مؤتمر سعودي لـ«المعارضة العراقية»: ترويج لحلّ «الأقاليم»
تعمل السعودية على الإعداد لمرحلة ما بعد «داعش» في العراق. وفي هذا المجال، خرجت تسريبات عن انعقاد مؤتمر في الرياض، في آب المقبل، يضم شخصيات «حليفة»، لطرح «أقلمة» بلاد الرافدين
محمد شفيق
بغداد | تشهد العاصمة السعودية الرياض، في آب المقبل، تنظيم مؤتمر هو الأول من نوعه لما يسمى «القوى السنية» أو «المعارضة العراقية»، لمناقشة مصير مناطق غرب العراق بعد تحريرها من سيطرة تنظيم «داعش»، وشكل «الإقليم السني» وحدوده ومدى الدعم الدولي له.
وتعني هذه الخطوة تبنّي الرياض رسمياً قضية تقسيم العراق إلى أقاليم، وهو ما جرى الترويج له منذ سنوات في أربيل وعمان، بعيداً عن البلاط السعودي.
وتسعى السعودية، من خلال هذا التحرّك، إلى إحياء وتفعيل ملف قديم ــ جديد سبق أن اتُّهمت بإثارته وتحريك أطراف موالية لها للعمل عليه. فقد كانت عدة محافظات قد أعلنت، في أواخر عام 2011 وبداية عام 2012، إقامة «إقليم سني»، أي قبل التوترات الأمنية والسياسية التي شهدتها مناطق غرب العراق وانتهت بدخول «داعش». لكن سرعان ما فقد المشروع بريقه، وتخلّت عنه الأطراف التي تبنّته بعد فترة. وتحدثت مصادر مطلعة لـ«الأخبار» عن تفاصيل المؤتمر، مشيرة إلى أنه سيناقش مستقبل مناطق عدة في العراق، وأبرزها الأنبار، نينوى، صلاح الدين، بعد استكمال تحريرها من سيطرة تنظيم «داعش»، حيث لا تزال أجزاء من الأنبار قدّرتها السلطات العراقية بـ10% من مساحة المحافظة التي تمثل ثلث مساحة العراق تحت سيطرة «داعش». كذلك، تُعَدّ مدينة الشرقاط المحاذية لنينوى آخر معاقل «داعش» في صلاح الدين، وهي تشهد عمليات عسكرية كبيرة لتحريرها.
بادرت جماعة علماء العراق إلى التحذير من المؤتمر
وأوضحت المصادر أن المؤتمر «سيناقش شكل الإقليم السني والترويج له، خلال الفترة المقبلة، واستحصال الدعم للمشروع من بقية الطوائف العراقية، فضلاً عن استحصال دعم دولي وإقليمي تحت عنوان التهميش والإقصاء»، لافتة إلى أن «المؤتمر سيتعدى فكرة الإقليم لمناقشة القضية ربطاً بالمحافظات والمدن العراقية المختلطة»، كمحافظة ديالى وإمكانية ضم تلك المناطق للإقليم.
وأوضحت المصادر أن أبرز الحاضرين في المؤتمر سيكونون: رئيس ائتلاف «متحدون» أسامة النجيفي وشقيقه أثيل النجيفي قائد ما يسمى «الحشد الوطني»، والقيادي البارز في «تحالف القوى» العراقية ظافر العاني، ووزير المالية الأسبق المطلوب للقضاء العراقي رافع العيساوي، ونائب رئيس الجمهورية السابق المحكوم بالإعدام غيابياً طارق الهاشمي.
وفيما لم تُصدر الحكومة العراقية أو «تحالف القوى» العراقية تعليقاً رسمياً، أكد مصدر حكومي لـ«الأخبار» أن الحكومة العراقية تعارض بشدة إقامة مؤتمرات كهذا، لكونها تَعَدّ «تدخّلاً سافراً في الشؤون الداخلية للعراق».
من جهتها، بادرت جماعة علماء العراق إلى التحذير من المؤتمر، معتبرة أنه «فخ جديد يرسم لأهل السنّة في العراق». وقال رئيس الجماعة خالد الملا المقرّب من رئيس ديوان الوقف السني عبد اللطيف الهميم، في بيان له نشره على صفحته على موقع «الفيسبوك» إن الهدف من المؤتمر المزمع عقده هو «إقامة إقليم سني (طائفي بامتياز) يعني إقليم مسروق من بداية نشأته، فهو إما بيد داعش ومنظمات متطرفة أو بأيدي رجالات البعث التي لم تمت وهي في عمق الوجود تخطط وتدبر».
الملا أشار إلى أن «المؤتمر تزامن مع المرحلة الأخيرة من خطة تحرير مدينة الموصل وضياع حلمهم الشيطاني بإقامة ولاية الموصل الإسلامية، فجاؤوا لنا بمشروع جديد، وهو الإقليم السني»، مؤكداً أن «الجمهور السني سيكون أوعى وأذكى من مكر هولاء ولن يرضى بالانسلاخ عن أبناء وطنه». ودعا الملا «أهل السنة إلى ضرب المشروع المذكور بالتعاون مع شركائهم في الوطن».
من جانبه، رأى رئيس مركز التفكير السياسي العراقي إحسان الشمري، في حديث لـ«الأخبار»، أن «المؤتمر هو جزء من استمرار حلقات الاستهداف للعملية السياسية، خصوصاً إذا نظرنا للشخصيات التي ستحضر المؤتمر، وغالبيتها مطلوبة للقضاء العراقي بتهمة الإرهاب».
وأشار إلى أن السعودية تسعى لإيجاد «طائف سني عراقي»، مشدداً على أن الخارجية يجب أن تقوم بدور كبير في «ردع» المحاولات السعودية تلك، خصوصاً أنه «يُعَدّ إخلالاً بمبادئ حسن الجوار ويتنافى مع الأعراف والقوانين الدولية».
في سياق متصل، انتقدت هيئة «الحشد الشعبي» السعودية على خلفية تقرير بثته قناة «العربية»، بشأن استهداف مقر كتائب «بابليون» إحدى فصائل «الحشد الشعبي» وإصابة نائب رئيس الهيئة أبو مهدي المهندس. وقالت الهيئة، على موقعها الرسمي، إن الإعلام السعودي «دأب على مهاجمة الحشد الشعبي والاعتماد على تقارير كاذبة ومضلّلة للنيل منه». وأبلغ المتحدث باسم «كتائب بابليون» ظافر لويس «الأخبار»، أن «ما جرى في مقر حركته كان حادثاً عرضياً ناجماً عن تماس كهربائي لم يؤدِّ إلى وقوع أية اصابات بشرية أو مادية»، مشيراً إلى أن «المهندس لم يكن موجوداً في المقر، ولم يكن هناك أي اجتماع كما زعمت العربية».