف بها سعوديا ولبنانيا معا.
القيادة السعودية بارعة في خسارة الأصدقاء والحلفاء، الواحد تلو الآخر، فقد خسرت آل سلام في لبنان، مثلما انقلبت ضد آل الأسد في سورية، ونقلت علي عبد الله صالح من خانة الحلفاء الى خانة الأعداء في لمح البصر، وها هي تضم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الى القائمة نفسها، ولا نعرف من يكون التالي لانه من الصعب العثور عليه في قائمة أصدقاء وحلفاء تتآكل بسرعة.
السيد سعد الحريري تعرض الى الكثير من الاهانات في الفترة الأخيرة من حلفائه “السعوديين الجدد”، فكانوا يتهربون من استقباله، وتوقفوا عن الرد على هواتفه، واوقفوا العطاءات عن شركاته، وتمنعوا عن تسديد مستحقاتها المالية، وتقدر بمليارات الدولارات، حتى وصلت الى حالة من الإفلاس والعجز لدرجة عدم القدرة عن تسديد مرتبات ستين الفا من موظفيها.
طفح الكيل بالرجل، وانقطع حبل صبره، وقرر ان يذهب الى خصومه مصافحا، ومصالحا، ومغامرا بمستقبله السياسي، وربما الشخصي أيضا، وفي تقديرنا انه سيكون الرابح الأكبر، لانه سجل علامة فارقة في تاريخ لبنان السياسي عندما اخرجه من واحدة من اكبر ازماته السياسية واخطرها، وانحاز لمصالح شعبه في نهاية المطاف حتى لو كان مكرها.
لن نتوقف طويلا عند تهديدات السادة فؤاد السنيورة وفريد مكاري واحمد فتفت، وكل الذين هددوا بالتمرد على زعيمهم الحريري من نواب تياره، وقراره بمبايعة الجنرال عون، وعدم التصويت لصالح الأخير في الانتخابات الرئاسية، فهؤلاء استمدوا قوتهم ومكانتهم من تيار المستقبل من الحريري الاب والابن ومظلتهما الاسرية والمالية والسياسية.
السيد سعد الحريري اقدم على “وقفة عز″ وقرر التضحية من اجل لبنان، ومن المؤكد ان من ظل وفيا لتحالفه مع الجنرال عون، ومصرا على وصوله الى كرسي الرئاسة التي يستحقها، سيقدر له، أي للسيد الحريري الابن، وقفته هذه، وسيقف الى جانبه في الحاضر والمستقبل.
البرلمان اللبناني عقد 45 جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية باءت جميعها بالفشل، وظلت البلاد لاعوام بلا رئيس، الجلسة الـ 46 ستكون نهاية طريق الآلام الرئاسية اللبنانية الى قصر بعبدا، وسنشاهد في القريب الجنرال عون والحريري الابن ويديهما متشابكة على الطريق المؤدية الى تلة القصر، مسدلين الستار عن مرحلة مؤلمة في تاريخ لبنان، أخيرا سيصبح للبنان رئيس.
السعودية انسحبت من لبنان، والحريري انسحب منها.. انه احد فصول لعبة الأمم المشرقية.
“راي اليوم”