دراسة: كيف استخدمت الولايات المتحدة مبيعات الأسلحة لتغيير سلوك “السعودية”

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 120
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

نشر “معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى” تحليلا للباحثة  إليزابيث دينت، والباحث غرانت روملي، حول ما أسمته تغير سلوك النظام السعودي بعد قرار الرئيس الأمريكي جو بايدن وقف تزويد “السعودية” بالأسلحة الهجومية عام 2021. الحظر الذي جاء بعد اتخاذ خطوات مماثلة من قِبل دول أوروبية أخرى، لم يشمل حظر بيع الأسلحة الدفاعية مثل أنظمة الدفاع الجوي، إلا أنه آتى أكله بحسب المعهد. وبعد ثلاث سنوات، ومع استعداد إدارة بايدن لرفع الحظر المفروض على الأسلحة الهجومية، يقول المسؤولون حالياً، مبررين، إن “السعوديين أوفوا بالتزاماتهم من الاتفاق ونحن مستعدون للوفاء بالتزاماتنا”. وسبق للولايات المتحدة أن حاولت استخدام هذه الاستراتيجية مع السعودية: ففي عام 2016، علّقت إدارة أوباما نقل الذخائر العنقودية، ثم الذخائر الموجهة بدقة، ولكن إدارة ترامب أعادت المبيعات بعد فترة وجيزة من توليها السلطة. هذا ورجح التحليل أن يعكس قرار الولايات المتحدة برفع الحظر، ما أسماه “التقدم السعودي” في بعض القضايا الرئيسية: “أولاً، جددت الرياض تعهدها بالالتزام بـ “قانون النزاعات المسلحة”، ووضع التدابير اللازمة لمنع الأضرار المدنية في النزاعات المستقبلية. ثانياً، خفضت بشكل كبير دورها في الحرب في اليمن مع تركيزها الشديد على عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة. وثالثاً، تعهدت بالعمل مع الولايات المتحدة على تحسين التدريب والتوعية للقوات المسلحة السعودية حول “قانون النزاعات المسلحة” وتجنب الإصابات بين المدنيين وحقوق الإنسان.” وتعليقا على القضايا المذكورة، رأى التحليل أنه بما يخص الجانب الأول، ” فإنه على الرغم من عدم الإفصاح عن أي شيء علناً، فمن الواضح أن السعوديين قدموا تطمينات كافية لمسؤولي إدارة بايدن لتبرير عكس هذه السياسة. وأوقفت السعودية بشكل شبه كامل حملتها الجوية في اليمن منذ وقف إطلاق النار في نيسان/ أبريل 2022، ما قلل بشكل كبير من الإصابات المدنية مع تحوّل تركيزها إلى تحقيق اتفاق دبلوماسي لإنهاء الحرب.” ونقل التحليل عن الأرقام المستمدة من مركز “بيانات مواقع وأحداث النزاع المسلح”، وجود “حوالي 41 حالة وفاة بين المدنيين بسبب القوات الأجنبية خارج اليمن بين تموز/ يوليو 2022 وتموز/ يوليو 2024، وهو انخفاض عن 100 حالة وفاة في الفترة الزمنية المماثلة بين 2020 و2022”. وأضاف التحليل أنه “بالنظر إلى الإحاطات التي قدمتها إدارة بايدن للكونغرس الأمريكي بشأن هذه القضية – والافتقار اللاحق  إلى أي رد فعل علني من الكونغرس على رفع الحظر – فمن المرجح أن التبرير الذي قدمه مسؤولو (إدارة) بايدن كان كافياً لتهدئة المخاوف المتعلقة بحقوق الإنسان.” وفي ما يتعلق بالقضية الثانية، زعم “التزام السعودية بوقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في آذار/مارس 2022، من خلال عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة، على الرغم من انتهاء الصلاحية رسمياً في تشرين الأول/ أكتوبر 2022.” ولفت التحليل إلى أنه “على الرغم من وقوع مناوشات طفيفة، فيبدو أن كلا الجانبين امتنعا عن اتخاذ إجراءات تصعيدية، حيث أفاد المسؤولون السعوديون والأمريكيون بأن محمد بن سلمان لا يرغب في إطالة أمد الصراع مع الحوثيين. حتى إن السعوديين رفضوا المشاركة، على الأقل علناً، في الجهود التي تقودها الولايات المتحدة للحد من استفزازات الحوثيين في البحر الأحمر بهدف إبقاء القنوات الدبلوماسية مفتوحة.” وذكر معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى بتصريح وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان في مقابلة أجريت معه في كانون الأول/ ديسمبر وتأكيده “إنه على الرغم من التوتر في البحر الأحمر مع الحوثيين، فإن المملكة “ملتزمة بإنهاء الحرب في اليمن… وملتزمة بوقف إطلاق النار الدائم الذي يفتح الباب أمام عملية سياسية”. والنقطة الثالثة “تتماشى مع تركيز إدارة بايدن على الالتزام بمعايير الحد من الأضرار المدنية للجيش الأمريكي، فضلاً عن شركائه وحلفائه”، وفقا للتحليل المنشور. تعديل السلوك السعودي بحسب “معهد واشنطن” فإنه “على الرغم من الضغوط العلنية من الولايات المتحدة وبعض الخطابات النارية في الحملات الانتخابية، فيبدو أن السعودية كانت راغبة في تعديل سلوكها وقادرة على ذلك مع حفاظها على علاقة وثيقة مع واشنطن”. واعتبر المعهد أنه “على النقيض من دول أخرى في المنطقة، فإن السعودية لم تعمل على تعميق علاقاتها الدفاعية بشكل كبير مع الصين أو روسيا، ولا تزال ترى الولايات المتحدة كخيارها الأساسي لشراكتها الأمنية”. وأكد على اهتمام الرياض القوي “بالتوصل إلى اتفاقية تطبيع مع إسرائيل تعمّق العلاقات الأمنية مع الولايات المتحدة”. وأن هذه النقاط تؤكد “استعداد السعودية للحفاظ على توجهها الأمني الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، رغم الحظر المفروض على الأسلحة الهجومية. وفي هذه الحالة، سمح العاملان الحاسمان – العلاقات الدفاعية الطويلة الأمد للدولة المستفيدة مع الولايات المتحدة واصطفافها الاستراتيجي مع واشنطن – للولايات المتحدة باستخدام مبيعاتها من الأسلحة لتغيير سلوك شريك ما دون الإضرار بالعلاقة الإجمالية”، بحسب رؤية الكاتبين. “تغيير إيجابي” إلى ذلك، اكد التقرير على “أن الديناميكية بين الولايات المتحدة والسعودية فريدة من نوعها”. واعتبر انها منحت “الولايات المتحدة احتمالاً أكبر بأن يؤدي التلاعب في نقل الأسلحة إلى السعودية إلى إحداث تغيير إيجابي في سلوكها”. واستند التحليل في تبرير هذا الارتباط “إلى اعتماد السعودية التاريخي على الولايات المتحدة في الحصول على الأسلحة والخدمات اللوجستية والدعم. إذ تعتمد العديد من المنصات العسكرية الأكثر تقدماً في السعودية على الأنظمة الأمريكية، سواء كانت طائرات مقاتلة من طراز “إف-15” أو أنظمة الدفاع الجوي الصاروخي (“ثاد”)  و”باتريوت”، أو المروحيات القتالية. وتتطلب هذه الأنظمة برامج صيانة واستدامة وتدريب بالغة التعقيد تعتمد على استمرار الدعم الأمريكي لإبقائها في الخدمة”. وزاد من تعقيد هذا الوضع أن دولاً أوروبية أخرى –  بما فيها تلك التي باعت “للسعودية” أيضاً قدرات متقدمة مثل الطائرات المقاتلة – انضمت إلى الولايات المتحدة في حظر مبيعات الأسلحة. وكانت الخيارات المتاحة أمام الرياض في بداية الحظر، إما تغيير سلوكها وتلبية متطلبات واشنطن أو إنفاق مبالغ هائلة لاقتناء قدرات بديلة من موردين آخرين قد يتمكنون أو لا يتمكنون من دمجها مع أسلحتها الحالية. وفي مواجهة هذا الاختيار، من الواضح أن الرياض اختارت الخيار الأول، وفقا للتحليل. علاوة على ذلك، أشار الكاتبان إلى استثمار الرياض بشكل كبير في التوصل إلى معاهدة دفاعية مع الولايات المتحدة كجزء من اتفاقية تطبيع أوسع نطاقاً  تيسّرها الولايات المتحدة مع إسرائيل. وهذه الاتفاقية، وما يتبعها من ضمانات أمنية من واشنطن، تمثل أولوية قصوى للسعودية”. وأكد الكاتبان أن اتفاقية التكبيع “ستشهد تعميق التعاون بين الولايات المتحدة والسعودية على عدة جبهات خارج نطاق الأمن، بما في ذلك التكنولوجيا النووية المدنية والذكاء الاصطناعي. وفي الواقع، فقد أفادت التقارير بأن الولايات المتحدة والسعودية كانتا على مقربة من “نسخة شبه نهائية” من الاتفاق في أيار/ مايو 2024. ومن الواضح أن إعطاء القادة السعوديين الأولوية لاتفاقية تطبيع تيسّرها الولايات المتحدة مع إسرائيل زاد من نفوذ واشنطن في ما يتعلق بحظر الأسلحة الهجومية.” ولفت الكاتبان إلى عدم تحقيق استفادة أميركية دائمة من هذه الديناميكية. إذ “سيكون من الأصعب التأثير على دول أخرى من خلال مبيعات الأسلحة، وخاصة تلك التي تتمتع بالوسائل المالية، والعلاقات المتنوعة في مجال اقتناء الأسلحة، والتوجه الاستراتيجي الأكثر ميلاً إلى التحوط في علاقاتها مع الولايات المتحدة والصين وروسيا. علاوة على ذلك، فإن من المرجح أن تنظر دول الطرف الثالث في جميع أنحاء العالم إلى قرب العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية والحظر اللاحق على الأسلحة وتستخلص استنتاجاتها الخاصة بشأن موثوقية الولايات المتحدة كمزود للأسلحة. وفي وقت تتوق فيه الصين، على وجه الخصوص، إلى تصدير أسلحتها وتعزيز شراكاتها الأمنية في جميع أنحاء العالم، فإنها لا تستطيع الولايات المتحدة تحمّل اختبار كل واحدة من شراكاتها الأمنية بهذا النوع من التقلّبات.” “السعودية”: قائد إقليمي لأجل التكامل الإقليمي نقل الكاتبان عن مسؤولون في إدارة بايدن تأكيدهم على “أهمية تمكين السعودية كقائد إقليمي، ليس فقط من أجل ما يعنيه ذلك للعلاقة الثنائية بين الولايات المتحدة والسعودية، ولكن أيضاً لما يمكن أن تفعله المملكة من أجل مبادرات التكامل الإقليمي.” وعلّق المعهد بأن “هذه السياسة تتطلب بطبيعتها أن تمتلك الرياض القدرات التي تظهر بها هذا الدور القيادي، والحكمة الكافية لممارسته بمسؤولية”. وفي الختام، أكد التحليل على ما وصفه “نجاح حظر الأسلحة الهجومية في هذه الحالة لأنه كان يستهدف تغيير سلوك معين – وفي هذه الحالة، إنهاء الحرب في اليمن ومنع وقوع المزيد من الضحايا المدنيين. “ ورجح الكاتبان “أن تجد الولايات المتحدة أن قدرتها على استخدام مبيعات الأسلحة كوسيلة ضغط في المستقبل ستكون محدودة عندما لا تتكرر هذه الظروف. ولكن، في هذه الحالة، يبدو أن حظر مبيعات الأسلحة الهجومية قد عمل لصالح واشنطن”.