منظمات حقوقية تدين “النظام السعودي”: بين استضافة مؤتمر حوكمة الإنترنت ومضاعفة سياسة تكميم الأفواه

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 131
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

شكّل انعقاد مؤتمر حوكمة الإنترنت في الرياض محط انتقاد شديد من جمعيات ومنظمات حقوقية عالمية؛ على خلفية حجم الانتهاكات التي تمارسها “السعودية” بحق أبناء البلد والتناقض بين رمزية وأبعاد المؤتمر وواقع مكان انعقاده. يُعدّ تعزيز حقوق الإنسان في العصر الرقمي من أبرز الموضوعات التي سيتناولها المنتدى السنوي المختص بالسياسات العامة الرقمية الذي سيُعقد في الفترة من 15 إلى 19 ديسمبر/كانون الأول 2024. وهو ما أثار حفيظة 40 منظمة حقوقية ومنظمة مجتمع مدني. المنظمات والجمعيات الـ40 أصدروا بيانا مشتركاً مستنكرا الحدث، سلّطت المنظمات فيه الضوء على النفاق المتمثل في استضافة السعودية لمثل هذا الحدث بينما تواصل اعتقال الأفراد، وإخفاءهم قسرًا، وترهيبهم لإسكاتهم. قالت أنياس كالامار، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية التي كانت أحد الموقعين على البيان، أنه “أمام السلطات السعودية 100 يوم قبل بداية منتدى حوكمة الإنترنت لتثبت جديتها في التخفيف من حملتها القمعية ضد حرية التعبير، وعليها أن تستغل هذا الحدث كفرصة لتنفيذ إصلاحات حقيقية، بدلًا من استخدامه كجزء من حملة دعائية لتلميع صورتها”. معتبرة أنه “يتعين على السلطات السعودية الإفراج عن جميع المحتجزين تعسفيًا لمجرد ممارستهم حقهم في حرية التعبير على الإنترنت، قبل بدء منتدى حوكمة الإنترنت، ذلك لتبرهن أن استضافتها للمؤتمر حول مستقبل الإنترنت ليست مجرد عملة دعائية فارغة”. وتابعت كالامار: “كشف مثل هذه القضايا عن الحقيقة المظلمة للقمع الشديد الذي تمارسه السلطات السعودية ضد حرية التعبير عبر الإنترنت. إذا كانت السلطات السعودية جادة في توليها دورًا قياديًا عالميًا في بلورة السياسات العامة الرقمية، فعليها أولًا أن تثبت التزامها باحترام حق الجميع في حرية التعبير. وذلك من خلال إصلاح القوانين المبهمة التي تجرّم التعبير عن الرأي، مثل نظام مكافحة جرائم المعلوماتية، ووضع حد نهائي لحملتها القمعية ضد المعارضين، سواء عبر الإنترنت أو خارجه”. ووفقا لتعريف الأمم المتحدة تشير حوكمة الإنترنت إلى “تطوير وتطبيق المبادئ والأعراف والقواعد وإجراءات صنع القرار والبرامج المشتركة التي تشكل تطور واستخدام الإنترنت من قبل الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني، كلٌ حسب دوره”. البيان أكد على أن استضافة “السعودية” للمنتدى يتعارض مع قيم المنتدى المعلنة. معطيا واحدا من أكثر الحالات دلالة على هذا القمع هي حالة أسامة خالد. أسامة خالد هو طبيب سعودي ومسؤول إداري في موسوعة ويكيبيديا عمل على إتاحة المعرفة ذات المصادر الموثوقة مجانًا على المنصة. ووفقًا للمعلومات المتوفرة لدى المنظمات الموقعة على البيان، يقضي أسامة خالد حاليًا حكمًا بالسجن لمدة 32 عامًا بتهم ملفقة بـ “التأثير على الرأي العام” و”المساس بالآداب العامة”. وقد اعتُقل في صيف 2020 إلى جانب مسؤول إداري آخر في ويكيبيديا في “السعودية”، وهو زياد السفياني. هذا وذكر البيان حالة المعتقلة سلمى الشهاب، وهي طالبة دكتوراه وأم لطفلين تبلغ من العمر 35 عامًا، فتقضي كذلك حاليًا حكمًا مطوّلًا يفتقر إلى المنطق بسبب منشوراتها على وسائل التواصل الاجتماعي الداعمة لحقوق المرأة. وفي 25 يناير/كانون الثاني 2023، أعادت محكمة الاستئناف الجزائية المتخصصة الحكم عليها بالسجن لمدة 27 عامًا يليها حظر سفر لمدة 27 عامًا، بعد محاكمة فادحة الجور. إلى جانب عدد من الحالات التي استذكرتها المنظمات، تنوّه إلى أنه تبيّن من هذه الحالات أن السلطات السعودية تشن حملة قمع مخيفة على حرية التعبير، مؤكدة أنها ليست حالات منعزلة. فقد احتُجز عشرات الأشخاص في السعودية، بمن فيهم زوار للبلاد، لمجرد تعبيرهم عن آرائهم على الإنترنت. نتيجة لما سبق، يلفت البيان إلى أن العديد من النشطاء ومنظمات المجتمع المدني، الذين يواظبون عادة على حضور فعاليات منتدى حوكمة الإنترنت، اختاروا عدم السفر إلى السعودية، خوفًا من عدم تمكنهم من المشاركة بأمان وحرية في أعمال المؤتمر. المنظمات الـ40 ختمت بيانها ببعض التوجيهات منها أنه: على السلطات السعودية الإفراج فورًا ودون قيد أو شرط عن أسامة خالد وزياد السفياني ومناهل العتيبي وعبد الرحمن السدحان وسلمى الشهاب ومحمد بن ناصر الغامدي وكافة المسجونين ظلمًا بسبب تعبيرهم عن آرائهم على الإنترنت. معتبرين أن من شأن ذلك أن يشكل خطوة أولى حاسمة تثبت جدية مسعاها لقيادة الإصلاح في مجال حوكمة الإنترنت. مستدركة أنه “يتعين كذلك على جميع المشاركين في منتدى حوكمة الإنترنت -بمن فيهم الدول والمنظمات الدولية والأفراد- المطالبة بإطلاق سراح المحتجزين ظلمًا بسبب تعبيرهم عن آرائهم على الإنترنت، وإلا فإنهم يخاطرون باستخدام حضورهم في منتدى حوكمة الإنترنت لتلميع انتهاكات الحكومة العازمة على إسكات جميع الأصوات الناقدة عبر الإنترنت”. منظمة العفو الدولية: أفرجوا عن الأصوات المطالبة بالحريات في “السعودية” في سياق متصل، أصدرت منظمة العفو الدولية بشكل منفصل تقريرا أكدت فيه تكثيف النظام السعودي حملته لإسكات جميع الأصوات الناقدة في البلاد. واكدت أن مجرد منشورات على منصات التواصل الاجتماعي، يُنَادي أصحابها فيها بإجراء إصلاحات في مجال حقوق الإنسان أو يُوجهون فيها انتقادات للسلطات، قد تؤدي إلى سجنهم لعقود من الزمن أو منعهم من السفر أو حتى الحكم عليهم بالإعدام. وأكد التقرير الحقوقي قيام “السلطات السعودية، بالتوازي، بحملة علاقات عامة مكلفة لتصدير صورة تقدّم برَّاقة إلى العالم، مع استجلابها للمشاهير من الرياضيين والفنانين، لصرف الانتباه عن سجل حقوق الإنسان المروع في المملكة.” وفي التفاصيل، بيّن التقرير أنه “في 9 يناير/كانون الثاني 2024، أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة في السعودية على مدربة اللياقة البدنية مناهل العتيبي البالغة من العمر 30 عامًا حكمًا بالسجن لمدة 11 عامًا استنادًا إلى تهم ملفقة تتعلق بالإرهاب. ولماذا؟ لأنها غرّدت على منصة أكس دعمًا لحقوق المرأة”. وأشار التقرير إلى أن “السلطات السعودية تتَّبع نهجًا لا يتسامح مطلقًا مع كل ما تعتبره انتقادًا. إذ تُوقَّع على الأشخاص البعض من أقسى العقوبات التي وثقتها منظمة العفو الدولية في السعودية بسبب ممارستهم الحق في حرية التعبير، وتشمل العقوبات السجن لعقود من الزمن والمنع من السفر وعقوبة الإعدام”. ولفتت إلى أن المدافع عن حقوق الإنسان محمد القحطاني لا يزال مسجونًا بسبب عمله في مجال حقوق الإنسان، على الرغم من إتمامه لمدة الحكم بسجنه 10 أعوام في العام الماضي. وطالت حملة القمع أيضًا أفرادًا لم ينخرطوا قبلًا في أي أنشطة حقوقية سياسية. وذكرت أن النظام السعودي “حكم على المدرس المتقاعد محمد بن ناصر الغامدي بالإعدام بسبب انتقاده للسلطات عبر حسابيه على منصة إكس (تويتر سابقًا)، علمًا أن إجمالي عدد متابعي الحسابين يبلغ 10 أشخاص فقط.” “وتقضي سلمى الشهاب، وهي طالبة دكتوراه وأم لطفلين، حكمًا بالسجن لمدة 27 عامًا، يليها منع من السفر لمدة مماثلة، على خلفية منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي دعمت فيها حقوق المرأة” يتعرَّض حاليًا عبد الرحمن السدحان، عامل إغاثة بالهلال الأحمر، للإخفاء القسري، وهو مسجون منذ مارس/آذار 2018. وقد حُكِم عليه بالسجن لمدة 20 عامًا، يليها منع من السفر لمدة 20 عامًا، بسبب تغريداته الساخرة. وفي الوقت الذي تشهد فيه “السعودية” هذا الكم من القمع الصارخ، لفتت العفو الدولية على انفاق “محمد بن سلمان مليارات الدولارات في استعراض لافت للأنظار يهدف إلى التعمية عن هذا القمع، لتلميع صورة المملكة وإخفاء الحقيقة.” وأكدت المنظمة أنه “بينما تُواصِل السعودية تيسير جميع السبل كي تحقق حملة العلاقات العامة لديها غايتها المنشودة، علينا أن نرفع أصواتنا من أجل الأشخاص الذين طالتهم الحملة التي تشنها السلطات لقمع الحق في حرية التعبير”. رأت أن السكوت لا يُشترى.  وأضافت “بادروا بالتحرك الآن وطالبوا السلطات السعودية بالإفراج عن جميع المُحتَجَزين ظلمًا لممارسة حريتهم في التعبير”. يذكر أن منظمة قسط لحقوق الإنسان نشرت، مؤخرا، نتائج دراسة أجرتها على عينة من المهاجرين من “السعودية” نتيجة هذه الزيادة في نسب المهاجرين أو اعداد طالبي اللجوء، تبيّن لها من خلال الدراسة أن زيادة قمع الحريات كسبب يحتل المركز الأول في مسببات الهجرة بين المهاجرين السعوديين.