لا تجديد لقيود «الحديدة»: الرياض تتفادى التصعيد
صنعاء| علمت «الأخبار» من مصادر مقربة من حكومة عدن، أن الأخيرة اقترحت على قيادة تحالف العدوان إعادة الحصار على ميناء الحديدة غربي اليمن، مبرّرة ذلك بأنها فقدت نصف إيراداتها الضريبية والجمركية التي كانت تحصل عليها قبل رفع القيود الملاحية التي كان يفرضها التحالف على الميناء حتى مطلع العام الجاري.
ووفقاً للمصادر، فإن حكومة عدن أبلغت عدداً من الجهات الديبلوماسية، ومنها سفراء الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، نيّتها استخدام ميناء الحديدة كورقة جديدة للتفاوض مع صنعاء بشأن إعادة إنتاج وتصدير النفط والغاز من محافظات شبوة وحضرموت ومأرب. وبرّرت هذا الطلب بتراجع احتياطاتها من العملات الأجنبية وارتفاع معدل العجز العام في ميزانيتها، نتيجة فقدانها أكثر من مليار دولار كانت تمثّل عائدات مبيعات النفط. ولفتت المصادر إلى أن الطلب جرت مناقشته مع السفير الأميركي، ستيفن فاجن، ومع السفير البريطاني، ريتشارد أوبنهايم، الذي هاجم صنعاء خلال كلمة ألقاها في حفل توديعه لمناسبة انتهاء فترة عمله في الرياض الخميس الفائت. وقال أوبنهايم إن «أنصار الله» يواصلون حربهم الاقتصادية على الحكومة المعترف بها دولياً، معتبراً منعهم إنتاج وتصدير النفط من المحافظات الجنوبية تصرّفاً غير مقبول ويتعارض مع مساعي السلام. المصادر أكّدت انزعاج حكومة عدن من موقف قيادة التحالف التي لم تستجب لطلبها بتحويل ميناء الحديدة إلى ورقة مقايضة بهدف إعادة إنتاج النفط والغاز، قائلة إن للجانب السعودي حساباته ومصالحه مع صنعاء ويحاول تجنب أي تصعيد جديد.
ويأتي ذلك في ظل تلويح صنعاء بتوسيع نطاق قرار حماية الثروات. إذ كان نائب وزير خارجيتها، حسين العزي، قد ذكر في في سلسلة تغريدات على «تويتر»، الأسبوع الماضي، أن حكومته تعتزم إيقاف إنتاج النفط والغاز في حقول صافر شمالي مأرب، وقال إن حزب «الإصلاح» هناك يستحوذ على ثروة الشعب اليمني، مطالباً «بتقاسم إيرادات النفط والغاز في مأرب، قبل أن نقول لكم اتركوها في باطن الأرض واشتروا من الخارج كما نشتري». وجاء التلويح في أعقاب قيام «الإصلاح» في مأرب بخصم 50% من حصة المحافظات الواقعة تحت سيطرة صنعاء من مادة الغاز المنزلي.
في موازاة ذلك، وعلى رغم الإعلان عن سلسلة خطوات تتعلّق بزيادة الرحلات من مطار صنعاء وإليه، بما في ذلك موافقة السعودية على نقل حجاج بيت الله الحرام للموسم الجاري جواً من مطار صنعاء إلى جدة، إلا أن المؤشرات تدل على أن هذه الخطوات لا تأتي في إطار بناء الثقة بين صنعاء والرياض والتهيئة لاتفاق سلام شامل، بل لإبقاء حالة اللاحرب واللاسلم في اليمن. فـ«المجلس الرئاسي» المقيم في الرياض، عبّر عن رفضه للعرض الذي قدّمه المبعوث الأممي لدى اليمن، هانس غروندبرغ، في جولته الأخيرة. ونقلت صحيفة «الشرق الأوسط» السعودية، عن مصادر في حكومة معين عبد الملك رفض المجلس للمقترحات التي قالت إنها تشرعن حركة «أنصار الله»، باعتبارها مفاوضاً وحيداً، مشيرة إلى أن صنعاء ترفض أي مفاوضات مع المجلس وتتمسّك بشروطها في الحوار مع الجانب السعودي. وقالت الصحيفة إن الوسطاء الإقليميين والدوليين أبلغوا «المجلس الرئاسي» بنفس الشروط السابقة لحركة «أنصار الله»، متّهمة الأخيرة بالسعى لفرض سيادة كاملة على الموانئ والمطارات، وانتزاع اتفاق يمنحها حقّ السيطرة الكاملة على الموارد الاقتصادية من النفط والغاز وصرف مرتبات عناصرها. ولفتت إلى انزعاج «الرئاسي» من رفض صنعاء الحوار معه، واتهمت «أنصار الله» بالتخطيط للحوار مع قوى سياسية واجتماعية يمنية من خارج «الشرعية»، وبالعمل على خلق انقسام داخل سلطات «الشرعية». وفي حين جدّد «الرئاسي» تمسّكه بخيارات السلام المبنية على المرجعيات الثلاث، وما جرى البناء عليه في مفاوضات الكويت عام 2016، واتفاق استكهولم 2018، زعم أن الهدنة لم تعد سارية وأنه من يقف وراء تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار من طرف واحد فقط.
ورحب غروندبرغ بزيادة عدد الرحلات الجوية بين صنعاء ومطار الملكة علياء في عمّان بمعدل ثلاث رحلات أسبوعياً، مع الوعد بتوسيع رحلات الطيران إلى مومباي والقاهرة، ودعا في بيان نشره على «التلغرام» إلى المزيد من التقدم نحو رفع جميع القيود المفروضة على حرّية التنقل من اليمن وإليه. وحثّ الأطراف على التوافق حول المزيد من التدابير لتحسين ظروف المعيشة في البلاد وتحقيق وقف إطلاق النار في جميع أنحاء البلاد.